رسائل محمد زهير الباشا الى شربل بعيني - تابع

26 -

3/3/1991
أخي الأعز شربل بعيني المحترم
أطيب تحية أرسلها إليك وإلى الاسرة الكريمة.. وبعد
فقد مزق القلق أعصابنا والأتون يحرق ولا يحترق، وننتظر البسمة من كلماتك لتشدني بها إلى شاطىء النور، فأستظل بكلمتك، وأعيش برفرفتها، وهي منك في موضع القلب، وهي مني القلب كله.

ونحن نقرأ الأحداث مرثاة ودموعاً، وتمنيت أن تلتقي الشوارع العربية كلها في ساحاتها العامة لمأدبة هي: الندب واللطم والعويل.. لعل مثل هذه المآدب تنوب مناب مؤتمرات القمة المصطنعة المؤلفة من ولائم وقبلات ووداع وقرارات، تظن بعدها أن الجنة قد هبطت إلى هذه الدنيا، ولكن هيهات هيهات لما يوعدون..

من الاستيلاء والأسر والقلاقل.. إلى الاشتبكات والتدمير.. إلى الحرب والنهب والسلب.. إلى المعارضة والتصريحات والمشاريع ذات المخاطر.. تساقطت بقعها الدموية صفحات فخرية في تاريخ هذه المنطقة، وطن المآسي والدموع.

تمنيت أن ألتقي بالشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي، لكن الظروف لم تسعفني، فقد عرفت موعد ندوته الشعريو عقب انتهائها، لكني التقيت بالفنانة القديرة والممثلة البارعة هيلدا زخم في عمل فني تقوم به. واليوم الاثنين سنلتقي في حفل تقيمه شركة حياة للانتاج الفني، ولي في هذا الانتاج الفني قصة إذاعية هي قصة: الضفدع الصغير، أما هيلدا فتشارك في عمل إذاعي أيضاً باللهجة الشامية العريقة. لا أدري ما الذي حدث لإنتاج هذه الشركة؟ أرجو لها التوفيق بأن تتقدم شبكات التلفزيون والاذاعة لشراء هذا الانتاج.. انها مجرد فرع للعمل الصبور.

مجلة غربة تأخر صدورها، ربما الشهر القادم، تنتشر آلام المغتربين في مجلة، وأي صفحة تجمع هموم الهاربين من ظروفهم الهالكة؟

المنتدى العربي، نادي التراث العربي، تأجل افتتاحه، ولعل عودة الشرعية إلى الحياة، شرعية القلم بأن يكتب بحرية لمثل الظروف الطاحنة التي مرت بنا.

أرجو أن تكون قد وصلتك نسختان من (العصفور الجريء).. على كل مع هذه الرسالة نسختان أتمنى أن تصل إلى أناملك كل العصافير الجريئة.

وليس لنا سوى منابر الشعر ملاذاً لكل الأجنحة التي أراد جبران أن يعيد إليها لحمتها، لكنها ظلت أجنحة متكسرة في مواكب توزع الرمل والزبد، والنبي يطوف حول القلوب ليجفف الدمعة وليقرأ البسمة.

أنتظر بفارغ الصبر أخبارك الطيبة وأخبار الرابطة وأخبار نشاطاتك، لكن الذي آلمني هو إلغاء اسمي من قائمة المستشارين لمجلة الثقافة، إذ وصل إلي عدد شباط 1991، وفوجئت بهذا الإلغاء غير المبرر، سامح الله أخانا الشاعر مدحة، كما فرحت لما لاقت قصيدته من ترحيب.

أحاول كل جهدي أن أسهم بالنشاطات الأدبية والفكرية عقب مرحلة الفتنة الدموية في الخليج، لن أدخر وسعاً في كل المساهمات لعلها تصيب، فمن مسرحية إلى منوعات، إلى سهرة فنية، إلى فلكلور سوري لبناني معاً، وهذه الأمور تتحقق يوم أن يفتح النادي أبوابه.

ليبارك الله خطواتك، ولتبقى كلمة الحق معززة بأهلها، راسخة الجذور بأصالة أبنائها.. وبانتظار رسائلك، أشكر لك مخابراتك الهاتفية، راجياً لك وللاخوة الشعراء والادباء كل الخير.

لك كل المحبة والتقدير

أرجو أن أطمئن على وصول رسالتي وبها نسختان من قصة العصفور الجريء.

مع هذه الرسالة مقالة عن (شظايا عيون مجربة).. وأرجو أن تعلمني هل باستطاعتي طباعة قصص الأطفال في لبنان عند أخينا عصام حداد؟ أخبرني بذلك رجاءً علماً بأني أرسلت إليه نسخة عن القصة على نفقتي طبعاً.

أخوك
محمد زهير الباشا

***

27 -

25/4/1991
أخي وشقيق الروح والقلم شربل بعيني
سلاماً وأشواقاً وبعد..
فما أخبارك؟ وما مشاريعك؟ وما أمورك الصحية أولاً؟ أرجو من الله أن تكون بخير وصبر وتفاؤل..
العصفور الجريء.. لم يسمح له أهل الحسد والكيد أن يطير بحرية، وأن يشدو لكل الأقفاص وقد احتوت على قضبانها أروع الحناجر وأحلى الأغنيات.

كل حاسد بدأ يلقم العصفور بحجر، ويرميه بالكلام، لعله يختفي وهو الأجرأ، والأشد عتواً على الظالمين، ومن منهم البريء حتى يرمي العصفور بحجر؟

وحمدت الله أن نالت القصة إعجابك وحازت إعجاب الأطفال، وشكراً لهم على تصفيقهم وترحيبهم..

أحاول كل جهدي البحث عن مطبعة في سوريا أو في لبنان، وإلى الآن لم يأتني الرد من الأخ د. حداد. وكم أعجبت بتعليق الأخ كامل المر: آخ منك آخ يا باخ.. في عندي كنز عظيم مثل كنوزه الرائعة في كتاباته. أنهيت أمس أنشودة لأطفال الحضانة ينشدونها في تخرجهم وجعلت عنوانها: أهلاً أهلاً بالزوار. كما أنهيت أوبريت صغيرة للأطفال تأجل إخراجها وتنفيذها للعام الدراسي القادم.. وبتأثير من بديع الزمان الهمزاني أعددت مقامة ربما تمثل في الأكاديمية لطلاب 11و12 ربما.. وتبدأ:

أنا عيسى بن هشام، اشتهيت وجبة من طعام، وأنا في بلاد العم سام.

وبالمناسبة جاء زوج ابنتي من لندن: زياد، وشاركني أيام هذا العيد، وقد ذبحت الخراف البشرية على أرض الأمة اليعربية. اليوم، سافر زياد إلى لندن، وبعد شهرين سأكون في لندن للإستجمام، وليتنا نلتقي في لندن لنمضي كل ألأوقات ونحن نعيش بين أحضان الكلمة الشاعر والآفاق المموسقة، كما يقال اليوم. لكني تذكرت ما قاله مرة تولستوي، ما لفظه: لقد غرقنا في الوحل ثلاث مرات، وقلها غرقنا في برك الدم.. ثم غرقنا بالوحل ثلاث مرات.. ولكن ليس هناك من هو أنظف منا.. أليس هذا هو التطهير الذي دعا إليه دانتي في جحيمه؟ كم مطهراً غرقت فيه أمتنا؟

كم مستنقعاً صنعناه بأنفسنا ثم رمينا صناعتها على أيدي الاستعمار؟

أخي شربل..
مهما اشتكى النبض إلى النبض فإن المأساة أقسى من يتحملها نبض أو فكر.. إنه نفق مأساوي شديد العتمات أعادنا إلى قرون الظلمة والظلام.

أحييك يا أخي.. ولعل الأخ حداد يسعفنا بآرائه من أجل طباعة قصص الأطفال.. وأرجو أن تهدي سلامي وأشواقي إلى أستاذنا كامل المر، والى الاخوة الياس وفؤاد ونعيم وعصام وعصمت وزين وراشد وجوزاف وجميل وأنطونيوس وأكرم، كما أخص بالسلام الوالدة الكريمة، وأتمنى أن تكون قضية لبنان قد حلت وتحللت من أشواكها الدامية، طالما عاد إلى بناية المر في بيروت مظهر العودة إلى الحياة الطبيعية.

بانتظار رسالتك القادمة، أرجو أن تكون كل ألأمور على أطيب حال.

هل ترى معي إرسال عدد من القصص للأطفال وتباع بالمكتبات العربية أو في الأوساط العربية على سعر هو دولاين؟ وإن وجدت بها صعوبة فأرجو أن تعتبر هذا المقترح ملغى.. ويبقى الأمل في الصبر.

وإلى اللقاء

أخوك
محمد زهير الباشا

***

28 -

12/5/1991
أخي الأعز ورفيق الصدق في الدرب والعطاء
الأستاذ شربل حفظه الله..
تحية النسب الذي جمعنا، وقد تزيّا به غيرنا وسماه أدباً وهو ليس بالأدب..
وبعد..
فكلي أمل أن تكون بصحة وعافية، وأن يظل قلمك سيفاً سحبته من غمده ولن يعود إليه.. وآمل أن تكون الوالدة الكريمة بخير وعافية.

أتمنى أن تسنح لك الفرصة ولو ساعة أو بعض ساعة، لتتكرم عليّ بقراءة (من تحت لتحت) التي عانيت من أجل نشرها الكثير، إذ أصبحت بهذا الحجم وقد ارتضيت بما كان، وحذف ما وجب.. وقد كان..

ولعل الفنانة نجوى عاصي تحين لها فرصة قراءتها، إذ ليس المهم اللهجة، فبالإمكان أن تكون اللهجة حسب قدرة الممثلين ولهجتهم المناسبة لدورهم، وكل له دوره في مؤسسة الاخاء اليومي لمحرقات الشعب.

ليتك تعلمني عن مقدمة المسرحية، فقد اعتبرها أحد نقاد المسرح ـ من بلاد برّه ـ طبعاً انها تحمل إيديولوجية الفن المسرحي.. فما ارتضيت بكلامه لأني لا أحب الطلاء ولا بودرة المساحيق، أريد الابتسامة على شفتين صادقتين بلا مراءاة او دجل.

أما السفر إلى لندن، فسيكون بإذن الله في 24/6، وسأبقى شهراً وقليلاً من الأيام. سأرسل لك من عاصمة المكائد والمسرات رسالة أخبرك بما سيتم من أمور جديدة. ربما ألتقي بزوجة تحمل عني المشاكل اليومية.. ربما.. ربما.. وإلى الآن والامور تتجه نحو الأحسن، إذ لا يمكنني أن أعيش بوحدة وغربة، فابنتي لينة تسكن معي، لكنها بعد أشهر ستغادر منزلي إلى منزل مع من تختاره، وهكذا الحياة تدور.

أما قولك: ان شاء الله نعود جميعنا إلى الربوع السماوية، ونلتقي بأحبائنا، فأرجو ذلك.. وأنت تعلم إذا عدت إلى دمشق يصعب علي الخروج منها لأسباب أنت أدرى بها. لهذا أتمنى أن نلتقي معاً في لندن، فابنتي وفاء تحمل في تعاملها كل ما نشأت عليه من تربية والدتها المرحومة، فهي ألأكرم والأرحب، لكنها عصبية المزاج لأبيها، سامحني الله.. هكذا جبلت.

أشكر لك تكرمك بتوزيع القصة على الأصدقاء والأحبة، وشكراً لهم على ثنائهم بأسلوبي، إنه اسلوب متواضع جداً.. وما زلت أحاول طبع ونشر وتوزيع بقية قصص الأطفال، والمواعيد كثيرة، والعيون فارغة، والأيدي تصافح وتطعن.. وبعد أن شب الحريق في الوطن ودخلنا النفق المظلم.

هذه ساحرة سندريلا تداعب أحلام الفئران لتجعلهم طواويس يسيرون على دماء الشعوب، ويستعذبون صراخ الثكالى:

أمتي، كم صنم مجدته = لم يكن يحمل طهر الصنمِ

هذا بيت لعمر أبي ريشة، حفظته ورددته وكدت أدفع حياتي ثمناً لتلك القصيدة.. ثم قرأت: إنما الميت ميت الأحياء..

مع كل التحية والتقدير لك وللاخوة أعضاء الرابطة، ولكل من يحب العدالة والحرية والصدق بالتعامل..

مع تحيتي للأخ شوقي، وضمن هذه الرسالة كلمة دافئة عن كلماته الثائرة، ولا بد للحق أن ينتصر ولو طال النفق، وكثر المنافقون، واشتدت أواصرهم. وإلى اللقاء..

أخوك
محمد زهير الباشا

***

28 -

5/8/1991
إلى الأخ الأعز شربل بعيني المحترم
ألف تحية وألف سلام.. كل التحيات إليك من قلبي الذي يودك أن تشفع لي بهذا التقصير.. إنه الزمن الذي يحرّك فينا مواجع الكلمة، ومواجع الوطن أعاصير صحراوية مرة، دروع البادية مرة، انتشار سريع لقوات لا تدري من أي ثقب مرة أو ألف مرة.. وأنا في لندن مدينة السياسة والتقلبات والمصائد وتركيز المكائد، مثل طقسها وضبابها وأمطارها، ونحن كما قلت مرة في المسرحية: غارقون في الجهل والتجاهل، يهمنا أن نسمع دويّ التصفيق لسكان الشرفات المطلة على الشوارع الملأى بالمسيرات المسيّرة، وويل لمن يفكر في ذهنه، ولو بلمعة واحدة، أن يحمل لافتة سجل فيها مشاعره نحو تلوث المياه، أو نحو غبرة الأحقاد الممزوجة في أرغفة السياسة العربية.

وأخيراً، صدرت غربة، وبين يديك صفحات سعيت كل جهدي أن تصدر قبل أشهر وأشهر، فالرغبو متوفرة، لكن حبائل الشيطان المتأمرك بدأت تدس أنفها في كل صفحة، وصبرت على ذلك، حتى رأت النور، وأنا في مدينة الضباب الملون وفق الشوارع والأقبية.

أحييك، فقد أصغينا بقلوبنا إلى الفيديو في يوم لبنان، بل وصل الفيديو إلى مدينة أوكسفورد، وتعرّف أدباؤها العرب على هذا النشاط الأدبي برعايتك، ورعاية أعضاء الرابطة الذين قيدوني بمعروفهم.

لا أدري ما الذي تم بشأن تكريم الاستاذ مدحة لنيله جائزة جبران؟ المهم بالأمر أن نكرمه..

أخي شربل..

أرجو أن أطمئن على صحتك أولاً، وعلى مشاريعك الأدبية والفنية، وما أخبار الجالية العربية ونشاطاتها؟

تحياتي إلى الاخوة: كامل، فؤاد، عصام، جميل، نعيم، عصمت، زين، راشد، جوزاف، أنطونيوس، الياس، كلارك، أكرم، فؤاد نعمان..

وطبعاً ذهبت إلى لندن وحيداً وعدت إلى واشنطن ومعي الحرم المصون كما تقول اللغة، وقد تم ذلك القران في 8/7/1991، فأنا غير قادر على طبخ قطعة من البطاطا في مقلاة زيت، فكيف بالطهي على أنواع التوابل؟

على كل ولله الحمد.. بانتظار رأيك في غربة، وبانتظار كلماتك النابعة من صدق عواطفك، أتمنى لكم جميعاً دوام الصحة والسعادة. وإلى اللقاء..

أخوك
زهير

***

29 -

30/10/1991
الأخ الأعز شربل بعيني المحترم
سلاماً واحتراماً وبعد..
فكيف هي الصحة أولاً.. ولا تسأل عما تخبئه الأيام؟
أهجرتنا يا صاحب الحرف المعطر، والكلمة المنداة؟ سامحك الله، وهل أكتفي بسماع صوتك بالهاتف ليهدىء من شوقي إليك وإلى كلماتك التي هي البلسم في الغربة؟.. ففي كل يوم أكون على لهفة لأجد رسالة منك فلا أعثر.. ولكني أدهش وأتحسّر وأقول صبراً ليوم غد.

أتظن بي من دعاة السلام في هذا النظام العالمي؟ أيضاً سامحني الله، فلا أتهم نفسي وأنت مع نفسي شقيقها في كل نزيف وفي كل إشراقة.

وهل تعتقد أني من دعاة الحروب؟ لكني من دعاة الحق والسيف بيدي لأحمي به حقي وحق جاري وحق أجدادي. وليس من المعقول أن يخصص الله ربنا قطعة من أرض لإقامة مملكة بالدم والقتل والذبح.. لكني وجدت يوماً على سطح المياه في بلدي مذابح هي في التاريخ الإجرامي أقل جرماً..

ما لنا وللاجرام.. أفتقد كلماتك وأنت النبع الغني الذي ينثر الحب على أفئدة العصافير، وأنت على حروفك منارة الود والإخاء لتجمع كل من تكسرت أجنحتهم على آهاتك مشاركاً، متأوهاً عاشقاً كسر الأسنة.

أحييك، ومع هذه الرسالة (غربة بعد دين معاً).. وأنا بانتظار بسمة مودة على صفحة أقرؤها بقلبي وبخط يدك.

وإلى اللقاء

مع أطيب تحية إلى إخوتي في الصدق والحرف المقدس أعضاء الرابطة، والى الأخ الدويهي أطيب تحية، وله نسخة مع هذه الرسالة.

المخلص
محمد زهير الباشا

***

30 -

بدون تاريخ
أخي شربل
يا أوفى الأوفياء..
أحييك أطيب تحية.. وبعد
فها أنذا على الوعد، أضع بين يديك صورة للأحلام التي رسمتها حروفك المتوهجة بالحب في (معزوفة حب)..

سمعت المعزوفة وأنا أناجي الأحلام.. تردد في أعماقي أصداؤها من عالم المحيط إلى التفرد والغربة في أرض كولومبس.. عشت مع كل زجلية، حملتني آهاتها إلى رابع الذكريات، رمتني ذكرياتها على كل غبار وأنا أنتظر رسائلك وأسمع كلماتك.

معزوفة حب.. مجد جديد تسطره في طريق عطائك المتجدد، فلا تبخل على الشعر بكلماتك، بتحليق آهاتك إلى عليين وأنت تقود الأبصار إلى أن تلامس خدود الزنبق والورد، وأنت ترشرش السعادة في عيون العاشقين الصابرين وأنت تحارب الحسرات، ولكن الغربة تظل الجرح على الملح، وإلى النار كل الحاقدين الملوثين بالمظاهر الخادعة والجشع القاتل.

ونحن.. ناطرين معك على كل الصخور العطشى حتى نسمع في كرومك أن القمر على صدرها يغني تراتيل عشقك ومودتك ووفائك.

أخي.. يا أوفى الأوفياء

أرجو أن تبلغ تحياتي للوالدة الكريمة، حفظها الله وأدام عزها، وأن تبلغ تحياتي للاخوة أعضاء رابطة إحياء التراث العربي.. وإلى الأدباء في صدى لبنان..

وللمعلومات فقط:
1ـ بدأت المطبعة في طباعة (المتنبي يجلو مقلتي نسر)..
2ـ هناك فكرة نتداولها وهي: هل يمكن أن تصدر مجلة في واشنطن يشترك فيها الشعراء والأدباء في سيدني. الدراسة مستمرة إذا استطعنا تأمين النفقات الضرورية. سأخبرك بما سيتم بهذا الأمر.. نرجو الله أن نوفق.
3ـ ربما أستمر بالكتابة عن عبقرية اللغة العربية فتكون كتاباً بإذن الله.. فلديّ مخطوطها لكنه بحاجة إلى مراجعة وتنقيح مع زيادة في الموضوعات..

لا أريد أن أسترسل بالأحلام..
فإذا كان القوافي يغرهن الثناء
فأهل الكلم يغرهن الضياء
ضياء الآمال والأحلام..
وفقك الله..

4ـ يوم 17/4 سينال تميم الجنسية، وما بعد.. سأحصل على الإقامة الدائمة، حينئذ أستطيع السفر إلى ما وراء البحار.. فما رأيك؟

وإلى اللقاء

أخوك
محمد زهير الباشا

***

31 -

1/1/1992
إلى أحب نبضة شعرية حركت فيّ كل المشاعر.. أخي الأعز شربل
تحية أخوية وأشواقاً وبعد..
فكيف أحوالك؟ زصحتك وإرادتك؟ ومتى نفرح وأنت تختار عروسك، فهي تعيش معك وبشعرك وبغضبك وبهجتك في آن؟ أم أنت أبعد من أن تنفذ ما تود اختياره؟ الأنك فضلت الشعر والعزلة وعيشة الفراشات؟ الأنك ارتأيت العيش مع القضية فقط؟.. قضية الوطن، قضية الجمال، قضية الحب والعدالة، وليسقط الاستعمار النسائي.

شكراً لك، فوصول (نجمة الساري) للشاعر عصام ملكي كان وما زال فرحاً يحرك المواجع، وقد وضع النور على الأوضاع، فعرفنا المعاناة وشهدنا الأفراح وما نالنا منها.. قصيدة ممتازة تفتح لنا الأبواب ليلج القلب إلى الهمسات الجارحة والآفاق المنطلقة.. وشكراً لمجلة الرابطة، وأرجو أن تستمر كل المواهب بعطائها ونتاجها، فتنشر في كل الدوريات ليعرف الناس ما يملكون من مواهب وقدرات.

والنضال اليوم على واقع مؤلم، حملناه معنا من الوطن، فكانت العقد النفسية سدوداً منيعة لمتابعة النهوض بالفكر وبالشعر والقصة والنقد.. عوائق تمر بنا والغربة شاهدة على أن هذه العقد النفسية تجرنا إلى الخلق.. فبانت (غربة) تجمع عددين في عدد واحد، فقلت أهلاً وسهلاً، فهذا خير من انقطاع مفاجىء، لهذا بقيت المساحات الصالحة لنشر المقالات على حالها.. الشيء الوحيد الذي استطعت إنهاءه: دراسة متواضعة حول خطوتك الجريئة (مناجاة علي)، فكيف أكتب وأسرتي، كما تعلم، دفعت، وما زالت تدفع ثمن وجودها من أتباع أتباع علي، وهو بريء من هذه التصرفات القمعية؟

كيف تستطيع أن تلحم هذه الفجوة المدماة بالألم، وبالدفن لأبنائنا أحياء في صحراء تدمر؟ لا بد من الصراع على الحكم، على الكرسي، على المائدة، على الرغيف، على القلم، على الآهة.. لكن الصراع بالحوار حضارة، الصراع بالتفاهم تقدم، الصراع بالمنافسة الشريفة ارتقاء للنفس البشرية.. أما أن ينقلب الصراع فتك وغدر وقسوة، فهذا الصراع لا لخدمة الجالسين على الكراسي، وإنما هو صراع لتأمين النجاح والفوز والبيعة المزيفة قبل شهر، وأنت الأدرى، ما في الساحة الودية من انتهاكات!

سررت لأن كتابك الجديد (مناجاة علي) قد ترجم إلى عدة لغات، وأرجو أن يترجم إلى العربية على قلوب العرب، فيفهمه قراؤه العرب قبل غيرهم من العجم.

هدفك في الكتاب المحبة ونشرها، واللقاء بالله وحده، فهل إلى هذا السبيل نحن سائرون؟ ألم تسمع صرخة خليل الكافر لجبران خ ج وهو يصرخ داعياً الرب بأن يمنح الأرض الحرية والعدالة. سيبقى شرقنا منكوداً بطائفية تمزق.. تشتت.. تقتل.. تفني.. تنحني لربها، وأصبح لكل طائفة رب وأرباب، فمتى نتخلص من هذا التعصب والتزمت؟ وما قلت لك كفيل بأن يحيل هذا الصراع إلى مستنقعات ملأى بالمهربات. وويل لأمة تبحث عن سكاكين تمزق أوصالها، بدلاً من أن تشحذها للدفاع عن وجودها. فالوجود العربي مرهون بطلقة صواريخ من مستعمرة ديمونة، أي صحراء النقب. لذلك كتبت قصة (نخلة في صحراء النقب) ومن الذي أبعدها؟ هم أهلنا وليس عدونا!؟

أحييك أطيب تحية.. وهذه الرسالة الأوى إليك في مطلع هذا العام الجديد عام 1992م.. أحببت أن تكون رسالتي وقد سطرت عليها نبضاً مما أكنه إليك.. وما أود نشره لا تكفيه هذه الأسطر وأنت الأعلم بما في قلبي، وما تسطره نبضاته. أهنئك وأتمنى لك وللاخوة الأدباء أطيب عام، وأرجو أن تهدي سلامي إلى: كلارك،أكرم ، بو رزق، الدويهي، بو ملحم، الحلاب، الأيوبي، ملكي، نعمان الخوري، المر، خوري ونمور.

وللوالدة الكريمة تحية خاصة وتهنئة بحلول العام الجديد. وفقنا الله إلى ما فيه الخير للبشرية، دون النظر إلى لونه ومعتقده ومواقفه السياسية. ألا نعود إلى أنفسنا وعقولنا ونحن نشهد هذا التفكك المذهل للقياصرة الجدد، المتربعين في الكرملين سبعين عاماً؟ ألا نعود إلى أنفسنا وأمامنا التكتل الأوروبي ونحن غارقون في التيه؟

حماكم الله وإلى اللقاء، وأنتم جميعاً بأطيب صحة

المخلص
محمد زهير الباشا

***

32 -

فرجينيا/18/5/1992

الأخ الأعز شاعر الرقة والغزل شربل
أحييك أطيب تحية.. ولعل كتابتي هذه تحمل ما أود من مشاعر أخوية وأمل كبير بأن أرد لك جزءاً من وفائك وشهامتك بهذا التعامل الذي لا أنساه أبد الدهر.

ماذا أفعل؟ وكيف أخبرك عما حدث معي في مجلة (غربة)؟ لم يعرف المسؤولون عنها أن الصحافة ثقة وتوقيت محدد وحقيقة واضحة، فلست على استعداد لأن أنقد الشبكة العربية الأميركية، وهي إذاعة مرئية، وإذاعة سمعية، مقابل الثمن الذي سيدفع للمجلة.

لست على استعداد لأن أؤجل العدد إلى ما شاء الله، ونحن تحت أوامر وتعليقات أحدهم التي لا تنتهي.. وتحت المواقف التي أبعدت المحردين الواحد تلو الآخر.

لست على استعداد أن أبيع وقتي هكذا دون أن يكون لدي سوى الابتسام الماكر، ولحمي يكون مراً شديداً إن اشتعلت دماؤه. أعطيت ثم أعطيت لأربعة أعداد ما استطعت، وهيأت كل المواد المخصصة لي ضمن المجالات الادبية.. من شعر ونثر ومقالات وتعليقات، ووجدت بعد ذلك أني المسؤول الأول والأخير عن التقصير في إصدار غربة. لقد ثرت يا أخي شربل وودعتها، وصوتي يعلو على مساوئهم، وحاول صاحب غربة أن يعيدني لحظتها، لكني فضلت الاستمرار بالابتعاد. كما أني فوجئت بالعدد الرابع وفيه مقالة غير مذيلة بمن سطرها وعنوانها (من مزبلتي إلى مزبلتك)... فهذا عنوان لا أرضاه.. قلت لهم: ليس لدينا مزبلة لتبقى المزابل لدى كلابها، وإذا نشرتم رداً فاكتبوا اسم صاحب الرد، رغم أني لا أوافق على مثل هذه السياسة في علاقاتنا مع الصحافة. إنهم زملاؤنا، وستبقى العلاقة طيبة، لا وسخة رداً على وسخهم!

القضية أن أحدهم يستغل صاحب المجلة وزوجته بمعلوماته الصحفية، ولغته ونكاته المصرية، وأنا لا أستطيع أن أهضم دجالاً في الصحافة.. يكفي ما حل بنا من دجاجلة الفكر والقلم والشعر والتعليقات!.. ولما التقينا في بدء وضع مخطط للمجلة اشترطت شيئين: الوضوح .. وعدم الطعن وعدم الغدر بالغياب. فكل شيء يجب أن يكون على المكشوف، وسارت الرياح بما لا تشتهي كل النفوس.

أكرر لك عذري بأن أطلت عليك زفرات كلماتي الغاضبة، وليس لي سوى قلبك الكبير الذي بدأت به سيرة ملاح يبحث عن الله.

أرأيت كيف نغرق النور ونطفئه حباً بالانانية واندفاعاً للشهرة المقيته التي لا ترتكز إلا على الشر والانانية وحب الذات فقط.

أخي الاعز..

أطيب تحية لك وللأسرة، وللإخوة أعضاء رابطة إحياء التراث، وكل من أغدق علي وفاءه ومحبته ونبل مقاصده.

وإلى اللقاء.. بأخبارك السارة بإذن الله.

أخوك
محمد زهير الباشا

***

33 -

لندن ـ ريشموند/4/آب/1992
الأخ الأحب شربل بعيني المحترم
ألف ألف تحية، وألف ألف سلام لك وللأسرة الكريمة.. وبعد
فقد سعدت لوصول رسالتك إلى واشنطن، ثم أرسلتها ابنتي لينة إلى لندن، لأني لم أستطع الانتظار حتى عودتي إلى واشنطن، فأشرت عليها بالاسراع، فوافتني كلماتك اليوم الثلاثاء، ولله الحمد الأسرة بخير وصحة وعافية، لولا غلاء الأسعار في لندن لكانت إحدى جزر النقاهة، لكن البلاهة الانكليزية المصطنعة ما زالت على وجوه الانكليز، فهم النبلاء والأغنياء المترفون من بني قومهم، وكأن ليس في العالم سوى النوعية الانكليزية، والبقية من بني البشر توابع، وكل الاسعار هنا تعادل ضعفي الاسعار في واشنطن.

ونعود إلى حديث آلمني جداً، وهو أني صممت على عدم الرجوع إلى (غربة)، كما شرحت لك بالتفصيل، وللعلم فقط، فإن أحدهم قد شارك معنا بثلاثة أعداد، ولما لم يعجب ذلك السيد المعاطي، سارع إلى إبعاده، فكان هذا مفيداً له، إذ يصدر كل اسبوعين مجلة أسماها (الوطن)، تعتمد على ريع الاعلانات فقط، وتوزع مجاناً، لكنها تنتهج خطاً لست موافقاً على نهجه ولا هدفه، ولا على اسلوب المجلة تلك. فهي تتحرش بالسفارات، وتقدم السفالات، ولست أبيع حرفاً لهؤلاء الطغاة.

وأشكر لك كلمتك (أنك على استعداد لتنفيذ ما تريد نشره)، انني على يقة من أن قلبك الكبير يتسع لكل العواصف والرياح والغيث العميم.

إننا اخوة الحرف المقدس، فهو نبض نور في عالم الطغيان والديجور، ولن نلوث صفحة النور أمام استبداد الانانية والغدر.

وإنني اليوم غارق في بحث عن شعراء عصبة الأدب العربي في البرازيل، وسأقدم هذا البحث إلى كلية أوكسفورد، وقد وافيت هؤلاء الاخوة الشعراء برسائل ذات استفسارات عن نتاج شعرهم، وأنا بالانتظار، وقد يطول، وربما وربما لا يأتي الجواب من أحد. لكني سائر بالبحث عن هذه العصبة التي تلت العصبة الاندلسية وجامعة القلم، فلا بد من أن يتعرف عليها أدباء الوطن وأدباء المهجر. وأرجو أن أوفق إلى إتمام هذا البحث في الأشهر الثمانية القادمة بإذن الله.

وفي 14/8/1992 سأتوجه إلى واشنطن لأقوم أيضاً بإكمال قصص الأطفال، وإلى دمشق وصل (المتنبي شاعر يجلو مقلتي نسر)، بعد أن تعب على شواطىء فينيقيا وشواطىء الأطلسي وبحر المانش، واستقر الآن للمراقبة والموافقة على الطباعة والنشر والتوزيع، ويحتاج الأمر إلى شهرين ثم تجري المداولات مع إحدى المطابع، إذ من الصعب طباعة المتنبي في واشنطن، لأنه رفض الجنسية والإقامة والعمل وأراد أن يكون ويبقى عربي اللسان والقلب دون ترجمان.. وهذه مقادير الشعراء.

تحياتي إليك وإلى الجميع راجياً العلي القدير أن يوفقنا إلى الخير، الخير لكل عباده..

ودمت لأخيك
محمد زهير الباشا

***

34 -

فرجينيا/22/10/1992
أخي الأعز شربل بعيني المحترم
تحية الصدق والوفاء أبعثها إلى قلبك العامر بالأخوة والانسانية، في زمن تتهاوى فيه البشرية على أرض الوطن إلىأسفل سافلين، إلا الذين رحمهم ربك فصبروا وصابروا.

لقد ذبحتنا المتاجرة بالمعتقدات المنزلة والأرضية، وازددنا كل يوم معتقداً، وكل يوم كتلة، وكل يوم عصابة تفرخ، فالنفق الناري تسير فيه بصمات المستضعفين، وقد فقدنا حسن الوازن، فارتضينا بالهاوية تلو الهاوية، حرصاً منا على المصلحة العامة، وبدأت المتاجرة، فباع إخوة يوسف دم أخيهم، وباعت إمرأة فرعون قميص يوسف، وباع يوسف واقع زنزانته بقراءة حلم، والكوابيس تعم العواصم المصابة بآلام القواصم.

وكنت وحدك تناجي ربك، ومعك مزودة الزيت تمسح بها أجفان المعذبين، بالكلمة مرة، بالأمل ألف مرة، بالغضب مرة، وبتضميد الجراح ألف مرة، إلى أن وصلت مناجاة قلمك إلى علي بن أبي طالب، هذا الرجل المؤمن على البداهة: أن الخير بجانب الخير مكرمة، لكنهم تاجروا بآرائه وباعوه بثمن بحس، وكانت ضربة سيف، ثم مزقوا صفوفه، وعرقلوا تاريخه، واشتدوا عليه مدحاً، بعد أن وسعوه ذماً وقدحاً.

أخي شربل..

غربتنا قيثارة آلام ما أن تمسها أناملنا وتسمع همومنا، حتى تنشد معنا وهج نبضاتنا.
لك حبي وأمنياتي مع أطيب التمنيات لكل من ساهم في المناجاة.

أخوك
محمد زهير الباشا

***

35 -

بدون تاريخ
الأخ الأعز في نفسي... شاعر الحب والجمال شربل
تحياتي وأشواقي، متمنياً لك وللأسرة الكريمة الصحة والعافية والقوة على مجابهة مصائب الدهر الشريرة المنبعثة شظى ولهيباً على كل من يعمل الخير في سبيل إعلاء كلمة الحق، لذلك سيرتد هذا اللظى وهذا اللهيب أضعافاً مضاعفة.

أكتب إليك وأبارك لك بالعام الجديد، وقد زينت مجلة ليلى بأبهى حللها من مقالات وخواطر وقصائد ونقد وزجل.

أكتب إليك في هذه الساعة الرابعة من بعد ظهر الأربعاء من هذه الشقة المتواضعة بعد أن تهيأ لي المقام عند ابنتي بثينة. والحمدلله، بدأت تباشير الطمأنينة والجو الهادىء في هذا المنزل الجديد.
أحييك، ولنبتسم للشمس وللأمل في كل يوم، رغم تاريخنا الذي يمر في مضايق وانزلاقات..
مع هذه الرسالة شيك بمبلغ متواضع، وأعذرني، إذ أتمنى أن أسهم بأكثر وأكثر.
حماك الله وحمى الأسرة والمجلة.

وسلامي إلى المحبين والمخلصين
وإلى اللقاء

أخوك
محمد زهير الباشا

***************

- رسائل محمد زهير الباشا الى شربل بعيني - تابع ( 36 - 43 )

36 -

واشنطن، السبت صباحاً/13/3/1993
الأخ الأعز الشاعر الملاّح وشاعر المِلاح شربل..
أحييك أطيب تحية، مع المزيد المزيد لسماع نبرات صوتك الصادرة عن قلبك الذي أحب فأخلص، والذي صادق فأوفى، والذي منح الخير فأسمى في عطائه.

لك شكري وامتناني على جهودك الرائعة في ملاعب القوافي، والشاعر على الجمرات وحده يسير دون أن يأبه باللسعات الجوارح.

أخي..

لا أدري بأي قلم أستطيع أن أعبر لك ما تكنه مشاعري نحوك من صفاء وصدق، فألف شكر على التفاتتك نحوي فهي عندي أثمن ما في الوجود.. أنت وصحبك في رابطة الاخوة وهي تشهد للمقهورين ولمن يثبت في عالم الكلمة.. انها معهم.

فليبارك الله لكم بكل خطواتكم ومشاريعكم التي تخدم الأدب واللغة والفكر والرأي الحر النزيه.

أكرر لك شكري .. ففي صباح هذا اليوم يعم الثلج المنطقة على غير عادته منذ سنوات. مع تحياتي للجميع، أرجو لكم دوام الصحة والسعادة.

أخوكم
محمد زهير الباشا

***

37 -

19/8/1993
الأخ الأحب شربل
تحية الأخوة، تحية الصدق.. تحية الولاء للكلمة الحق.. تحية الانتماء إلى الوطن، ووطني على حق دائماً، وطن دون أنظمته العفنة.

عدت إلى المغترب قبل فترة وجيزة، واكتحلت عيناي برؤية الكتاب عن الملاح الذي يبحث عن الله والحق، ونحث عنه كلنا في هذه المعمورة، وهو في أعماقنا بسمة الحب، نغمة الوفاء، تجليات قصيدة في موقع غزلي محترم.

الاخراج الجديد جاء رائعاً، ولكني ما زلت أحب ذلك الرسم على الغلاف القديم.. وشكراً لك على جمع الكتابين في مؤلف واحد، فأنت لست على استعداد أن تركن إلى ما يسمى بالعربية الاسترخاء، وما عودتنا الغربة الاسترخاء، رغم أهل الاسترخاء على كراسيهم، وأهل الاسترضاء يعزفون لهم سمفونيات خلودهم على ظهر البسيطة.

والكتاب الجديد بهذا الاخراج الجديد لا يسمح لنا بأي نظرة نحو الغفوة، وستبقى دفقات الشباب حية تدفعنا نحو المزيد من العمل، والحياة عمل، والعمل فن، والفن صعب المرتقى، والمرتقى درجاته تصل إلى الله.

فمهما كررت لك شكري على هذه الخطوة فإنني أعتبر نفسي مقصراً تجاه هذا الوفاء الذي افتقده أهل هذا العصر، ولعله كل عصر يفتقد الوفاء، إلى أن يأتي الشاعر أو النبي أو المفكر، فيثبن أن الوفاء عنصر حيوي في حياتنا، لكننا في عصر باع أهل الحياة بدريهمات، وظنوا فتح الشوارع وفاء للشعب، فأكثروا من الجسور، جسور الإسمنت والحديد، ليصلوا الى كل بيت بسهولة، وأضاعوا جسر المودة والفاء.

ولنعش دائماً فرحة اللحظة، فرحة النتاج الذي يشير للاجيال أن طريق النتاج شعراً كان أم قصة أم علماً إلخ.. هو طريق الوفاء والعمل، لا للاسترخاء، لا للتزوير والبهتان، لا لكل شيطان وشيطان.

وعاد إلي شريط الفيديو مترجماً إلى الأمواج الأمريكية وذبذباتها. لقد كانت حفلة التكريم رائعة، ورائعة جداً، فكلمة سعادة سفير لبنان د. لطيف أبو الحسن دبلوماسية المحتوى والهدف، وإلقاء فضيلة الشيخ كامل وهبة جاء على طبيعة المخلصين لله وللناس، وتمنيت لو طالت كلمة الأديب الكبير جورج جرداق، ومبروك هديته إليك، فهي عربون كبير من أكيب كبير لشاعر كبير. والبروفسور نديم نعيمة أجاد بكلمته الطيبة التي أحيت النفوس، أما الشاعرة آآن فيربيرن والأستاذ مايكل هولينغورث، فقد كنت معجباً بترداد اسمك الكريم، وعلى صفحات وجوههم أقرأ وقرأت التعابير الصافية.. والاستاذ كامل المر كما عودنا بعمق تفكيره وأصالة ثقافته ونظرته الثاقبة في مجريات الأحداث،وفوجئت بكلمتي تلقى بشفاه نجوى عاصي وإن اجتزأت منها الكثير. على كل.. هذا مما زاد في فرحتي ومشاركتي المتواضعة بحفلة تكريم أخي وشقيق عمري شربل..

وكانت كلمتك مسك الختام الذي تنسمت منها عطر الايام بشذاها وحبورها، بصبرها المرير ودمعها الغزير. ولا أنسى ما ألقاه الاستاذ رفيق حمودة من عبارات مشجعة ونظره إلى الأمور نظرة واعية.

أكتب الآن بعض الخواطر المتناثرة حول (أرأيت الذي) والذي هذا من الظلاّم والغشاشين وبائعي الضمير، وحملة مشاعل السياط، وفرعون ذي الاوتاد.

كما انني أتابع الكتابة عن عصبة الأدب العربي في البرازيل، الشعراء منهم فقط، وأتمنى أن أنهي الكتابة عن المتنبي الشاعر في غزله وسياسته، مع الاسقاطات المعاصرة في شعره السياسي.

تخياتي للاستاذ الأيوبي، فقد سعدت بصوته وسعدت بوقفته وهو يطل على الحضور، كما كان لكريمته ليلى بتقديمها الأثر الطيب في النفس، وكان لديها حس مراعاة الموقف، الموقف الأدبي في تكريم شاعر ينهل من الحياة ويصنف الحياة.

مع تحياتي للاستاذ نمور ولبقية الاخوة أعضاء الرابطة.

أرجو أن أسمع وأقرأ ملاحظاتك عن المتنبي يجلو مقلتي نسر. والى اللقاء، والجميع بخير وسعادة.

أخوك
محمد زهير الباشا

***

38 -

فرجينيا/15/10/1993
الأخ الأحب والشاعر الملهم شربل بعيني حفظه الله..
تحياتي وأشواقي وبعد..
فقد سرّني أنك شاركتني بالفرح عن كتابي المتواضع (المتنبي يجلو مقلتي نسر)، شاكراً لك تفضّلك بنشر مقالك عنه في الجريدتين: البيرق والعالم العربي، وقد أعجبتني أحكامك النقدية على بساطتها، لكنها عميقة الهدف، هيابة لمن هو ذلك الشاعر.. المتنبي.

في تلك البساطة عفوية قلمك الذي عرف الشاعر والشعر، وجرب معاناته في ديوان يصدر إثر ديوان، حتى مناجاة علي، فنقطة الزيت، والرب الذي يحمي رعيته، لا بد وأن لها من القدسية ما يشفي الجرح والندب والغربة.. وتسألني: أأعجبك المقال؟. كيف لا يعجبني وقد خط بيراعك وقدرتك ومهارتك. الكتابة تكون شعراً أو لا تطون.. تكون نثراً أو لا تكون.

وأشكر نجوى على كتابها حول مناجاة علي، فإن إسهامها بما قدمته من نتاج، وما قدمته من معلومات تاريخية وحقائق إنسانية في حياة الخليفة علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، ما يشير إلى مكانته في قلوب عارفيه.

أخي شربل..

أقوم بدراسة وبحث شامل عن شعراء عصبة الأدب العربي في البرازيل، وأكتب هذا البحث باللغة العربية.

السؤال الآن: هل لديكم جامعة تقبل مثل هذه الموضاعات بالعربية، فأقدم إليها مخطط البحث، وهي تضع وتشكل لجنة لمناقشة هذا البحث، ومن ثم يتم منحي شهادة بالدراسات العليا وفق منهج الجامعة.

أرجو أن تخبرني بذلك حتى أتمكن من متابعة هذه الدراسة والاتفاق مع الجامعة، أي مع المسؤول عن ذلك، ومن ثم عقب الانتهاء أكون بطرفكم.. ضيفاً وزيارة ودراسة، فهل تخبرني بالجواب لأكون على بينة وصواب، وهذا أمر ضروري بالنسبة لعملي في هذه الأكاديمية.

وتسأل عن صحة العم سام.. إنه وعشيرته يصل (للبدو ياه) زنحن، أخي شربل، سلمنا أمرنا له بعد أن حشرنا جميعاً في النفق الناري، الذي يحرق ويبدد ويمزق، ونحن لهذا النقد وقود وحجارة وأغصان جافة تلتهمها الأحداث.

تحياتي للاخوة في الرابطة، ولا أدري هذا العام لمن تقدمون جائزة جبران الأدبية؟ فالاحتفالات التي جرت بدمشق حين منحت لأحدهم، جعلت الجائزة ذات شهرة أعلى وأغلى من الذي مُنحها. وأنت أدرى به.. سامحه الله.

أخي شربل..

أحييك وأتمنى أن تكون في صحة وسعادة، ولعلك تتحفنا بمناجاة جديدة اسمها: مناجاة راشيل تيمناً بأبو عمار! حاول هذا مع كل الجراح النازفة.

وإلى اللقاء وأنت بأطيب حال.

ودمت لأخيك
محمد زهير الباشا

***

39 -

فرجينيا ـ الاسكندرية - 17/2/1994

الأخ الأحب شربل بعيني.. حفظه الله من كل سوء..
سلاماً وتحية وبعد:
فقد وصلتني الكتب، وأنت مع الوفاء نذر بالعهد، تعجب من يعشق الحرف ويهوى الزجل. وأنتم بعيد أو قبيل أيام عدتم إلى التدريس، ونحن غارقون به حتى وصلنا الى نصف السنة الدراسية.

الحريق والسموم والهزات الأرضية، وارتجاج الاعصاب، تحتاج كما قال المعري:

الأرض للطوفان محتاجة = علها من درن تغسل

فمتى يتم الطوفان؟ ومتى تغسل النفوس والابدان، وأرضنا العربية ماهرة بهزات البطن، وتموجات السرة، وقبض الدولارات على النهود والزنود وبريق الأطافر، فهلا ازداد تمسكنا بالشعر لنهرب من أنواع القرف، فهزات البدن، وما أكثرها، وما أقساها، فقد تخرجنا كلنا نحن الهاربين من مدارس الزنزانات المقدسة، زيتها يضيء، يمنح، يجرح السواعد، يضني ألجفان، لكن زيت الشجرة المباركة فيه تقديس الأرواح، فمن يمسح على الجراحات كلماته المباركة؟ وهل ظلت في دنيا الشعر كلمة مقدسة وصادقة يكاد حرفها يضيء كل النفوس؟ فماذا تفسر وقد كثر المفسرون؟

أمة تملك أقوى عنصر في هذه الحياة المادية: الأموال والمجوهرات، لكنها الأمة الأكثر ذلاً واستكانة..

أموال العالم كانت مع العرب واليهود.. الآن.. انظر ما الذي حل بالثروات البشرية والطبيعية:

إن الهوان حمار الأهل يعرفه = والطرف ينكره والجرة الأجدُ
ولا يقيم بدار الذل يعرفها = إلا الأذلاء: عيرُ الأهل والوتدُ
هذا على الخسف مربوط برمته = وذا يشجّ فلا يبكي له أحدُ

فما بال هذه الأمة باتت كالأوتاد، وليس أذل من وتد؟

حديث يطول ويجدي ولا يجدي، وكان من الواجب عليّ أن أرسل هذه الحروف بأسرع وقت، لكن ديوانك (قرف) طغى عليّ وألزمني أن أسجل هذه الكلمات الحزانى على أمة لم تعرف إلا الحزن والدمع، بعد أن تخلت عن شيء عظيم في حياتها: إنه الحب.. الحب الذي أمتناه في قلوب العذارى، وحذفنا من أغمدة السيوف، وسلبناه حقه.. حقه في الحياة!..

ولما بات الحب جريمة لا تغتفر ماتت الأرواح، وضاعت القيم، وأبحرت من النفوس مشاعر الصدق.

أخي الأعز..

أرأيت الذي.. بدأت أصابع المطبعة تنسج صفحاته، بعد أن وصلتني صورة الغلاف. دعواتك الطيبة كي يرى النور بأقرب فرصة، ليكون أقرب الكتب إلى قلبك.. أرجو ذلك.

مع تحياتي للاخوة اعضاء الرابطة.

أخوك
محمد زهير الباشا

***

40 -

18/12/1995
الأخ الأحب شربل.. ليلى
تحية طيبة وبعد.
فلم تسنح المطبعة فسحة لكلمة الباشا، حماك الله وبوّأك أسمى المراتب في دنيا الصحافة، وهي مسؤولية ضخمة لا تنوء على حملها، والصحافة كالنواعير لا تعرف تسرّب الماء من تحتها، بل لترفع الماء فتروي العطاش، والذي وضع أعصابي موضع الاستغراب.. أتسألني قبول المهمة، وأنا على استعداد لتأدية كل المهمات التي أقدر على تنفيذها في هذا الجو العربي المحموم.
كانت كلمة د. عطار في هذا الملحق ذات دراسة واعية، بالنسبة لي فقد قمت قبل سنوات بدراسة لهذا التوحيدي بدءاً مما قدمه استاذي إبراهيم كيلاني بجامعة دمشق، وانتهاء بالمقابسات، ولم أجد الجديد فيها، لكنها نسيت الصديق الذي كتب عنه إمام النثر ابن المقفع، واهتمت بثقافتها الواعية عن أرسطو ومفهوم الصدلقة عن اليونان.
وفي كل خير، كتبت مقالة الأدب وأمراض الأدب، فأجد قلمي يمشي ويمشي ويهرول ويستنجد، فأوقفت صفحاته ورحت أختصر، فاعذرني فلم استطع العمل على تحسين خطي، فاقبله كما ورد في هذا التصحيح ولا تؤاخذني، واقبل مني هذه المشاركة المتواضعة تأدية أخوة لمدفوعات الطوابع. وقد كنت وحدي أدفع قيمة الطوابع لكل مراسلات مجلة غربة التي لم أنل منها دولاراً واحداً.
أخي الأحب..
لك مني كل الدعوات الصادقة بأن تبقى ليلى محلقة في جو أدبي وثقافي وفني راقٍ، وأنت أهل لها وهي أهل لك. مع أطيب تحياتي لحرمك المصون ليلى حفظها الله، وتحياتي إلى عمك الجليل عصمت، وله مني أطيب الود.
وإلى اللقاء.
أرجو أن ترسل لي نسختين.. إحداها أرسلها إلى ابنتي وفاء في لندن، فأخفف عنك متاعب البريد.
واسلم ودم
لأخيك
محمد زهير الباشا

* 21 / 12
أخي الأحب..
لم أستطع وضع هذه ارسالة في البريد بسبب عطلته عن العمل من أجل الجدال حول موازنة الحكومة الفيدرالية، واليوم أرجو أن تتسهل الأمور.
وإلى اللقاء، وأنتم جميعاً في صحة وعافية بمناسبة قدوم عام 1996م، وجعلكم جميعاً قدوة في الدفاع عن الحرية والعدالة والكلمة الصادقة.
زهير

***

41 -

15/11/1995
أخي الأحب شربل
أطيب تحية وأغلى مودة وأصفى من قلوب العذارى، أزفها إليك، وقد وصلت إلى قلبي (ليلاك) التي عشت من خلال صفحاتها أحلى الأوقات، وقد قتلتنا الغربة التي لم تكن يوماً حلماً في ليلة صيف من أيام شكسبير.
وكانت (ليلاك) بصفحاتها، بكلماتها وبصورها، مفاجأة تحمل عذوبة الروح، وحلاوة الأمل، والغنوة المشتهاة.
أن تصدر مجلة في الغربة ليس بالامر السهل، ليعطي الآخرين بسمة، موقفاً، جرأة، سفينة مرة، شراعاً مره، تجذف لهم في مياه عكرة، وتقطع أوصال القلوب الصدئة.
أن تصدر مجلة في سيدني، هذا فخر لكل لسان عربي عرف الصفاء هدفاً، والنبل عنواناً، والسير على شظايا الأحداث التي تمزق العربي.
ويلاه.. من أمة ذبحت أبناءها باسم التطور، وباسم التكتل، وباسم وحدة الهدف ووحدة الصف.. وإذا بنا امام حجافل التأخر في خندق واحد مع العدم والفناء. وإذا بنا أهدافاً طيعة لكل مخططات الإجرام والنظام الدولي. وإذا بنا نجري نحو هدف واحد لا غير: تمسكوا بالكراسي يا أصحاب الدماء الزرقاء.. وضاع المصير.
ويل لقحطان من عدنان.. ويل للغساسنة من آل ذبيان.. التاريخ تحجر وتوقف ليشهد انحدار أمة كانت مرة تحمل اسم كنعان وآرام وفينيق وحبرون وصيدون!..
أخي الأحب..
لقد استرسل بي القلم، وأنا أود أن أهنئك (بليلى) وهي في القلب لما أطلت عليّ، وأنا أغترف من صفحاتها المودة والمحبة والوفاء.
وأهنىء ليلاك بهذه الهمة العالية، كما أني ازددت معرفة بالأخ الشاعر غصمت ألأيوبي، وكنت أجهل إبداعه الشعري. وأشكر لك أيها الأخ الاحب أنك أعطيت (أرأيت الذي) جناحاً في عرس ليلاك.. وشكراً لك أنك جمعتني والأخت كونستانس الباشا على مزود واحد، فلك مني أطيب الدعاء والتهاني بأن تبقى جبهة الخير بأيدي أهله وضاءة في هذا العصر. وأنت الخير وأهله. وفقك الله وأيدك.
أخوك
محمد زهير الباشا

***

42 -

22/2/1996
أخي الأحب شربل والغالية ليلى
تحياتي وأشواقي وبعد..
فالأمل كبير كبير أن تظل راية الحق مرفوعة على صفحات ليلى، وأن تظل منبراً حراً للكلمة الحرة والرأي المستنير.
لا نريد طلاسم ومقالات تخدم أهل الثروات والصناعات المغلفة بالتآمر على مصلحة الشعب، فباسمه نقدم أرواح الأحرار..
ما لنا ولهذا الحديث، لنعد إلى تحيتك ومباركتك بعيد الفطر، فشكراً لك إذ أحييت فيّ البهجة وأنا أستمع إلى دقات قلبك الصادقة صوتاً محباً ووفاء وعهداً.. بناء على وامرك سيدي وأخي كتبت الافتتاحية، وكنت سجلت رسالة مجهولة على لسان نابليون أبين فيها ما يفعل الظالم الحاكم والقائد والفرعون بشعبه، ينتظر إن استعصت عليه الحلول الكلب العملاق، لينقذه من ورطته ونكسته، وكتبتها بالرموز حتى لا تفسر إلا تفسيرات عديدة، كما أخذت بعضاً من قصيدة: محكمة القرن العشرين.. فلا أستطيع تصويرها وإرسالها لأن بها أسماء أصحابها، وضمن الرسالة مقالة تربوية حول تكوين الثقة في شخصية الطفل.
حمانا الله من أهل الدس والوقيعة، واعذرني لاطالتي وأنت والزمن في تصارع كي تحقق أهدافاً طالما حلمت بها، وأنت تجد أمامك أعداد ليلى تتوالد على ربيع دائم.
اعذرني: ما بال جماعة رابطة إحياء التراث العربي لا يتجاوبون، ولا يكتبون، ولا يشجعون.. لعل الوقت يسمح لك بسطرين لاطلع على مواقفهم.
سامحني.. فلست أتدخل بعلاقاتك الشخصية معهم، لكن الأمر من نوع الاطمئنان عليك، والاستفسار عن مواقفهم. وأكرر عذري.
تحياتي وأشواقي لأخينا عصمت، ولحرمك المصون، والى اللقاء.
واسلم لأخيك
محمد زهير الباشا

***

43 -

الإثنين 11/5/1998
أخي الأحب إلى نفسي شربل
بعد التحية والسؤال عن الصحة والفرحة عقب صدور كل عدد من ليلى الليالي الساهرة.. وتحيتي لأسرة المجلة وفي طليعة هذه الأسرة الأخت الغالية ليلى ووالدها المحترم.
أخي..
أرجو أن تختار أي عنوان لمقالتي، واحذف عبارة من بلاد العم سام.. وليكن العنوان: نقطة ضوء من حبر. واعذرني اني لم أستطع أن أسجل خلجاتي الحزينة على فقدان الأمة شاعرها، ولم أتمكن من الكتابة كما ينبغي لي أن أكتب كل خلجة مع كل دمعة. الرحمة لروحه والصبر لمريديه.

وأخيراً.. بعد سنتين ونصف وصلتني رسالة من الأخ نعمان حرب، مبدياً أسفه لعدم الكتابة إليّ والرد على رسائلي، فقد أصيب بنكبات متلاحقة بوفاة عدد من أفراد أسرته، مما اضطره الحزن إلى الصمت، ثم العودة الآن الى الحرف.. الحرف الذي لا يتحمل كل الخلجات. حمانا الله من غدرات الزمن وتقلبات الاصدقاء، وشماتة الأعداء.

واسلم لأخيك
محمد زهير الباشا
**

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى