سعيد الكلباني - محمد رجائي عليش... قتله المجتمع.. ماذا قال؟ ولماذا؟

(1)
محمد رجائي عليش
كاتب مصري، ولد بمرض مناعي أثر على هيئته وشكله الخارجي (فقط).

وصف بالقبح ونال عليه ما نال من #تنمر وبذاءة المجتمع، ورفضته النساء، ورفضه حتى الكُتاب والأُدباء. لم يعرفه الناس قبل أن ينتحر، لم يرحمه الجميع، لم يلتفت له إلا الموت.

(2)
أمه في حياتها كانت صمام الأمان له، كانت تعطيه دافع للحياة وترفع من معنوياته المتهالكة، وعندما ماتت جثت روحه وجسده قائم وبدأ رحلة الموت...

كان عليش غنياً ولكن ليس بالمال وحده يعيش الإنسان، مات وترك الأموال في وصية بأن تقدم للشباب المبدعين، وحتى في هذا خذلته عائلته فأخذت المال

(3)
وضع عليش مأساته في كتابين فقط.

الأول: لا تولد قبيحا
الثاني: كلهم أعدائي
(4)
اسمه محمد رجائي عليش، ولكن يظهر على الكتب اسم رجاء عليش، ولا أحد يعلم السبب في ذلك، وربما كان يقصد الرجاء بمعنى الرجاء، أو كان يقصد طمس هويته حتى بعد موته.
لم تعرف كتبه في حياته، ولم تلقى الانتشار كثيراً بعد موته...
كذلك لا توجد صورة له، والصور المنشورة كلها تقريبية.

(5)
عليش، اخذ مكان منعزل بسيارته في عام 1979 ... وانهى حياته برصاصة في راسه ...

...انتحر...

معاناته سطرها في كتبه وتظهر من خلال العناوين تلك الكتب...

فماذا قال؟

(6)

هذه صفحات عن أغرب مشكلة في حياتي.. مشكلة القبح.. يمكنك أن تتخيّل أغرب رجل في العالم.. أقبح وجه يمكنك أن تصادفه في أي مكان على الأرض لتتأكد أنك تراني أمامك .. الأضحوكة الدائمة الغرابة .. أنا دائما الأغرب… الأفظعُ .. الأقبح

(7)
مأساتي هي التناقض الصارخ بين شكلي و حقيقتي و لو أنهم وزعوا الجمال ليتلاءم مع إحساس الانسان الداخلي لكنت أستحق شكلاً أفضل بالتأكيد

لكن المأساة حدثت الى درجة أنني أتمنى لو لم يكن هذا التناقض موجوداً حتى لو كان ذلك على حساب إحساسي الداخلي حتى لو كنت مجنوناً أو معتوهاً أو غبيا

(8)
أنت لطيف ككرسيّ حمام.. ظريف كسيجارة بعد الغذاء.. لذيذ ككوز ذره مشويّ .. مسلي كببغاء أربيه في المنزل ويقول لي نكات لطيفة طول الوقت… طيب كقط حنون يتمسّح في ساقي ويقفز فوق حجري… أنت مثل أخي تماما… هذا ما تقوله النساء لي دائما.

(9)
• أنا رجل بلا امرأة.. بلا حقل للقمح..
بلا زجاجة نبيذ.. بلا كرة للعب..
بلا ذكريات مضيئة.. بلا طريق للمستقبل.

• أنا رجل تلعنه النساء في الشارع وتحبه على السرير.

• على قبري ستكتب العبارة الآتية:
هنا يعيش إنسان مات أثناء حياته.

• إلهي لا تغفر لهم فإنهم يعرفون ما يفعلون!

(10)
أمارس إحساسًا هائلًا بالسأم والضياع داخل الشقة الصغيرة. فأنا لا أصنع الأحداث أو أعيشها، إنها فقط تعبر فوقي كما تعبر الرياح فوق سطح من الرمال الراكدة فتخلف فوقها بعض الآثار، ثم تأتي رياح جديدة فتطمس معالم الرياح القديمة.

(11)
• أنا رجل تتبعه الضحكات والكلاب..
ضحكات الناس ودعوات الكلاب

• أنا ملك يرتدي ثياب صعلوك..
مفكر يلعب بدمية طفل صغير..
مهرج يحاول أن يخلع قناع الضحك من فوق وجهه دون جدوى فالطبيعة قد وضعته هناك وألصقته جيدًا ليبقى إلى الأبد.

• أنا أفكر كأنني أحلم وأحلم كأنني أفكر.

(12)
أشعر كأنني لا أنتمي للعالم الذي أعيش فيه للناس الذين يتحركون حولي بإحساس عامر بالحياة،أشعر بأنني معلق في دائرة خارج حدود الزمن والمألوف،دائما يصاحبني ذلك الإحساس بأنني جثة متجمدة من البرد وأنا أعيش داخل جدران مبطنة بالصقيع وفي درجة حرارة الصفر الفظيعة..

(13)
المرء
أحيانا يحس أنه حيوان ذو خلية واحدة بالغة الحساسية يعيش داخل قوقعة مغمورة تحت مياه سحيقة.. يعذبه إحساسه الفظيع بالوحدة.. بالحنين للجنس الآخر.. لملمس المرأة الناعم المثير.. لرائحة عرقها.. لفحشها.. لبذائتها.. لذلك العالم الخرافي الذي تعيش فيه... (يتبع ◄ )

(14)
والذي لم يقدر له رغم سنوات عمره الطويلة أن يقترب منه بالقدر الذي يريد.. لا يجد حرجا وهو يعبر جسر الأربعين "جسر اللا عودة بين الشباب والشيخوخة" في أن يصرخ بأعلى صوته طالبا الحصول على امرأة
امرأة واحدة فقط... (يتبع ◄ )

(15)
حاجته الحميمة أقوى بكثير من كرامته..
من اعتزازه بنفسه، لكن هذه المرأة الوحيدة لم توجد أبدا في حياته.

(16)
كيف أدافع عن مدينة تكرهني..

مدينة ليس لي فيها امرأة واحدة تحبني..

إنسان واحد انتمي اليه أو ينتمي إلي..
طفل واحد يحمل اسمي من بعدي..

الكراهية هي غذائي اليومي.

(17)
أؤمن أن القبح ربما كان أفظع العاهات وأكثرها إيلاما وتدميرا للنفس الإنسانية على الإطلاق، فالقبيح لا يثير إشفاق أحد أو إحساسه بالعطف أو الرثاء له، القبح يستفز مشاعر الآخرين العنيفة وحاستهم النقدية الساخرة، فيوجهونها بضراوة ناحية الإنسان القبيح قاصدين إهانته وتدمير معنوياته.

(18)
إحدى ميزات الوسامة الشديدة.. أن يصدقك كل الناس بينما أنت تكذب عليهم.

أما هو الإنسان القبيح المكروه من كل الناس فإن أحدا لن يصدقه حتى لو قال الصدق.. إنه متهم من كل الناس بالكذب.. مشكوك فيه دائما لأنه غريب وقبيح.

(19)
يقولون عن العالم رغم ذلك إنه عادل ورحيم وإن الناس بسطاء متسامحون، هؤلاء الناس الطيبون لديهم القدرة الفائقة على تبرير كل جرائم العالم الوحشية.
لم يكن الذي يعذبه هو الموت نفسه...

الذي يعذبه هو الطريقة التي يموت بها الناس هنا.

(20)
كتب في (كلهم أعدائي)
ارقد أيها القلب المعذب فوق صدر أمك الحنون واسترح إلى الأبد، دع أحلامك الميتة تتفتح كزهرة تعيش مليونًا من السنين، أنت أيها الملاح التائه في بحار الظلمات البعيدة لقد جئت إلى أمك الأرض لتعيش في حضنها إلى الأبد (يتبع ◄ )

(21)
ألقيت بمراسيك في المياه الدافئة وأمنت من الخوف، نفضت عن شراعك الثلج والبرودة وأيقظت الشمس في قلبك واسترحت إلى الأبد، نم هانئًا سعيدًا يا من لم تعرف الراحة في حياتك، أحس بالأمن يا من عشت دائمًا بعيون مفتوحة من الخوف.. الموت أبوك والأرض أمك والسلام رفيقك والأبد عمرك.

(22)
وكتب على غلاف كتابه (رسالة إلى رجل الأمن)

عشت هذه السنين الطويلة وأنا أحلم بالانتقام من أفراد المجتمع الذين أفلحوا في أن يجعلوني أكفر بكل شيء.

وانتحر...

تعليقات

تألمت كثيرا حين تتبعي لما كتب حول محمد رجائي عليش أو "رجاء عليش" كما اختار لاسمه الادبي، مثقف وروائي مصري مغمور (تحامته العشيرة كلها) فعاش منعزلا محبطا الا من عطف وحنان أمه، لأنه ليس وسيما، الشيء الذي دفعه لافراغ مسدسه في جسده، وهو نموذج من كثيرين ظلمهم المجتمع وجارت عليهم الأقدار، بترسانة من النفاق والتنمر.. لأنهم يؤثرون حياة الظل، ولا يتزلفون أو يمارؤون في معاملاتهم، وهي سلوكات باتت معروفة، أهمها اضفاء الالقاب الرنانة على من يريدون، وتزكية من يودون، ويحفل الفضاء الابداعي بالعديد من النماذج سنتعرض الى سيرهم وحيواتهم وظروف عيشهم..
 
أعلى