رسالة من المهندس همت شكري الشاروني الي عمه يوسف الشاروني

الرسالة الثالثة

من كاسوجاي في 17 يونيو 1995
عمي العزيز وأستاذي/ يوسف
تحياتي القلبية من وطن غربتي.

أرجو أن تكون في تمام الصحة والعافية، كما أرجو تبليغ تحياتي الي زوجتكم، أما بعد.

فلقد قمت بالاتفاق مع السيد تاناكا، وهو يقوم بتدريس اللغة العربية، علي ترجمة القصة القصيرة الأم والوحش وذلك بمجهود جماعي، علي أن تكون الترجمة الابتدائية بيني وبينه للمحافظة علي الأصالة المصرية في السياق. ثم يقوم السيد تاناكا بعرضها علي أحد مراجعي اللغة اليابانية، حيث يقوم بالتصحيح بدون التدخل في المعاني المطروحة.

بعد الحصول علي نص ياباني مترجم تبدأ رحلة الإخراج والتنفيذ. ولما كان كل ذلك مكلفاً جداً في اليابان، كان لزاماً ان نبتديء بالحصول علي موافقة كتابية منكم بخط اليد ومترجمة عن طريق القنصلية اليابانية في مصر وممهورة بختمها الذي تصدق عليه الخارجية المصرية ايضاً في مصر. وفي اليابان يجب أن أذهب الي الخارجية اليابانية للتصديق علي ختم خارجيتنا وبذلك يكون تصريحكم لنا بالترجمة قانونياً في اليابان.

من كتيب قصص قصيرة المودع لدي دار الكتب تحت رقم 4583/،82 في الصفحة التاسعة والسطر 18. في قصة الأم والوحش، استوقفتنا كلمة لئن في الجملة (لئن كان ابنها في طول السخلة فطولها لا بد أن يكن في طول النخلة). وقد شرحتها لتاناكا علي أنها الشكل المنطوق البديل ل لو أنه ، وقد اعتبرنا ال لام زائدة والأصل هو (إن كان ابنها في طول السخلة فطولها لا بد أن يكون في طول النخلة). ولكن السيد تاناكا ما زال يتساءل إن كانت الهمزة الموضوعة علي نبرة خطأ مطبعي أم أنها صحيحة لغوياً.

أيضاً لم نجد في سياق القصة ما يبرر عبورها للجسر وبُعدها عن القرية مع طفلها للغسيل قرب غروب الشمس، فاقترحت أن نزين الكتاب بصور تكميلية شارحة، فأم كبطلة قصتنا في ريعان شبابها وجمالها، وذات بشرة سمراء، انتهت من أعمال منزلها والطبيخ وما إلي ذلك بعد الظهر وقد وجدت انه قد تراكم لديها من الملابس المتسخة ما وجب غسله وما لا يجوز تأخيره حيث ان الغد له واجباته، فخرجت تغسل، ايضاً لا يعرف اليابانيون أن من ليس لديها طست تغسل فيه فليس هناك بديل أروع من النهر تغسل فيه. يترتب علي كل ما سبق أن أم سيد وجب عليها أن تغسل بعد الظهر في العلانية. وكثيراً ما كانت تتعري النساء نصف تعرية أثناء القيام بالغسيل في النهر حتي لا تبتل الجلابية، وبذلك فإنها لا بد ستكشف عن فخذيهما المغريين أثناء القيام بالغسيل. هذا هو السبب الحقيقي وراء ابتعادها عن القرية، إنه خجلها من أن يراها المارة نصف عارية وهي تغسل. بناء علي كل ما تقدم وبدون أي اضافة للكلمات أو حذف من كلمات القصة، فإن صورة مرسومة لأم سيد جالسة علي ضفة النهر تغسل، وهي نصف عارية وقد شلحت جلابيتها وعقدتها في جنبها، ومن خلفها سيد نائم تحت شجرة الجميز المصرية العيقة، وعليها الشبكة، والوحش يقترب كما تقترب الشمس من المغيب، ستقوم بدور الشارح للموقف وتبرر بُعدها عن القرية كما تصور الجميزة التي لا يعرفها اليابانيون. وصورة أخري لسيد يدس رأسه بين فخذيها وهي واقفة وقد تعري أحدهما بينما الوحش يتربص سيؤكد الحقيقة. وصورة ثالثة لأم سيد وهي تفقأ عين الوحش ستصور مدي الشجاعة والبطولة التي تتحلي بهما البطلة. واقتراحي ان تكون الصورة الثانية هي صورة الغلاف حيث تتجلي فيها الأمومة والخطر والإغراء فتحفز القاريء علي الشراء.

إن نجاحنا في ترجمة هذه القصة سيكون بمثابة قدح الزناد في سلسلة من النجاحات. هذا عشمي، فإلي أن نلتقي بالجسد ورؤية العيان حسبنا أن نلتقي بالفكر وأسود البيان.

م. همت شكري الشاروني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى