- رسائل من نازك الملائكة الى اهلها تتحدث عن معالم المدن العراقية

الى شقيقتها سها الملائكة

البصرة في 10-2-1947
عزيزتي سها
ها انا أبرّ بوعدي فأمسك بالقلم لأسجل طائفةً من الحوادث العابرة التي مّرتْ بي وبمن معي، خلال سفرنا الطويل عبر القسم الجنوبي من العراق، نحو البصرة، بلد النخيل وربيبة شط العرب المتكون من التقاء دجلتنا وفراتنا الحبيبين.
حَسَنً... لقد انطلق بنا القطار الرومانسي في السادسة والنصف من بغداد،ولا أكتمكِ انني رغم المرح الذي كان يحيط بي، قد عثرتُ على كآبتي الطبيعية في منظر الشمس الغاربة الشاحبة، وفي جموع المودعين على رصيف المحطة، ثم وجدتُها في اعماق نفسي!
ولما تحرك القطار، يشقّ قلب الليل الى البصرة، اتكأت على النافذة ورحتُ أرقب الظلام الدامس غافلةً عن الحوار الذي يدور بين رفيقاتي وأنتِ تعلمين بمقدار شغفي بالظلام والسكون

ولا عجب فأنا عاشقة الليل، وتستطيعين أن تتخيلي مقدار اندماجي في مثل ذلك الجو أن كان مصحوباً بنغمة القطار، ونقيق الضفادع الذي يتعالى كلما وجد الماء في تلك القفار المجدبة. ست عشرة ساعة ياصديقتي الصغيرة سها، ونحن نطوي تلك القفار، وان كانت عشر الساعات الأولى ليلاً وماتبقى نهاراً. وكم يروقني أن أصف لكِ الحماسة التي اعترتْ قلبي عندما راقبت طلوع القمر ثم شروق الشمس خلال ذلك، فمن قلب الظلام الدامس أنبثق ذلك القلب الحي الذي نسميهِ بلغتنا ((القمر))، فسيطر على عواطفي بيد من حديد، وحملني على جناحيه الى عالم الأحلام الشعرية وهناك ألقاني بعد أن زوّدني بجناحيه!! والفجر يأختي، الفجر في تلك القفار الممتدة الى مدى الطرف شيء سحري لا أحسب قلمي البشري قادر على الاحاطة بالجزء الاصغر من معانيه ولذلك أقف مما أريد عند هذا مقتنعة بأن أحدثكِ عما سواه من مشاعري. وقد حدث أن تناولنا طعام العشاء في بلدة الهندية، وطعام الفطور، الصباح في مكان بين الناصرية والشعيبة وبين هاتين المحطتين مسيرة خمس ساعات بالقطار، وليس من مدينة بينهما تحمل اسماً، يُسجل هنا
على أن الذي أضجرنا كان ضجة القطار صفيره ودويّ العجلات وقد نام الجميع الا انا واحسان وأديبة، فقد حال وجودنا في القطار دون ان نغمض أعيننا ولو للحظة واحدة.
وصلنا البصرة في تمام العاشرة والنصف. وهبطنا على رصيف المحطة غرباء حيارى، وأخيراً علمنا أن مديرية المعارف تنتظرنا في ثانوية البنات. ولما بلغنا المدرسة وجدنا مدير المعارف نفسه في انتظارنا في أول الجسر المؤدي الى المدرسة. وقد أشرف بنفسه على نقل حقائبنا الى المدرسة، وغمرنا بلطفه، وكانت تنتظرنا في المدرسة المعاونة واحدى المدرسات ومجموعة من الفّراشات.
وأُعدت لنا غرفة كبيرة كانت فيها تسعة أسرة مريحة. إني لعاجزة عن وصف اللطف الذي لمسناه طيلة اليوم في أهل البصرة، فقد ظهر لنا أنهم قوم نبلاء مهذبون. ويخّيل اليّ اّن جمهورية أفلاطون لو صحِّ أن تقوم يوماً في العراق لما حمل لواءها إلا أهالي البصرة! وراقني في البصرة نظافتها ونظامها رغم الفقر الذي يبدو عليها وقد أطلقتُ على المدينة أسم ((مدينة الدمَى)) لأنّ بيوتها منخفضة جداً باستثناء المحلات الجديدة في ((العشّار)) وفي العشار جلسنا على ضفاف شطّ العرب الساحر، وكان المدّ قد بدأ يرتفع فافتتنا بالمنظر أشدّ الافتتان.
أنا الان متعبة لكن أوثر أن أتمّ الرسالة لأرسلها صباح الغد لأني أدرك مخاوف والدتي ويهمني أن تطمئن على سلامتنا.
مدير معارف البصرة معتنٍ أشدّ الاعتناء بتوفير أسباب الراحة لنا. أنا واحسان في صحة جيدة، وأظنها ستكتب اليكم صباح الغد لتحدثكم عن خواطرها هي. حوادث الغد وما بعده ستأتيكم أنباؤها في رسائل قادمة، وسوف نذهب الى القرنة والزبير وابي الخصيب والمعقل.
في نفسي وروحي قصائد كثيرة قد أكتبها في الأيام القادمة أبرقتُ اليكم ظهر اليوم، وأملي أن تكون البرقية قد وصلتكم..

-أختك نازك ـ
*****

الى شقيقها عصام الملائكة

البصرة 12-2-1947
عزيزي عصام، أصل بهذه الرسالة ما انقطع من حديثنا الذي نقلتهُ في رسالتي الى سها، وسأبرق اليكم قبل مغادرتنا البصرة لتستقبلونا في المحطة.
مضى علينا في مدينة النخيل والمد والجزر والجسور المتعددة يومان ونصف زرنا خلال ذلك القرنة وابي الخصيب والعشار والمعقل والميناء ببواخره الهائلة التي ترسو فيه، وزرنا فندق شطّ العرب والمطار وشارع الكورنيش، وذهبنا الى السينما وشاهدنا شريطاً سخيفا هو ((قضية اليوم))، ونحن الآن مرتبطون بدعوتين الى الزبير، وفي نيتنا الذهاب الى الفاو لمشاهدة البحر ومصبّ شط العرب الجميل.
تلقيت من عزيزتي سها رسالة حلوة ملأتني فرحاً.. لستُ أدري أوصلتكم رسالتي وبرقيتي؟ كان من أحلى ما شاهدتُ في البصرة منظر النخيل.. فأينما يمم المرء طالعته آلاف وآلاف من اشجار النخيل الوديعة الباسمة.. نخيل.. نخيل.. نخيل، حتى المدرسة التي نسكنها تقع بين النخيل، وأنا بنزعتي الشعرية الرومانتيكية مغرمة بالنخيل ولذلك أحببتُ البصرة. ثم راقني منظر الموضع الذي يلتقي فيه الأخوان الصديقان دجلة والفرات، القرنه التي تبعد عن البصرة ساعتين ونصف بالسيارة فقد ذهبنا أمس الى القرنه ومررنا في طريقنا اليها بمجموعة من القرى.((الكَرمة)) ((الهارثة)) ((الشرش.. الخ وهي قرى تعيش فقرأ مدقعاً وبيوتها جميعاً أكواخ لاغير مع انها غنية غنًى هائلاً بالماء. وهل في البصرة كلها قرية تفتقرالى الماء؟ وحسبك صورة من ذلك اننا في طريقنا الى أبي الخصيب عبرنا سبعة عشر جسراً!! وفي القرنة تمَّ اللقاء بين الفرات ودجلة بعد فراقهما. ووقفتُ على شاطئ الملتقى أراقب الماء المختلط ـ ماء دجلة الاحمر وماء الفرات الأزرق، ومن عجب ان المائين لا يختلطان بل يبقى بينهما خط فاصل بين الماء الاحمر والماء الأزرق! وشربنا من ماء النهرين، فكان ماء الفرات غريباً، وماء دجلة كما نعهده في بغداد وأهالي القرنة يحبون ماء دجلة، ولا يستعملون ماء الفرات الا للسقي وما أشبه.. وكان أحبّ ما قابلني في القرنة أنها تقع على دجلة والفرات وشطّ العرب جميعاً!! ويقع ((نادي الموظفين)) في الزاوية حيث يلتقي النهران تماماً. وقد التقطت عدة مناظر طبيعية بآلة التصوير. في المكان. وأحببت في القرنة نساءها النشيطات اللواتي يقمن بأكثر أعمال الرجال، حتى أن بعضهن يشتغلن بأعمال البناء. وحدثتني أحدى نساء القرنه أن البدريات قد تسابقن بالزوارق مرةً في محضر الوصي على العرش! وكدتُ أكتب قصيدة حينما شاهدت: الدلو البسيط البديع على ضفاف الفرات،لكن ثِقْ يا عزيزي عصام أنني لم أكتب في البصرة بيتاًواحداً من الشعر على افتتاني بجمالها، والسبب انني لا اجد وقتاً أخلو فيه بنفسي ’ لاسيما ونحن في حركة دائمة..
وزرنا أيضاً رصيف الميناء، ودخلنا احدى البواخر الهائلة، وشهدنا الآلات الرافعة الضخمة التي تنقل الأثقال من السفن القادمة الى الرصيف، وكان في صحبتنا أحد موظفي الميناء، يمهد لنا السبيل ويشرح الأماكن والآلات، وقد عَرَفَنا هناك أحد أقاربنا، والمخجل انني لم أعرفه لولا انّّّّ احسان تداركتْ الأمر وذكّرتني به! ثم اننا حصلنا على رخصة خاصة من مدير المطار المدني Air port، وكان دليلنا موظف آخر، سار بنا خلال ساعة ونصف في فندق شط العرب الارستقراطي الجميل، وفرَّجنا على المطار ومراصده، وغرفة الاسلكي وآلاتها الدقيقة، ثم هبط بنا المصعد الكهربائي الى الطابق الأرضي. والتقطنا صوراً كثيرة في الميناء وفي فندق شط العرب. بعد ظهر اليوم ذهبنا الى أبي خصيب وهي أكثر المواضع نخيلاً وأنهاراً، لكن ماء الشرب فيها يُباع بيعاً. وقد أبينا أنا واحسان الهبوط في زورق في حين فعلت ذلك بعض الزميلات، فنحن كما ترى يا عصام نتمسك بنصائح والدتي الى حدّ تضحك منه بعض زميلاتي المدرسات!
انا مشوقة الى سماع أخباركم، وقد ساعدني ان رسالة سها العزيزة كانت قصيرة جداً. كيف حال مكتبتي وعودي؟ حافظوا بالله عليكم كذلك على اسطوانات جايكوفسكي وبيتهوفن!
أرجو أن تطمئن والدتي الى اننا مرتاحون تماماً هنا، واني أنا خصوصاً، موضع عناية الزميلات كلهن، حتى أنني أصبتِ بصداع ذات ليلة في الساعة التاسعة ليلاً، فخرجتْ زميلتان رفيقتان الى السوق وأحضرنا ((نومي بصره)) وصنعتا لي منه شاياً، وأيقظتاني من نومي لأشربه! كل هذا اللطف والحنان من أجل مخلوقة لاتفيد أحداً مثلي!! أما أحسان فهي تقوم بكل مايلزم لي ولها الى حدّ يخجلني، وأنا لااريد على أن أبعثر مافي الحقائب.
مدير المعارف الكريم يتصل بنا كل صباح فيسألنا عما نحتاج، وعن خطَتنا لقضاء اليوم. ومن ثم يمهد لنا السبيل، وفي المساء يتصل بنا من جديد سائلاً ((هل تعبتن؟ أتردن شيئاً؟)).
والواقع ان هذا اللطف عام في البصرة كلها، وقد لقيناه عند السكان كلهم، وهم قوم وادعون، يتمثل فيهم سلام الجو وصفاء النخيل وكرم الأرض، واؤكد لكم انني لم أسمع كلمة شتم واحدة منذ دخلنا البصرة.
أنا الان في غرفة مدير المدرسة، وفي غرفة بعيدة عني تجتمع الزميلات في لعبة مضحكة لا أعرف كنهها. وقد أثرت أنا على العادة أن أكتب وأطالع، معي الأن رباعيات الخيام ترجمة السباعي، وكتاب ((بين المدّ والجزر)) للآنسة مي، أما أحسان فهي غير مشتركة في اللعب، وقد آثرت هي وبعض الزميلات الخروج في زيارة لدار احدى تلميذاتي في البصرة من أجل الاستماع الى الراديو.
عزيزي عصام، عذراً عن خطي الردئ في هذه الرسالة فأنا اكتب بسرعة هائلة.
مع السلامة... أختك نازك[/align][/frame]


*****

الى شقيقتها أحسان الملائكة

مصيف صلاح الدين 26 تموز 1947
عزيزتي أحسان
تحرك القطار من بغداد، القطار الذي يُخيل لي أنه مخلوق ماديّ متجبر يتكلم أبداً بالعامية التي أنفرُمنها وتنفرين، ولم أسمعْهُ يوماً ينطق بكلمة فصيحة، فهو لايكفّ عن الصراخ بكلمة (شتريدون شتريدون) في غير مراعاة لاحساساتنا الرقيقة وأنحنيتُ أنا أُطلُّ من النافذة على المودعين الأعزاء، وفي قلبي حزن ووحشة، وانتبهتْ رفيقاتي الى سكوني ولون الكآبة في وجهي، وفي اللحظة التالية صرتُ هدفاً لضحكاتهن، الا انني كسبتُ المعركة ولذتُ بسكوني، ورحتُ أطل من النافذة على حبيبي الليل الرومانتيكي الممتد البديع. وسرعان ما أقنعتُهن باطفاء النور والاكتفاء بالظلام. راح القطار المتوحش الصارخ ينساب في الظلام، والقمر ينظر بوجهه الشاحب، والجبال الجبارة تبرز هنا وهناك، تبن فجأه وتختفي فجأة. ونازك الملائكة فريسة سهلة لأعنف أصناف التأثر والانفعال.
ومررنا بنفق أسود طويل تلاه وادٍ رهيب، وساد السكون، ودقتْ الساعة الثانية صباحاً فأسلمت جفني للنوم.
كان أول مافعلتُ في الصباح، قبل شروق الشمس أنْ شهقتُ ثم صرخت، فقد رأيتُ سلسلة طويلة ممتدة من الجبال.. الجبال التي عشتُ أحلم بها وأتمناها.. جبالي الحبيبة في ملحمة ((مأساة الحياة)) ((آه لو عِشتُ في الجبال البعيداتِ أسوقُ الأغنام كلَ صباحِ)) الجبال.. الجبال يا لها فرحة سماوية كادتْ تمحو وحشتي وتُعيد اليَ مرحي المفقود!.
بلغنا كركوك في الثامنة صباحاً، ونزلنا في دار الاستراحة، فبقيِِنا فيها ساعةً، ثم جلنا في طرق المدينة الرئيسية، وغادرنا كركوك في العاشرة، وأبتدأتْ تلك السعادة الجنونية الملتهبة تحيط بقلبي.. بكياني، وتحولتُ الى طفلة متحمسة تحمساً مضحكاً، وماذا تنتظرين مني غير ذلك أذا تخيلتِ ما رأيتُ؟ النيران الأبدية التي لا تخبو بين الجبال.. نيران كركوك الحمراء الشهيرة بلونها الأحمر الغامق.. ثم الأراضي الملونة الشعرية، ونحن في أعلى الجبل الذي يبدو مزركشاً بألوان غريبة.. بقعة حمراء وبقعة خضراء وثالثة صفراء ورابعة وردية، كل هذا والأرض جرداء عارية.
وفجأةً شعرتُ أن قلبي قد هبط وتدحرج، وسرعان ما فهمت الذي حدث، فقد هبطتْ السيارة الى وادٍ منحدر آذى قلبي الذي لم يعتدْ هذه ((البهلوانيات))، وخلال الساعتين التاليتين تكرر هذا عشرات المرات حتى أعتدتُ عليه.
وهذه أربيل!! أية معانٍ شعرية تملأُ نفسي! أنها يا أحسان مدينة عادية في بناياتها الصخرية، واهلها فقراء الى حدَ ملأني عذاباً ويأساً، على أن الشيء الذي أثار عواطفي أن المدينة مشيدة على جبل ضخم غريب الشكل تحيط بها قلاع أشبه بما ترسمه لنا ذكريات ((الأقطاع)) في أوربا، ولها باب واحد تقودنا أليه سلالم صخرية تعبنا تعباً شديداً ونحن نصعد اليها، وحين دخلتُ بابها الضخم لاحظتُ مستغربةً أنّ شوارعها كلها تسير الى الأعلى، وأنّ قُطْعَها يكلفنا مجهوداً شاقّاً لأننا نتسلق في الواقع الجبل كما هو في الأصل، ومعنى هذا أننا نصل الى أعلى مكان في المدينة الغامضة حين نصل الى وسطها! تخيليني وانا أنظر بعينيَّ المشدوهتين الى حَدّ البلاهة تخيلــــــي هذا كله!!
ضَََمَّتنا أربيل الى صدرها الصخري ساعةً ونصفاً ثم أطلقتنا الى قلب الجبال المؤدية الى جبل ((صلاح الدين)). لكننا قبل بلوغ الجبال شهدنا منظراً عجيباً... دوّامة هوائية مدّوية، مكَّوِنةً عموداً من التراب الأحمر يرتفع الى علوّ غريب.
انطلقتْ السيارة من قلعة أربيل الى قلب السهل الفسيح الملون الذي يؤدي الى صلاح الدين، جنّتي الحبيبة وفجأة لاحتْ امامنا سلسلة جبال هائلة تشقّ السماء، وقال قائل ببساطة ((سنرتقي هذه السلسلة قبل الوصول الى صلاح الدين) فقال جميع مَن في السيارة ((مستحيل، هذا مزاح غير مستحب)) لكنّ السيارة سارتْ الى الامام، وبدأنا نصعد، والسيارة تسير بعناية وبطء شديدين، ورحت أنا ألاحظ الجبال بأنفاس مكتومة وقلب مرتعش بالانتظار واللهفة. وارتقينا الجبل الأول، وكان على علوه الكبير يبدو قزماً ضئيلاً الى جانب ((الهول)) الذي هو الجبل الثاني. نحن الآن في القمة، وسنهبط الآن... ((بسم الله الرحمن الرحيم)) ((اقرئي آية الكرسي))، ((رحماك يارب)).. بعض كلمات رددتْها من كانت معي، والتفتُ أنا أحدق في وادٍ أخضر ساحر الا انه عميق عميق، والطريق اليه مبلط، الا انه منحدر انحداراً جنونياً، وقلت لنفسي ((وداعاً ايتها الحياة.. وداعاً أحبائي في بغداد..وداعاً ياقلبي الذي عثرتُ عليه لأفقده))!! واستمرتْ الدعوات وتلاوة الآيات القرآنية، والتفتُ الى اديبة وقلتُ ((لن نصل سالمين هذه المرة ياعزيزتي..)) وبعد لحظات رحنا نرقب معجزةً.. لقد راحت السيارة تدور حول الجبل برشاقة وفطنة! وبعد عشر دقائق رفعنا رؤوسنا فرأينا وراءنا الجبل الذي تخطيناه هائلاً ضخماً يسخر من مخاوفنا!!
فجأةً برزتْ سلسلة جبال مخيفة خُيَّل اليَّ أنها تنطح السماء، جبال عالية عالية شاهقة شاهقة، وخيل لنا ثانيةً ((سنصعد)) وعادت ((أديبة)) تهتف إلله أحد، الله أكبر وبدأنا نصعد. أننا الان في وادٍ أخضر ساحر، ترويه عينُ ماء تنبثق من بين الصخور، ووقفتْ بنا السيارة تحت الظل لتبرد قبل البدء بالصعود الهائل. كيف تصعد السيارة جبلاً ياأحسان؟ اننا نتخيل انها تصعد دفعةً واحدة من أسفل الوادي الى قمة الجبل!. لكنَّ هذا ليس صحيحاً، فالسيارة في الواقع تدور حول الجبل في دوائر مميَزة عجيبة تثير الخيال والفكر والانفعال معاً، وهذه هي القاعدة العامة في صعود الجبال، وأرجو أن تتخيلي حول الجبل وادياً عميقاً يناسب علوّه. وكلما أرتقتْ السيارة اصبح الوادي أعمق وأكثر روعةُ وتخويفاً! وفي منتصف المسافة بيننا وبين قعر الوادي، أبصرنا قطيعاً من الغنم يبدو كالنمل لاأكثر!! أما أنا فقد كدتُ أفقد عقلي تحت عبء أحساساتي العنيفة المتفجرة، ولم أعدْ أستطيع الاستقرار لحظةً، وتكدستْ نفسي شاعرية مؤذية أحسستُ معها بأنني أشعُر مني في أي وقت مَرَّ بي طيلة حياتي.
وبلغنا قمة الجبل بعد نصف ساعة، وانبسطتْ أمامنا مناظر مصيف صلاح الدين فجأةً ودون أي تمهيد. وها هو صلاح الدين! أشجار جبلية ضخمة متفرقة تبسط ظلالاً سحريةً رائعة، ونسيم يهبَّ ناعساً رقيقاً رغم أشعة الشمس، ونحن في بقعة واقعة في قمة الجبل تحفّ بها من جهتين جبال أضخم عشرات المرات من أضخم جبل عبرناه. ومؤدي الكلام أننا في جنَّة شعرية فاتنة الى حدّ مخيف، فاتنة فتنة مؤذية خطرة!
أكتب هذا في العاشرة ليلاً، القمر مشرق، والأشجار تحنو عليّ بظلالها البديعة، وقد نام الجميع الا أنا ومنذ دقائق كان المساء مختلطاً بصوت الموسيقار السماويّ تشايكوفسكي في لحنه الرائع ((كسَّارة البندق))، أنا والليل وتشايكوفسكي والجبال ماذا ينقصني؟؟ الآن أنا أحبّ الحياة وأفتح لها قلبي كله، أحبّ الناس واحبكم باأحبائي في بغداد وحتى نفسي!! وسأذهب حالاً لأنام على سريري تحت النجوم لأحلم بكم وبالكرادة ومن فيها.. ببغداد.. بالعراق.. بالعالم!! لقد نام الجميع بعد السهر الطويل والتعب، ولم يبقَ من الساهرين الا ثلاثة أنا والجبل والنجوم! والنعاس الآن يلعب بأجفاني، وسأنهض لأُودع هذه الرسالة في خيمتي الشاعرية وأستلقي تحت الليل لأنام. أبرقتُ اليكم حال وصولي مصيف صلاح الدين.
أرجو أن تكون البرقية وصلتكم. وأخيراً اليكم تحياتي، قولي لوالدتي إننا مرتاحون جميعاً أما أبي فأذكر له أَن الاكراد قوم مسالمون نبلاء بسطاء وأنا أُحبهم. بعد هذا سأقول لكم من جديد.. أنا والجبال وعيون الماء نبتسم لكم من صلاح الدين!!.
ــ أُختك نازك ــ

ملاحظة: أكتبوا اليَّ بالعنوان التالي:ــ
مصيف صلاح الدين ـ مخيم جمعية المعلمين ـ الآنسة نازك الملائكة.


*****

جبل الحاج عمران في 3 آب 1947 الى شقيقتها لبنى الملائكة

عزيزتي لبنى
اكتب اليك من قمة جبل الحاج عمران الرائع الواقع على حدود ايران، وهو اعلى مكان في العراق كله واجمل مكان في العالم كله. العراق يا عزيزتي لبنى جنة العالم السماوية. إننا نحيا في فردوس ارضي.. في بلد الجبال والشعر والموسيقى دون ان نعلم!!
غداً سنتسلق الجبل المجاور لنلقي نظرة على ايران، لكننا سنمشي على الاقدام وسنعود الى مصيف صلاح الدين لنصله في السادسة مساء، اذ يستغرق الطريق تسع ساعات، وهو طريق سهل لحسن الحظ ليس فيه مخاطر ولا مجازفات قولي للعمة العزيزة فاطمة: اننا قد "زرنا" اولياء كثيرين من ذوي الكرامات، وقرأنا الفاتحة على ارواحهم، وعلّقنا على قبورهم الصخور، على عادة الناس هنا المناخ بارد الى حد غريب في هذا المكان، وانا اكتب اليك في الفندق، مرتدية الملابس الشتوية ومعطفاً، وفي قدمي جوارب، ورأسي مربوط بالايشارب، ورقبتي بالمنديل الا ترون انني اتحفظ من البرد كما تشاء الوالدة العزيزة التي اشكرها مائة مرة لأنها اصرت ان اخذ معي الملابس الشتوية، ولا اكتمكم انني اغنى الكل بالملابس السميكة!!
اعتذر اليكِ عن قصر الرسالة لأنني اريد ان استمتع بمنظر الجبال الهائلة من نافذة غرفتي، وارقب طلوع القمر، ثم انني متعبة بعد السفر الطويل من السادسة والثلث صباحاً الى السابعة مساءً، سأتعشى وأنام لأحلم بكم، وارجو الا تخاف والدتي عليَّ فنحن هنا في سلام والملائكة تحرسنا.
تحيات حارة الى ابي العزيز والى اخواتي واخويّ وكل الاقارب لا سيما ميسون وعمتي عائشة وتحيات خصوصية الى والدتي المحبوبة التي اذكرها كل يوم، ومثلها الى العمة العزيزة فاطمة والى كل الاهل والاصدقاء احييكم احييكم الف مرة.

اختك الوفية نازك

******

مصيف صلاح الدين في 4 آب 1947
الى شقيقتها احسان الملائكة

عزيزتي احسان
ابدأ الرسالة بأن اهنئكم بسلامتي!! فلقد تعرضنا خلال السفر في هذه المناطق الجبلية الوعرة الى اخطار كثيرة لم اقابل مثلها طيلة حياتي.
لقد جاءونا بأمهر سائق تعرفه الجبال واسمه (ميناس) يعمل في سياقة السيارة في هذه الجبال المخيفة منذ عشرين عاماً.
في الرابعة من صباح الاحد استيقظت الخيام الثماني التي تمتد تحت سماء صلاح الدين وفي السادسة والثلث تحركت سيارتان نحو كلي علي بكه، ورفعنا ايدينا في لهفة وحرارة قائلين للمصيف: (وداعاً) وبعد لحظات عادت الزميلات الى مرحهن المعتاد من ضحك.. غناء.. صراخ وتصفيق!! اما انا فانصرفت الى التحديق في الجبال والاحجار الملونة وعيون الماء والاشجار الباسقة وكل ما حولنا من سحر وفتنة.
في الساعة السابعة بلغنا البلدة الخضراء.. شقلاوة بهوائها الرطب البارد، وجبالها الملونة الساحرة، ووقفنا دقائق فتزودنا بالماء، وغادرنا شقلاوة نحو الكلي.. كم جبلاً عبرنا؟ هذا ما لا اعرفه، مئات الجبال والوديان قد انبسطت على طريقنا، وعشرات منها قد ارتقيناها وهبطناها وبلغنا قرية "حرير" حقول ممتدة تتحدر بينها عيون المياه بين الصخور والبيوت فيها متدرجة، وكل بيت على طبقة، وانطلقنا من "حرير" بسرعة ورحنا ننتقل من جبل الى جبل اعلى منه، وفجأة لاح لنا جبل مخيف ذو شكل غريب، شاهق شاهق، ورحنا نسير نحوه ولا نصل، عبرنا عشرات الجبال، وذلك الجبل العجوز في مكانه، وحين اقتربنا منه رأينا على سفوحه الوعرة طريق سيارة ضيقاً، ودارت سيارتنا حول الجبل العجوز، وتخطته دون ان تصعده، وقيل لنا اخيراً اننا سنهبط كلي علي بيك خلال نصف ساعة، فراحت الزميلات يغنين: "هلي هلي: ودّونا للكلي" ثم لاحت لنا صخرتان ضخمتان من بعيد، والسيارة تمضي مسرعة في الوادي المنبسط وبرزت لوحة على جانب الطريق مكتوب عليها: (خطر.. سر باعتناء في هذا المضيق، ونبه بالبون في كل منعرج) وهكذا بلغنا الكلي دعيني يا عزيزتي احسان اصف لك بقلمي العاجز "كلي علي بيك"، وحاولي ان تضيفي من خيالك كي تتضح لكِ الصورة ان المضيق في لغة الجبال يعني واديا ضيقا جدا لا يتعدى عرضه شارع ابي قلام يقوم بين سلسلة جبال عالية جدا وسفوحها عمودية على الوادي بحيث لا تصلح للتسلق عليها.
ويقوم كلي علي بك في عمق الوادي المنبسط وطوله بالسيارة نصف ساعة وحين ينظر اليه المرء من اعلى الجبال يجده بشكل حرف m بين صخور الوادي العميق، والحرف m ليس جبلا وانما هو شق عميق الى درجة تجمد لها العروق في عمق الوادي، وصخور الوادي سوداء حالكة غريبة الشكل، وهذا الشق جيولوجي هائل يشكل حرف m في تعرجه وانت ترين اذ ذاك كلي علي بيك من الاعلى اما الان فتعالي معي لندخله: منبه السيارة يدوي بصوت عال ولكنك لا تسمعين خرير ماء يصم اذنيك وحين تنظرين الى الاعلى لا ترين الا صخوراً سوداء تشكل جبلا عجيبا كأنه جدار صخري يخيل اليك انه سيسقط على رأسك وهذا الجدار يبدو بلا نهاية ولو حاولت رؤية نهايته لاحسست بدوار في رأسك ثم انظري الى الاسفل، لتري موضعك من الكرة الارضية انك في سيارة... لا شك في هذا لكن السيارة معرضة للتدهور، فهي تقطع طريقاً صخرياً منحوتاً في الجدار الاسود، والطريق يرتفع الى الأعلى دائماً وتنظرين الى اليسار فترين وادياً صخريا مرعبا تنحدر في قعره مياه زرقاء تجري بسرعة هائلة محدثة خريرا ساحرا الا انه عال عال.. ولو زلت يد السائق لحظة عن محرك السيارة، فأي مصير رهيب ينتظر المرء هنا.. انه ولا شك سيتمزق فوق الصخور وفي لحظة تجرفه المياه وتمحو ذكراه الى الابد، حتى الطيور لن تجد من لحمه شيئاً تقتات به!! وتلك كانت خاتمة (علي بيك) الذي سُمّيَ هذا الوادي الرهيب باسمه.
ذكروا لنا ان (علي بيك) هذا رجل جبار كان شيخ الطائفة الايزيدية، وكان يعتدي على الاكراد، والتركمان باستمرار ثم يعتصم بالكلي كالشياطين وفي ذات يوم تجمع اعداؤه واقتحموا الكلي وذبحوه هو واصحابه، وتدهورت جثثهم في المياه الجارفة، ومزقتها الشلالات والاحجار.
ما زال الناس يمرون بالكلي ويحفرون اسماءهم على الصخور والاشجار دون ان يذرفوا دمعة واحدة على ذلك الوحش ونظرنا تحتنا فجأة فصرخنا صرخة واحدة رددت الوديان صداها حتى ظن ركاب السيارة التالية ان سيارتنا انقلبت في الوادي وجمدت دماؤهم خوفا فلقد فوجئنا بشلال هائل ينحدر من اعلى صخرة الى عمق الوادي، كان طول الشلال عشرين مترا وعرضه ثلاثة امتار وتتناثر حوله طبقة من الضباب الابيض في نقاء الثلج.
نزلنا عند الشلال، والتقطت بآلة التصوير ست صور لمختلف جهات الوادي، والتقطت لنفسي صورة واحدة (جبرا للخاطر) وتحت الحاح الجماعة، حمدا لله على اني متواضعة تجاه امي الطبيعة، وقد كنت دائما اوثر على نفسي، واثناء التقاط الصور تعرضت لضباب الشلال البارد على صورة الهبت الشعر في عروقي، ولو كنت انا تشايكوفسكي لكتبت لحنا اروع من (بحيرة البجع) الجميلة، وتركنا المكان ورحنا نقطع الكَلي يقرأن آية الكرسي خوفاً من الآن التردي في الوادي، اما انا فقد كنت اكثر شعورا وافتنانا بالمناظر من ان افكر بالموت!! نصف ساعة ونحن في كلي علي بيك، اجمل مكان في الوجود، بين الجبال الشامخة الملونة العمودية على حافة الوادي المخيف، تحت ضباب مياه الشلال، في ظلال اشجار العنب والجوز والكاليبتوز، والصفصاف النابتة في اعلى الجبال، دون ان تمسها يد انسان نصف ساعة وانا شاعرة في الجنة، لم اعد نازك، لست من البشر ليس لي كيان، لست الا فكرة خيالية في ذهن الملائكة!! يجب ان اختم الرسالة الآن مع اني ما زلت في اول الكلام! فانتظروا مني رسالة اخرى لاحدثكم فيها عن بقية الرحلة في "جنديان" "وراوندوز والحاج عمران"، أحييكم باخلاص .

-نازك-


*****


الكوت في 3 - 4 - 1948
إلى شقيقتها سها الملائكة

عزيزتي سها
هذه رسالة سريعة أبعث بها إليك من المدينة الشاعرية: الكوت، المدينة التي افتتنت بها حتى اقترحت أن نمدد بها إقامتنا ليلتين، كم كنت أتمنى ان احضرك معي وأحضر لبنى، لكنني الآن لن استسلم للندم، وانما سأمضي قدماً في وصف مشاعري على عادتي في رسائلي.
تركنا بغداد في العاشرة والنصف صباحاً واتجهنا نحو الكوت بطريق سلمان باك، وفي الثانية عشرة والنصف بلغنا "العزيزية" وهي ناحية جميلة فقيرة إلا انها منظمة، والشارع الرئيسي فيها رومانتيكي على تواضعه، فهو فسيح تمتد في وسطه وعلى جوانبه أشجار الكالبتوز الحلوة. ونزلنا بالمدرسة الابتدائية وكانت خالية فتناولنا الغداء واسترحنا إلى الواحدة والنصف، ثم واصلنا السفر إلى الكوت. وفي تمام الرابعة والنصف لاحت لنا مدينة الكوت بجسرها الشاعري الضخم، ورحنا نعجب بجمالها، فشوارعها عريضة عريضة مشجرة، والبنايات في أولها حديثة فخمة تتوسطها ساحة كبيرة حديثة درنا حولها واتجهنا إلى شاطئ دجلة الساحر الذي دهمنا بدوي مائه وخريره الساحر ونزلنا بمتوسطة البنات حيث استقبلتنا المديرة والمعلمات والتلميذات جميعاً، بالاضافة إلى عدد كبير من الأهالي!!
وبعد استراحة قصيرة خرجنا إلى ما يسمى هنا "المشروع" وهو سدّ ضخم يقطع دجلة عرضاً، ويحتوي على ستة وخمسين باباً تعلق فتحجز ماء النهر وبذلك يروي مئات المزارع مما جعل منطقة الكوت أغنى مناطق العراق بالشعير، ويهمني أن أحدثك عن الجمال الساحر الذي يهيئه "المشروع"، فالمياه تتجمع عنده بقوة لا حدّ لها، فتحدث دوياً هائلاً يفتح للنفس ابواباً من السحر والفتنة والخيال، وقد وقفت عند هذا المنظر مسحورةً لا أدري أين أنظر والام أصغي، ولا اكتمك انني شعرت باحترام عميق للإنسان الذي استطاع أن يخضع الطبيعة إلى هذا الحد المعجز الجميل، إلا ان فتاةً من المدينة أنبأتني بأن هذا المشروع قد كلف مئات من العمال المساكين حياتهم، فقد كان النهر كلّه مكهرباً، ولذلك كانت الشركة تدفع للعمال أجوراً هي غاية في الارتفاع مما كان يغري العمال بالإقدام على المجازفة. وتلك هي الطريقة التي يصنع بها الانسان مدينته، فوراء كل شيء عظيم، تضحيات ومآسٍ خير لنا أن تتناساها إن أردنا ان نستمتع بالحياة قليلاً
وخلال تفرجنا على المشروع خرجت المدينة كلها في استقبالنا، وسكان الكوت غاية في الأدب والذوق والهدوء.
نحن الآن في المدرسة، وأنا وحدي في الإدارة أكتب، وقد ذهبت زميلاتي المدرسات إلى البريد للاتصال بمدرستنا ببغداد من أجل تمديد إقامتنا هنا، ففي نيتنا السفر إلى "الحي" وإلى "واسط" صباح الغد بعد زيارة "الدجيل" و"الغرّاف" ومزارعهما. يضايقني هنا غناء تلميذاتنا وصراخهن، فأنا اكره هذه الأجواء العامية، ومع ذلك فأنا مستمتعة لأنني في الكوت الجميلة هذه المدينة المشرقة الضاحكة.
شيء آخر يضايقني.. آه يا سها، لقد أصبحت مشهورةً وانتهى الأمر، وقد سمعت عشرات الرجال والنساء يتهامسون: (هذه هي عاشقة الليل!)، وقصدتني كثيرات ليقلن لي (قرأنا عاشقة الليل عدة مرات)، وأسوأ ما في هذا اصرار الناس على التحديق فيّ، فأنا كما تعلمين أخجل أشد الخجل، وقد جهدت أن أخفي نفسي، خاصةً وإن كثيرات قلن لي: بلهجة مضحكة "سوّيلنا فد شعر على المشروع!!".
تحياتي إليكم جميعاً، سأبرق صباح الغد إليكم. سعاد سعيدة جداً هنا، وقد طارت فرحاً لفكرة البقاء هنا، وكل ما أرجو أن ترتاح أمي لفكرة تمديد الإقامة، لكني لا أظنها ترتاح ما دامت احسان قد فارقتكم إلى الموصل مع طلاب وطالبات كليتها. تحياتي كثيرة كثيرة.

المخلصة نازك

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى