إبراهيم بجلاتي - في هذه المدينة..

في هذه المدينة
شوارع تحمل أسماء الخلفاء الراشدين
شيوخ الطرق الصوفية
أعلام المماليك
ورجال الدولة الحديثة
على جانبيها جهنميات بنفسجية
بيوت ذائبة
في بياض الياسمين
وحمرة البونسيانا في سبتمبر الساخن
راسخة
كالحقائق القديمة
خفيفة كقطعان السحاب
بسقوف عالية
وسلالم تنعس في برودة الرخام
على النوافذ تيجان من الورد
وعلى كل باب
من أبوابها الكبيرة
رأس أسد درامي
من فوقه مشكاة ملونة
وفي فمه تعشش الطير
بيتنا
لم يكن من هذه البيوت
على تخوم المدينة
في حي عشوائي حديث
صاحب البيت فلاح
دخلت أرضه كردون المدينة
فاعتزل القطن والفول
وصعد بالبناء خمسة طوابق
غطى أحمر الطوب بالإسمنت
وتركه بلا لون
وسط عمائر رمادية جديدة
وعلى بابه الضيق
وجه امرأة تصرخ
وتخرج من رأسها ثعابين
غريبة على المكان
غريبة في المكان
كانت أمي تخيفني بها
وكنت أعبر الباب بسرعة خائفا
لم تقل أن نظرة منها
تحيل العابرين إلى حجر
أبي قال لي: هذه رأس ميدوزا
مسروقة من فيلا تاجر يهودي
وأن هذه الفيلا صارت مكتب الصحة
ثم مدرسة
"ثمرة الحياة الإبتدائية "
بالقرب من حديقة الحيوان
وشركة النصر للتليفزيون
وقال أيضا :
كانت جميلة بشكل أثار غضب الآلهة
فقطعوا رأسها
بعدها صرت أعبر الباب آمنا
أحدق في العينين
والثعابين
والفم المفتوح
بلا ضغينة
لا أعرف متى اختفت من مكانها
وتركت فوق الباب علامة
كأنها ختم زائف
أو ندبة عميقة
لجرح أفرط في الالتئام

18/3/2016

# امس التراب عن مرآة مذهبة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى