عبد الحق أيت الحاج - الكتابة ليس أن تكتب!

الكتابة أن ترى.. وأنا لا أرى فقط، أنا أعاشر الأشياء التي أكتب عنها، أربت على كتف الحزن وهو يرمقني بعينيه الكئيبتين. أبتسم للألم ابتسامتي الفاترة وأرسل لصف الكلمات المنتظر زفيري السوداوي.. صدقني إن الكتابة جحيم ولعنة.. في الجحيم حشرت مكروها وباللعنة أصبت..
الأشياء التي أكتب عنها تلعنني كأنها ملائكة تسبح باسم الله أناء الليل وأطراف النهار. أنا أنزف على عتبة الحياة كجندي مغدور من طرف كتيبته.. عاد لعتبة منزله ومات قبل أن يبتسم لزوجته ابتسامته الأخيرة وقبل أن يقبل ابنه الوحيد قبلته الأولى!

أنا حالم منذ الأزل وسرمدي الروح وممتد الوجع والألم، اكتب عن كل هذا الخليط الذي أكونه..

الحزن احساس مقدس، يأتيك كملاك مرسول من قلعة روادها بؤساء أفذاذ.. يأخذ الرسول بيدك على مهل ويأتي بك لحراس قلعة الوجع، يسلمك المفتاح دمعة... تلجه في قفل الغصة المرة التي هي ريقك الأخير في صحراء الظمأ القفراء التي لا نبات فيها إلا نبات السموم ولا ماء فيها إلا وكدر برياح الانتحار الذي لا مناص منه...

إني اكتب حتى لا أمزق ما أرتديه وأخرج عاريا أواجه وأوجه وابلا من الشتائم المقدعة التي أنتظر وينتظر عامة الناس أن تلقى في وجه أول ضحية...

إني أنزف بالمداد وأشرح روحي بالقلم واكتب حتى أغتصب البياض الساخر مني أنا المغضوب علي والذي غشيت عني الحياة ولما نهضت غادرتني مهاجرة إلى حضن رجل يشعرها بدفء طافح أكثر مما أفعل أنا المريض بالألم والمنخور باليأس والمحطم بأقدام الرفس التي جعلتني عتبة المسح.. تمسح فيها أدران أحذية بالية جاءت من كل صوب وحدب..

إني أكتب ﻷتقيأ كل الخبائث والأمراض التي يحملها البشر في معدة ممتلئة بفيروس الوجود..
إني أكتب!

عبد الحق أيت الحاج

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى