عبدالجبار الفياض - احتضار (مالكُ بن الرّيبِ المازنيّ)

قاحلةٌ
ظاهرَها الغيثُ
فما أنجبتْ . . . ١
تنمّرَ كُلُّ شيء
حتى ضاعَ على حاذقٍ ما بينَ خُفِّ وحافر . . .
كُلٌّ
يتمحورُ في مكانِه
كأنّ النّهاياتِ
تنبُتُ يابسة . . .
ما لغيرِ كُثبانِها أنْ تروي حكايا لم تُكتب . . .
. . . . .
قامةٌ
انكسارٌ
زمنٌ
يهربُ من مكانِه . . .
حتى وإنْ . . .
فبوصلةُ العشقِ لا تُخطيء . . .
باتَ مُتّكأً
على نزَعٍ أخير
يستحضرُ السُّميْنةَ بما استودع . . ٢
خُذيها باردةً من غيرِ أنْ يغادرَ سيفٌ بيتَه
سهمٌ كنانتَه . . .
كم سعُدْتِ بخفقِ أرواحٍ على أسنةِ رماحٍ
تهاتفَتْ بثأرٍ
غارَ في عظامٍ نخِرةٍ منذُ سنين . . .
وَهْمٌ
أنْ تسعدينَ السّاعةَ بروحٍ كسابقاتِ ما رأيتِ . . .
إنّها عصيّةٌ على الألتواء . . .
. . . . .
ما خُطُّ بشفارِ سيفي
قدْ لا يَحظى بهِ فاتحٌ
فارقَ على وسادةٍ من حرير . . .
نُواحٌ
بْكاءٌ
عويلٌ
لا من أيٍّ . . .
سأجعلُ كُلَّ ذاكَ تحتَ حوافرِ جوادي
صهيلاً لغدوةِ طِراد
تتلاعنُ فيها صدورٌ ضابحة . . .
. . . . .
لا يُمكنُ أنْ تنتزعي ما تركَهُ عاشقانِ في غضى
تشابكَ ودّاً في عناق
أودعتْهُ عزيزَ ما ضننتُ بهِ حتى على قلبي . . .
خبّأتُ ما لم ترَهُ عينُكِ طيْفاً
لا يفارقُهُ جَفنٌ في مَنام . . .
قد تنبسطُ يداهُ مَلِك
لكنْ
لا سُلطانَ لهُ على ناقةٍ
تتهودَجُها عاشقةٌ نحوَ حبيب . . .
. . . . .
إنَّ سُهيلاً
بدا
بحُلّةٍ صفراءَ
فلا أشأمَ من صفرتِهِ وجهاً . . .
حننتُ إلى مَنْ كنتُ بينهنّ عينٌ
تُفدّى . . .
ما دمعٌ رأيت
لكنّي
بكيت . . .
لا أجبنَ من ناقعٍ
يتسلّلُ لقبضةِ سيف . . .
متى تفتّتَ الزّمنُ في عيوني رماداً . . .
ضاقَ فمي بحروفٍ مُتكسّرة . . .
تحدّثَ نبضي عنّي . . .
أقبريني واقفاً
حيثُ أراني على ظهرِكِ فارساً
لم يترجّل . . .
كوني مَنْ تكونين
فأنا مالك !
. . . . .
عينُ شمس
تغمض . . .
زمامٌ
ينفلتُ
لا يُمسكُهُ عزمٌ خائر . . .
له ما نوى
لكنّهُ
لا يستطيعُ لَيَّ عنانَ فرسي . . .
يمتشقُ سيفي . . .
أنْ يكونَ أطولَ من رمحي . . .
لا أحدَ
يخطفُ من بينِهم رغيفَ خبز . . .
هُمْ
يمنحونَ الحياةَ نصفَ ما يملكون ونصفاً
يُخرسونَ بهِ صوتاً
قدْ يمزّقُ كبرياءَ صُعلوكٍ
مالهُ منْ ملاذٍ إلآ العَراء . . .
. . . . .
أيّتُها الأشياءُ المُنسلخةُ عن وهن أريقي ما عندَكِ من خوف
فليسَ لكِ بعدَ هذا أنْ تحتفظي بمسمّى . . .
تمقتُ الحياةُ كارهاً لها أنْ يتنفّسَها . . .
لا عشقَ
ينبضُ في دامسِ جوف . . .
أبلغوها
مازنَ
إنّ ابنَ الرّيب
هوى إلى أعلى مراتبِه . . .
الكِبار
لا يُغلقونَ وراءَهم الباب
يغادرون صِغاراً
أمامَ عشقِهم الكبير !
يقذفونَ حجارةً بوجهِ الفناءِ
لتستقرَّ مُثمرةً من جديدٍ
أرضاً ذاتَ ثمار !
. . . . .
عبد الجبّار الفيّاض
كانون٢ / ٢٠٢١


١ - قول الرجل لزوجه أنت عليّ كظهر أمّي وقد حرّمه الاسلام .
٢ - ديار الشاعر في بني مازن .
٣ - سهيل نجم معروف كانت العرب تتشاءم لرؤيته .
أعلى