دلال أبو طالب وأيمن دراوشة - أم قطيطة.. قصة قصيرة

كانت تقف أمام باب بيتها المتهالك، والناس يروحون ويجيئون أمامها، لكن نظراتها كانت تتخطاهم وتنظر إلى ما وراء التلة المواجهة لبيتها.

تذكرت يوم رحل عنها أبناء أختها المتوفاة الذين ربتهم منذ الصغر وتركوها وحيدة. تلك الليلة كانت تجلس في بيتها تبكي.

فجأة ركزت سمعها على صوت قطة لا تتوقف عن المواء.

أثار الصوت فضولها، فهو لم يهدأ منذ ساعات.

نظرت من النافذة فلم تجد أي قطة.

خرجت من بيتها ووقفت عند الباب لترى مصدر هذا الصوت. بحثت في كل مكان، لكنها لم تجدها، ولا زال الصوت مستمرًّا حتى لفت انتباهها لوح من الخشب ملقًى على الأرض.

قربت أذنها من لوح الخشب، ثم رفعت اللوح رغم ثقله، فوجدت القطة أسفله.

كان الظلام في بدايته، فلم ترها جيِّدا، فحملتها وأخذتها إلى بيتها.

تفحَّصتها جيدا لتجد إحدى ساقيها وقد كُسرتْ من ضغط لوح الخشب على ساقها.

منذ ذلك اليوم أصبح كل اهتمامها مركَّزًا تجاه تلك القطة حتى شُفيت تمامًا.

هذا ساعدها على تخفيف حزنها بسبب فراق أبناء أختها.

كانت القطة شقية جدًّا، وتحبُّ اللعب؛ لذلك فرح بها أولاد الجيران وأطلقوا مسمى " أم قطيطة " على تلك المرأة العجوز.

لم يكن أحد من أبناء الجيران يستطيع أن يمسك القطيطة، فقد كانت تقفز كالبهلوان؛ لتستقر في حضن العجوز، وتنظر للأولاد بغيظ.

كانت العجوز تطعمها بيديها، فحقد هؤلاء الأولاد على قطيطة، وصمَّموا على النيل منها.

ذات يوم أحضروا مصيدة للفئران، وقاموا بوضع قطعة من اللحم بها، فانطلت الحيلة على قطيطة ووقعت في المصيدة.

منذ ذلك اليوم اختفت قطيطة، ورغم بحث المرأة العجوز المتواصل عنها إلا أنها لم تجد لقطيطة أي أثر.

أمَّا الأولاد فكانوا يتظاهرون للعجوز بالبحث عن قطيطة، بينما هم يتضاحكون فيما بينهم.

فقدت العجوز الأمل بالعثور على قطيطة، فامتنعت عن الطعام، وأمضتْ وقتها تسير في الشوارع بحثًا عنها دون جدوى.

لم تعد العجوز قادرة على المشي ولا تستطيع البحث عن قطيطة، كما أنها لم تتوقف عن البكاء.

رأى الأولاد حال العجوز وقد زادت سوءًا، فشعروا بتأنيب الضمير، وقرروا إعادة القطة للمرأة العجوز.

كان هؤلاء الأولاد الأشقياء قد حبسوها في بيت مهجور بعيدًا عن القرية، ولم يكتفوا بذلك، بل يذهبون إليها؛ لتعذيبها ومنحها القليل من الطعام والشراب، وكانوا يجدون في ذلك متعة بعد أن انقطعت من قلوبهم الرحمة متناسين أن ديننا الحنيف حثَّ على الرفق بالحيوان وحسن معاملته.

قرر هؤلاء الأولاد أن يعيدوا القطيطة إلى العجوز بعد أن شاهدوها وقد أشرفت على الموت حزنًا على قطتها.

فتحوا باب بيتها قليلًا، وأدخلوا القطة.

وما ان رأتها العجوز حتى قامت من سريرها واحتضنتها بكل حب وحنان، فيما كانت القطيطة تموء وتقبل العجوز بكل فرح وسرور.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى