إيناس سيد جعيتم - القيود الناعمة.. قصة قصيرة

خرج من البيت مسرعًا متحررًا من قيود كبَّل نفسه بها عن طيب خاطر، قفز درجات السلم في خفة ملقيًا على كل درجة منها أحد أغلاله ، ما إن وصل الشارع حتى طفت خطواته وكأن قانون الجاذيبة قد تغير خصيصًا من أجله، تنقل بين المواصلات غير عابئ بالزحام ، وصل ووقف منتظرًا صديقه على الباب بلهفة ، متطلعًا للدخول ، ما أن لمح صديقه حتى تغيرت ملامحه ، بدأت الخطوات الرفيعة التي رسمها حول عينيه الزمن في الزوال ، دخل المقهى في تبجيل واحترام، سار وسط الدخان المتصاعد من النرجيلات تفوح منه روائح غريبة محببة ، وصل لمكان تجمع الأصدقاء وتهللت أساريره عندما نادو اسمه في ترحيب ، تطايرت الشعيرات البيضاء من رأسه ، جلس الجميع ما بين مستمعٍ ومتكلمٍ يعزفون على نفس الموجة ، نادوه فلبى، وقف واتجهت نحوه الأنظار، سرت النشوة في عروقه مع انسياب الكلمات بين شفتيه، اهتز وقد سحرت كلماته الآذان ودارت الرءوس، يراهم مأثورين مأخوذين هائمين معه ، سرت القوة في جسده ، وامتلات عروقه شبابًا وعنفوانًا مع صيحاتهم (الله ينور) ارجعته كلمات الاستحسان عشر سنوات للوراء ، أمضى أمسيته منصتًا مستمتعًا متباهيًا ، يمر الوقت سريعًا ، ويحين وقت الفراق ، يجرر قدميه ويلملم كل ما نفض عنه في طريق العودة ، يفتح الباب فيجد زوجته بانتظاره وبجوارها تكومت الأغلال المخملية ، طوقت رقبته بابتسامتها ، ولفته بأغلالها الناعمة ، بحضن دافئ وسؤال عن حاله ، ثبتت الأغلال بأوتاد في الأرض عندما جري أولاده عليه منادين اسمه محتضنينه، دثر نفسه بالقيود الناعمة، وعاد زوجا وأبا .


إيناس سيد جعيتم




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى