- رسالتان من الفنان جورج بهجوري إلي يوسف الشاروني

الرسالة الأولي

عزيزي جداً جداً والصديق الحبيب وأستاذنا يوسف الشاروني

فرحت جداً برسالتك وصلتني قبل يوم لسفري في اجازة علي البحر.. ما زلت أكافح في باريس.. لن أتركها.. كما أشكرك علي كلماتك وقصاصة الصحيفة التي يبدو أنك صاحب المقال.. لذلك أكتب لك متأخراً بعد عودتي الي باريس وأرجو أن يكون بقاؤك في سلطنة عمان لا يمسه شيء من أزمة الخليج.. (قصتك في العدد الأول من الناقد كانت أكثر من رائعة...).

كتبت لك المرة اللي فاتت وعندي أزمة شديدة مع نفسي فقد جف الحبر في قلمي وهي تجربة خضتها لوحدي وأنا أعرف معني العمل الأدبي وقيمته والبناء الدرامي وفن الرواية واختلافه عن القصة وما إلي ذلك فقد كنت أسمع مناقشات الأصدقاء وكبار رواد القلم. أذكر حديثك الأخير مع ألفريد فرج علي إحدي مقاهي الحي الخامس عشر في باريس بجوار فندق السلام علي ما أظن.

هذه الأزمة استمرت معي حتي الآن.. فقدت الذاكرة أو أني أعرف الكتابة، فتوقفت تماماً، وكلماتك هي الوحيدة التي جاءتني مطبوعة في نشرة من دار الريس.. أنقذتني.. وقد قلت لي العنصر الروائي غير متوفر.. هل هي سيرة ذاتية أكثر منها رواية.. هل تنصحني بأن أكتبها مرة اخري علي لساني.. رغم أني أعدت صياغتها تماماً قبل ظهور النتيجة .. فهل يمكن أن يطبعها لي رياض الريس.. رغم صداقتي به لا أستطيع أن أكلمه في هذا الموضوع.. هل يمكنك أن تسأله.. أو ترشحها لتري النور.. وأن تقدمها بقلمك علي أية حال ومعها عشرون رسماً وغلاف ملون.. أسف جداً لعدم إرسال كتابي الصغير بهجر في المهجر لأني لا أملك ولا نسخة.. محبتي الدائمة لك وفي انتظارك في باريس مثل زمان.

جورج بهجوري
9 سبتمبر 1990

***

الرسالة الثانية

عزيزي جداً يوسف الشاروني

لا تتصور مدي فرحتي لكلمتك التي وصلتني من دار نشر الناقد في لندن وبها آراء لجنة التحكيم وتكرمت بتشجيعي وذكر اسمي في المركز الثالث.. حاولت أن أجد عنوانك لأكتب لك ولكني من حسن حظي عثرت علي عنوان يعقوب في لقائنا هذا العام في افتتاح معرض في الزمالك.

أنا عارف الرواية ناقصة شوية ومليانة أخطاء وهو جهد أشكر عليه لدخولي عالماً مخيفاً مثل الرواية ولكن العمل كان موجوداً عندي من زمان بشكل خاص وسري جداً ولقيتها مناسبة للمغامرة قعدت ثلاثة شهور الصيف اللي فات أكتب وأحرق في سجاير علشان أعرف أطلع اللي عندي ولكن الوقت زنق ولم يبق عندي لآخر موعد للتقديم غير اسبوعين وكان لسه فاضل الجزء الأخير وكأنه اتفكك مني ومش عارف ألملمه وبجهد مضني حتي الإرهاق والمرض استطعت الوصول الي النتيجة الأخيرة اللي انت شفتهما.. وهي مفاجأة أن أجدك علي قمة اللجنة.. ولكن خطاب رياض الريس لي وهو يعزيني لأن الحظ لم يشأ أن يكون الي جانبي جعلني أشك في الحكاية وخاصة ان إدوارد الخراط جاللي بعد افتتاح معرضي بيومين وكان عاوز يتكلم معاي في موضوع خاص.. هكذا شعرت من غير ما يقوللي حاجة.. أما محمد برادة فجالي وقاللي مبروك روايتك دي حلوة جداً وفهمت أنه في اللجنة ولكن ما رضيتشي أطلب منه أي حاجة.. وفهمت أن الاثنين طلبوا طبعها بالاضافة الي ترشيحك للثالثة.. فهمت بعد كده كمان أن الرواية لا يمكن أي ناشر يطبعها ورياض كما اعتقد مش عاوز يتورط والسؤال هو هل الأدب العربي لا يقبل رواية عن الأقليات. أشعر بألم شديد ولا أجد هنا في باريس من أكلمه ويفهمني فأرجوك أن تكتب لي.. بأي شكل من الأشكال.. فلا أتصور أن العمل لا يري النور ناهيك عن جوعي في باريس أحياناً وكانت قيمة الجائزة المادية أيضاً تنقذني من لحس بالتة ألواني طالما أن برطمان المربة الوحيد خلص وألوانه زي ألوان البالته.

أنا كتبت كلمة غاضبة لإدوارد الخراط برغم إني ما اعرفش عنوانه ولكن بعتها عن طريق صديقه وصديقي الرسام عدلي رزق الله يمكن توصله وأرجو هوه كمان ان يرد عليَّ.. وأنا ديمقراطي أقدس حرية الرأي ولكن طلبت منه توضيحا أو نصيحة فهناك فقرة مفتوحة وخاصة أنك أشرت في كلمتك عني وذكرت أسمه.. لكن أعتقد أنه رغم نزاهته ظلمني..

ورغم ذلك.. أعدت صياغة الرواية وكتبتها من جديد وأضفت 100 صفحة وأعتقد أنها أكثر رسوخاً وبناء.. ومعها 20 رسماً من أحلي رسومي منذ كنت طالباً في الفنون التشكيلية - محبتي وشكراً.

جورج...
10 يوليو 1990

* رسالتين أرسلهما الفنان جورج بهجوري للكاتب الكبير يوسف الشاروني وذلك أثناء إقامته في باريس ابتداء من سنة ،1990 وكان يوسف الشاروني وقتها يعمل في سلطنة عمان كما أن أزمة الخليج كانت متفاقمة في تلك الفترة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى