رسالة من يحيى السماوي الى سعدي يوسف

أيها الكبير شعرا ونضالا، لتكن رسالتي هذه بمثابة دفقة دفء ومنديل محبة
عساها تزيل الضباب عن المرايا وتمسح عن جبينك غبار التعب وأنت تحمل الوطن على ظهرك أنى حللت ، مترقبا اللحظة التي يتطهر فيها البستان العراقي من رجس خنازير البنتاغون ، بعدما تنظف من الذئاب العفلقية ...
واعذرني ياصديقي ومعلمي ، اذا كنت سأجرح سعفة من نخلتك ...نخلتك التي غدت بمفردها بستانا...فأنا أدرك أن جسدك ما عاد يتسع لجرح جديد وأنت ترى البستان العراقي قد أضحى مرعى لخنازير البنتاغون ، ومختبرا لتجارب آخر مبتكرات واشنطن من أسلحة القتل الجماعي " باعتبارها الطريقة المثلى لتحديد نسل العراقيين "،

ومسلخا بشريا يتسابق فيه حملة السواطير لحز رقاب اكبر عدد ممكن من الابرياء الذين تعجز أسرهم عن دفع الفدية ، في العراق الجديد الذي أردناه عرسا بابليا فإذا به يغدو مأتما علويا .
أنا مثلك ياصديقي أؤمن كل الإيمان بأن الشعب الذي لا يقاوم الأحتلال ليس جديرا بالحياة ... وأنه لشرف للمرء ان يقاوم ا لمحتلين ـ أيا كان نوع الإحتلال ، وأيا كانت أسبابه ...
شخصيا ، أشعر باحتقار لنفسي ، حين أعرف أن في الكون شخصا يكره ألهة المعبد الأبيض في واشنطن ، أكثر مني ، تماما مثلما كنت أشعر بالإحتقار ذاته ، حين أعرف أن ثمة من يكره نظام الطاغية أكثر مني ـ إذ لا ثمة من أكرهه أكثر من الطاغية ، إلآ سادن المعبد الأبيض في واشنطن ... ولا ثمة ما يسكب في دورق قلبي رحيق النشوة والفرح كرؤيتي جثث خنازير البنتاغون وهي تتساقط تحت أمطار الرصاص المقاوم ... الرصاص الذي يميز بين عامل نظافة وباحث عن لقمة خبز في " مسطر ساحة الطيران " ، وبين جندي أمريكي وقرد من قردة الموساد ـ بل و حتى بعض أحفاد أبي روغال الذين لم يتجرأوا على شجب ما حدث " ويحدث " في دهاليز وأقبية " أبو غريب ".
أنا مثلك يا صديقي ومعلمي ، أتطلع الى عراق جديد غير الذي كان وما هو كائن الان ...غير أني أجدك قد تجنيت على رفاق لك وأصدقاء ،لم يخونوا لبن الفضيلة وخبز اليقين ، ولا ساوموا الجلاد حين كان الذباب البشري يتساقط على موائده ...رفاقك وأصدقاؤك أولئك يا صديقي ،العزيز العزيز العزيز ما كانوا يوما مع الديكتاتور , ولا إبنه ، ولم يكونوا مع المحتل ...ولم يرخصوا شرف الفكر وضمير الكلمة بحثا عن جاه مستعار ونعيم مبتذل ، خلاف كثيرين لم تطلهم شظاياك يا صديقي ...كثيرين هم أجدر بهذه الشظايا .
أحسبك قد جانبت الصواب بحق الأخوين الأديبين المبدعين فاضل ثامر وياسين النصير ...فهلا قدمت لهما باقة من ورود الإعتذارـ ,احسبهما جديرين بذلك ـ...هلا زدت قامتك الأدبية سموا وارتفاعا ورسوخا في طين التأريخ، بالإعتذار لهما عن الضباب الذي ألحقته بمراياهما أيها الكبير شعرا ونضالا وعشقا للعراق ؟
أتعلم أبا حيدر ، أن في قلبيهما لك محبة بحجم ابداعك ونضالك يا صديقي ؟
قبيل أيام معدودة ، جمعتني أمسية دمشقية بالأخوة فاضل ثامر ومالك المطلبي وحميد قاسم وعلي الشلاه ومحمد الجزائري وأخوة وأخوات ، فما ذكروك إلآ بما تحب ويحبه محبوك ، حتى بدت الجلسة وكأنها للإشادة بمنجزك الإبداعي .
أصدقك القول يا صديقي ، إن في قلب كل منهم أفعى تمصّ دمهم لرؤيتهم خنازير البنتاغون وهي تمرع في الوطن .
.. فلا يوهمنك زاعم بغير هذه الحقيقة ...وحسبي شاهد عيان لا على حديثهم المخضب بعبير المحبة عنك حسب ، إنما ، وعلى حقيقة كونهم كانوا سدنة مخلصين لشرف الكلمة , حين كان أشباه الأدباء وأدعياؤه يتنعمون بالوجاهة المستعارة والنعيم السحت .
كان رفاقك وأصدقاؤك أولاء ، يبيعون مكتباتهم الشخصية وأثاث بيوتهم لتوفير علبة دواء وحقيبة مدرسية لأطفالهم ، ولتسديد ثمن إيجار بيت متهالك في زقاق بغدادي ضيق ...فهل كان مستشاروا المقبور عدي ، يسكنون البيوت المتهالكة ، ويبيعون مكتباتهم الشخصية لتوفير علبة دواء وحقيبة اطفال مدرسية ؟
أيها الكبير شعرا ونضالا : إعتذر لهما ... أرجوك يا صديقي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى