عبدالله البقالي - الولي الحي "مولاي أحمد السيد" 1\2

1\2

وكمثل تحول جرم سماوي إل كوكب ساطع، كان الناس أمام فرصة معاينة كيف يتحول رجل من عامة الناس إلى مصاف الأولياء و الصالحين بعد أن نصب سلما تسلق أدراجه، و مكنته الأعالي من رؤية سرح فيها بصره إلى ما وراء حدود الأفق
يحكي الأهالي أنه عند نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، زار " غفساي" وفد من الشرفاء الوزانيين الذين كانوا يحظون بتقدير كبير من لدن عموم الناس. و لذلك خص السكان الشرفاء باستقبال لم تشهد له القرية مثيلا. و لدى مغادرتهم، رافق " أحمد الراشدي" الشرفاء بعد ان وضع نقسه في خدمتهم.
غياب أحمد الراشدي لم يكن قصيرا. بل امتد لسنوات طويلة
أثيرت خلالها تساؤلات كثيرة من قبل السكان. و ما إن كان لذلك الالتصاق بالشرفاء من تأثير كأن يصبح ممتلكا لنفس قدراتهم و تأثيرهم في إحداث الأذى في حال إغضابهم. أو مساعدة الناس في تحقيق أمتياتهم في حال إسعادهم.
المتشككون في ذلك تخلوا عن كل تحفظاتهم حين عاد احمد الراشدي الى القرية. لقد كان نفس نسخة من الشرفاء الذين مروا ذات يوم من هنا. نفس الهيئة. نفس اللباس. نفس اللحية الكثة الطويلة. و نفس النظرات الصارمة المخيفة.
وقع مظهره على الناس كان جليا. وهو ما شجعه كي يعلن في الناس إنه صار وليا صالحا سمى نفسه باسم "مولاي أحمد السيد".
امتثل له الناس، و عبروا عن ذلك بالاحترام الشديد الذي وصل حد الخوف المصحوب بالرهبة. وسارع كل واحد من جانبه إلى تقديم ما يلزم و ما يحتاجه من خدمات. لكنه أدرك بذكائه أن ما تحقق لحد تلك اللحظة لم يكن سوى الخطوة الأولى داخل مسار طويل، و أن المنزلة التي يحلم بتحقيقها لن ترى النور إلا بعد موته الذي يجب أن يكون مرفوقا بدفن كل أسراره.
لقد كان يعي أن نجاحه رهين بقدرته على عزل أذهان الناس عما يستجد في العالم. و بالتالي فالعزلة الجغرافية للمنطقة المشكلة من الجبال التي تحيطها من كل جانب، يجب ان تتحول الى عزلة ذهنية حتى لا يستجد شىء يؤثر في تفكير الناس. وهو من أجل ذلك لم يتخلف يوما عن موعد وصول الحافلات من المدينة. يراقب بدقة كل وافد. و إن بدا له شخصا مريبا، يشن عليه الحرب و يوظف كل اسلحته من اجل ترهيبه او اخراسه مدعوما بتأكيد الناس لقدراته الرهيبة...

يتبع

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى