رسالتان بين يوسف زيدان وإغناثيو فيراندو

الأستاذ الفاضل يوسف زيدان،
تحية طيبة من جنوب إسبانيا وبعد،
فبادئ ذي بدء أقدم نفسي: أنا إغناثيو فيراند(Ignacio Ferrando)، مترجم رواية "عزازيل" الرائعة إلى اللغة الإسبانية. لسوء الحظ لم تسمح الظروف بلقائنا عند مجيئك إلى إسبانيا السنة الماضية لتقديم ترجمة عزازيل في كل من مدريد وإشبيلية، ولم يتسن لي التعرف عليكم.
بالإضافة إلى كوني مترجما للأدب العربي إلى الإسبانية، أنا أستاذ جامعي وباحث مهتم باللغة العربية على مختلف مراحلها التاريخية وجوانبها التركيبية والمعجمية. في الأسبوع المقبل سوف أحضر مؤتمرا في فرنسا حول التراكيب اللسانية للعربية الفصحى الحديثة، وموضوع عرضي هو ما يسمى بالمطابقة الكاملة أو الدقيقة بين النعت والمنعوت. أقصد بذلك تعابير من أمثال "الأمواج الكبار" و"الكلمات الخالدات" و"الأيام المعدودات" و"الدقات الثقال" و"الدواهي الطاحنات" وما إلى ذلك (كلها مأخوذة من رواياتكم)، فقد لفت نظري وأنا أقرأ رواياتكم عزازيل ومحال وجونتنامو أنكم تستعملون هذه المطابقة بين النعت والمنعوت بكثرة نسبية مقارنة مع مؤلفين آخرين. والسؤال الذي أطرحه عليكم هو ما الغرض من اللجوء إلى هذا النوع من المطابقة التي كانت مألوفة في الشعر الجاهلي ولكنها أصبحت مهملة في العربية مع مرور الزمان؟ هل الغرض هو فقط إضفاء طابع مائل إلى القدم وطعم فصيح على أسلوب الرواية، أو هل الغرض هو التمييز المعنوي بين جمع ينظر إليه ككتلة لا يمكن فصل عناصره الواحد عن الآخر، كما يوحي لي تعبير مثل "الأيام الثقيلة" وبين جمع آخر ينظر إلى عناصره كعناصر مستقلة لكل واحد منها كيان وشخصية، كما يوحي لي تعبير "الأيام الثقال"؟ بكلمات أخرى: هل ترون فرقا معنويا بين الأيام الثقيلة والأيام الثقال؟ هل للتعبير الثاني مدلول أقوى وقدرة وصفية أعلى؟
أشكركم مسبقا على الرد على هذه الأسئلة اللغوية الدقيقة وأرجو أن لا تجدوها مزعجة، ولكني مهتم للغاية بمثل هذه التفاصيل اللسانية الجميلة الموجودة بلغة الضاد المحبوبة لدي ولديكم. . مع فائق التقدير والاحترام.



*****



العزيز إجناثيو ،
كان يسعدني ان ألقاك العام الماضي في إسبانيا ، و اتمنى ان التقى بك هناك أو هنا . . بخصوص سؤالك ، فإنني أميل اسلوبياً إلى مطابقة الوصف الموصوف في الجمع و الإفراد . ثقيلة ، مفرد . و أيام ، جمع . و لذلك أفضل : أيام ثقال . . و في مجموعتي القصصية الأخيرة ، كتبت على الغلاف تحت العنوان " حل و ترحال " : قصص قصيرات . . للسبب نفسه .

و جمع الوصف للموصوف الجمع ، اقوى دلالة . لأنه بجمعه يقع على جميع أفراد الموصوف ، فإذا قلت : لحظات جميلة . كان الجمال هنا مُجملاً ، و لا يقع الوصف على كل لحظة على حدة . فإن قلت : لحظات جميلات . كان ذلك أوقع ، و أشمل ، أكثر تناغماً من الناحية الصوتية .

سؤال لك : هل تسمح لي بنشر رسالتك و ردي عليها ، على صفحتي بالفيس بوك ، ليستفيد من ذلك المتابعون الذين يكتبون نصوصاً أدبية ?


.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى