محمد الرياني - نجوم.. قصة قصيرة

تتزاحمُ النجماتِ من فوقهما على السهر، يسمران وقد توزع الضوءُ في الطبقِ العلويِّ الذي فوقهما ، أمامَهُ طبقٌ من الكعكِ وملعقةٌ ذهبية ، وأمامَها طبقٌ آخر، طبقُها لؤلؤيٌ بلونِ النجوم وملعقةٌ بيضاء ، أقربُ نجمٌ يكادُ يسقطُ بينهما من لمعانِه في ليلٍ أسودَ لايُرى فيه إلا بياضُ النجومِ ولونُ أسنانهما لحظةَ المرح، يمازحُها بأنه الأسرعُ في التهامِ قطعةِ الكعك، بينما هي تتباطأ وتعتذرُ بأنها لاتستطيعُ الانصرافَ عن النظرِ إلى السماء، تَرى أن السوادَ الذين يزينه البياض يفتنها، فعلَ مثلَها واتجهَ ببصره نحو أقربِ النجوم والملعقةُ في فمه، لا يعرفُ كيف سطت ملعقتُه على طبقها اللؤلؤي، أمسكت بيده وهو يظنُّها مشغولةَ البال ، قسَّمت مامعها ووضعت النصفَ عندَه ، أخذَ ملعقتَها ليجدَ ريحَها، لم يمكث كثيرًا وهو يلتهمُ قطعةَ الكعك التي أعطته، نظر إلى النصفِ الذي أبقته لها فلم يتغير منه شيء، قال لها :النجومُ أكبرُ من كلِّ الأرض ولن تستطيعي وضعَها على مجرَّدِ ملعقة، ضحكت على تعجيزه لها والليلُ ينتصفُ والنجومُ تزدادُ تلألؤًا، اقتربت منه وأخذت القطعةَ الأخيرةَ وألقمتهُ بها، قالت : إنها لاتريد أن تأكلَ شيئًا حلوًا في هذا الليل، دبّت فيه الغيرة وهو يرى عينيها تغازلُ النجومَ بالنظر وتتركه، شعرَ بالضيقِ وانصرفَ بوجهه عنها وتركها وحدَها، جاءت وجلست بجانبه وقالت انظر إلى النجمِ القريب الذي يكادُ يغطي بنوره على البقية، لم يعرها اهتمامًا من أجلِ أن يعرفَ قدرَه عندها، وضعت إصبعَها بالقرب من عينيه وكررت :انظر إلى النجمِ قبل أن يغيبَ أو أن يقلَّ وهجُه، نظرَ معها، التقى بصرُه وبصرُها ثم نظرا إلى أعلى، وضعت وجهَها في وجهِه، قالت : أنتَ طعمُ الشيء الذي لم أطمعه الليلة، أنتَ النجمُ الذي يضيء في سمائي، مدَّ رجليه كي ينظرَ معها إلى النجوم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى