رسالتان بين جمعة اللامي وزيد الحلي

* رسالة اللامي للحلي

الاخ العزيز الاستاذ زيد الحلي
السلام عليكم
امدّ الله في ايامكم، وكلّل بتيجان العزّ هاماتكم. فوالله لأنت ابن بجدتها، الكاتب القدير، والاستاذ الذي كل صفحاته جواهر، من المُلح والنكات والخواطر. الداخل في الجود والمعرفة. الذي حرفه حقّ ان قام وانْ قعد، الاديب الاريب، والصديق الحبيب.
اخي زيد
حيّاك الله وبيّاك وجعل من الجنان في الارض وعليين مثواك، وايّدك بنصر علي الايام من عنده. اعلم ـ اخي ـ ان الزمان الرجال، كما قال ابن المقفع. والرجال بدور وفوانيس، فاين هم اقمار العراق اليوم؟
اتّي لأشكو اليك فقدان الاحبّة، وافتقاد الهامات العالية. فاين عزيز؟ واين اشياخ عزيز في القول والحركة؟
انّي اري رؤوسا ذليلة للأجنبي المحتل، امينة علي سحت الدنيا الدنيّة، قمينة بالانصاف والمهازيل واشباه اهل القلم، فيعزّ علي وضع بلادي. واكاد اصرخ، كما صرخت قبل اكثر من ثلاثين سنة باعلي صوتي، وبقلمي الصريح، ومن علي منبر في فصيح : ليس بعد الله الاّ العراق… !
واليوم ايضا، وبعد ثلاثين سنة، وظهري الي جدار بياني وكلمتي فقط، اعيط مثل فصيل افتقد امه : اين انت يا بلادي؟!
اخي زيد
وحقّ الذي انت سميّه، الراهب، القتيل، المصلوب الذي بني الطير عشّا علي عورته، انّي ارغي مثل فحل عافه الربع مريضا : منْ لي بابي خولة وامثاله اليوم؟
بل اني لا افتقد عزيزا ورهطه فقط، وانما يزلزلني وضع العراق اليوم، حين اري فيه بعض كسور الرجال، وهم قلّة قليلة جدا، يشتمون ابا خولة، ويغرفون من خزانة المحتل، وانا الأعرف بضعفهم امام المكافآت القليلة من الدنانير في مجلة الف باء، مثلا، يوم كنت مدير تحريرها.

فكيف لا يأكل داء السكري كليتيّ وعينيّ، كما الان؟ حتي اصبحت لا اقدر علي الكتابة، فكيف حالي في القراءة والمتابعة والتدقيق؟؟
منذ عشر سنوات، وانا قعيد الدار، اللهم الا رياضة عمادها المشي الهوينا، وقوامها بصيرة قلبي الباصرة الرائية. او حين يكون احد ابنائي دليلي.
وانت الان دليلي ايضا، انا الاعمي والسكران، الي حانتي ومسجدي.
ومسجدي العراق، وسجادتي ترابه الطاهر.
لن اشكو لغير الله حالي وغربتي، وتكالب الزمان عليّ، انا الذي جعلت من هدي الله وحده، رفيقي الي غرفه اللانهائية.
اخي زيد
اقرأ لك، فيكبر في قلبي العراق.
واسلم لاخيك المحب)
جمعة اللامي
(قعيد دار الغربة بالشارقة)

********

* رسالة الحلي للامي

أخي العزيز الاستاذ المبدع جمعة أللامي.. .تحياتي.
.. والله، إنثالت مني دمعة خجلي،عند قراءتي السطور الاولي من رسالتك اليّ.. .ثم جاء شلال الدمع، مدراراً، مثل، نزيف العراق.. ياألهي، كم يضم قلبك من حزن.. .كم!!
عزيزي، رسالتك، فتحت جرحاِ عميقا، كان مخبواً في طيات الزمن.. الزمن الجميل والاثير، والمدمرومابينهما من ضحكات و حسرات وسلوي وعنفوان وشباب وولّه وقلب خافق وفم كان مفتاح معدة ذاقت الأمرين.. مرارة الفقر والجوع ومرارة التخمة والكحول بكل أنواعها ومزّاتها ومقالبها.. !!
ايه يا كاتب (حكمت الشامي) روايتك الاثيرة.. يابلبل غريد، تنقّل في دروب الابداع من خميلة الي خميلة.. ومن أيكة الي أيكة، وأرسل ذوب فؤاده وعصارة وجدانه، أنغاماَ، شجية،مسّكرة، خّلبت الألباب،ورّنحت الاعطاف، ملأت النفوس، إعجابا بالألق الحق والصورة الفكرية النابضة بالحياة والمشعة بالجزالة والابتكار.. .ايه يا (حكمت).. تبقي، رغم عاديات الزمن، والعدو المشترك،(مرض السكري) الذي جمعنا في قفصه اللعين، تبقي،متحديا،متوقد الذهن،مشبوب الذكاء..
لقد أحسست في بطون معاني رسالتك.. إنها سطور نابعة من ضميركل عراقي.. .وعلي هذا الاحساس وددت أن يشاركني فيها القراء الذين نذرت نفسك اليهم.. ففيها ماينفع.. وهذا هوهدفنا في الحياة.. .. عذرا إن كسرّت تقليدا بأن لاينشر الأصدقاء رسائلهم المتبادلة إلا بعد الأستئذان او المشورة، وأعلم إنك معي في أن الحياة، نعيشها بأرادة مشتركة.. . وخيرنا من أفاض بما يعتمل فيه الي الاخرين.. لأن في ذلك وقفة إنسانية كبري لاتعلوها وقفة وعزائي في فعلتي هذه،هو يقيني بأن صدرك الدافيّ سيعذرني ويؤاسي دموعي!!..

.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى