الصديق بودوارة - الكرسي الهزاز

سأشتريه ..
هذا الكرسي الفاتن.. الهزاز.. يتحرك إلى الأمام بما يعادل النصف خطوة ثم يعود إلى الوراء مثلها.. وبين الخطوة المجزأة إلى نصفين تشعر وكأنك سلطان يتربع على عرشٍ من ذهب ..
في الواقع كنت مغرماً به منذ فترة.. علاقة قديمة جاوزت السنوات السبع.. غرام حقيقى.. بينى وبينه.. ذلك الكرسى المنشود.. الأمل.. الهدف..
صحيح انه ليس نفس الكرسى في كل مرة.. إذ انه يغادر واجهات العرض من حين لآخر.. لكنه دائماً يعود بحلة جديدة وطراز جديد.. الغريب ان سعره لم يتغير.. رغم تقلبات الأسعار.. ورغم التخفيضات وموجات الغلاء وتدفق البضاعة من كل مكان.. السعر لم يتغير. طيلة السنوات السبع العجاف التى مرت بدون ان احصل عليه كان ثمنه لا يتجاوز الثمانون دينار.. فقط .. لاغير .
صحيح ان هذا المبلغ يبدو معقولاً بعض الشئ.. لنقل مبالغاً فيه.. أو لنعترف اخيراً انه يستحقه.. هذا الكرسى الهزاز البديع.. قطعة فريدة من خشب الصندل وأريكة ناعمة من القماش الفاخر.. ورجلين على هيئة نصف دائرة يتكفلان بمنحه اسمه القريب إلى قلبى.. الكرسى الهزاز .
يوماً ما سأتمكن من شرائه. لا يهمنى الأمر.. انأ مبذر بعض الشئ.. هذا اذا تحصلت على فائض من المال.. مثلاً عندما يقبل اول الشهر واستلم مرتبى .. يحدث هذا كل شهر.. بالتحديد في مطلع كل شهر.. منذ سبع سنوات.. استلم مرتبى.. واقرر التوجه مباشرة إلى حيث يُباع الهزاز.. صحيح ان حماستى تتضاءل قليلاً ويبدأ عقلى في إجراء بعض الحسابات البسيطة التي تقنعنى بعد ربع ساعة فقط بتأجيل صفقة الهزاز حتى ادفع ديون محل المواد الغذائية ثم قسط المكتبة الخشبية الأنيقة التي اسضافت كتبي المبعثرة بعد طول شتات.. (حسناً ) أهمس لمرتبى: (لا زلت قادراً بعد هذا على دفع ثمن الهزاز.. لنواصل المسير إذن).. لم يعد متبقياً سوى مصاريف الأولاد وبعض لوازم البيت.. ولامانع من استبقاء جزء لشراء قميص او إمداد مطبخ البيت برائحة اللحم الغائبة عنه منذ فترة.. حسناً.. عندما يتوفر كل هذا لن يوقفنى شئ عن شراء الكرسى الهزاز ولكن ليس الآن.. لنقل إن هذا سيحدث قريباً جداً.. في مطلع الشهر القادم.
أنا الآن أقف عند باب ذلك المحل المكتظ بقطع الأثاث.. أتأمل ذلك الكرسي الهزاز البديع.. انه تصميم حديث.. قطعة رائعة من خشب الزان هذه المرة مع وسادة لينة من قماش فاخر.. الغريب ان ثمنه لم يتغير بعد.. ثمانون دينار لا غير.. صحيح اننى الآن على مشارف السنة الثامنة من تاريخ قصة علاقتي به.. لكنى ساشتريه يوماً.. هذا الهزاز الفاتن.. الذي يتحرك إلى الأمام نصف خطوة ثم يعود مثلها إلى الوراء .
* عن arabicstory-net

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى