- رسالة بول فاليري الأخيرة إلى جين فوالييه

قضيتُ ثلاثة أرباع الساعة في العذاب، والباقي مع تلك التي...
كنت قد غفلت عن ساعة ونصف، مع الكاهنين، اللذين لا يسكتان أبدا. هؤلاء الناس فنانون بشكل فظيع. أراد أحدهم، بعد تحسس ومطارحات عن القرح، أن يتحدث عن الشعر والرسم...
ثم وجبة الغداء مع البطرك… ثم عادت إلي نوبة آلام شديدة. وهو ما انتهى بي إلى أبيات من الشعر... للأسف، من النوع الذي يلهمه الألم. وبين صاحبي العُقَابَين يخامرني ما يخامرني... لن أرسل إليك هذا. إنها أبيات حقا قاسية ومريرة. بواقعية، هي من ناحية ما، لا تحتمل... ما هو أفظع من ذلك، هذا العمق الدافئ اللامتناهي كمصدر لا ينضب للسموم. وهذا ما لاحظته في نفسي أكثر من مرة: شعور شديد الغرابة. لو تخيلت، وحاولت جهدي في أن أتخيل، بأن لا أبالي بك، وبأنك لم تعودي بالنسبة إلي سوى ذكرى بلا تأثير، وأن أسمع من يتحدث عنك دون أن يقشعر بدني، وأن أفكر في أي شيء بهدوء من دون أن يعض خاطرك قلبي، ويجعل حلقي جافا. ومن ثم يتمثل لي و يهتاج ألم عابر. ألا أعاني بسببك. هذا أمر خارق. هل سأنجح في الوصول إلى ذلك بعد أن تندمل جراحي: لقد كان هناك شيء ما، تقول الروح لنفسها.
في وسعك من هذه الناحية أن تقيسي عمق هذا الألم. والتفاعل مع فكرة غيابه...
لا أعرف ما إذا كنت في حاجة إلى معرفة خطورة هذا الجرح، لكنك ترينها الآن، وكم كانت حياتي متواشجة بك. أجل، لقد استسلمت بأن أعطيت إحساسي كله لمعبودتي. وأتساءل ما إذا كنت تتخيلين الى أي حد أنا مثخن. سؤال أوجهه إلى نفسي، سؤال خطير. هل رأيت إلى أي حد هو خطير؟ لأنه يعود إلى هذا السؤال: من أنت في العمق؟ والذي قد يقودنا إلى سؤال آخر: في ماذا تفكر عن نفسك؟
وها أنا ذا أتألم من جديد. لا أدري إن كنت أستطيع الذهاب إلى البريد.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى