لمياء عصام مرسي - "آيات أبو شميس" الشاعرة العربية التي تكتب بالعبرية

"آيات أبو شميس" هي شاعرة عربية من يافا، ولدت عام 1984م وفازت في عام 2015، بجائزة وزارة الثقافة الإسرائيلية للشعراء الشباب عن ديوانها الأول "سلة مليئة باللغات الصامتة" الصادر عام 2013.

"أنا اثنتان"، هو ديوانها الثاني الصادر باللغتين العربية والعبرية، وما يلفت الانتباه في أعمال الكاتبة هي الثنائية اللغوية العربية والعبرية، النادر وجودها في دواوين الشعر الإسرائيلية، وهو ما يدلل على أن الشاعرة لا تضع الآخرين في حساباتها.

ومثلما يمثل الحديث عن الوطن والجذور جزءًا كبيرًا من الشعر العربي، جاءت كل من الأرض والوطن جزءًا لا يتجزأ من كتاباتها، ومع ذلك تقول أبو شميس في احدى قصائدها بقولها:
لا أريد أن أكتب عن الوطن
ولا عن الأرض
لا أريد أن أكتب عن الهوية التي سُرقت
ولا على الطفلة التي قُتلت
أريد أن أكتب عن العصافير
التي ليست في السماء
التي قطعوا لها أجنحتها.

تبتعد كتابات الشاعرة عن موطنها يافا، ومع ذلك توضح لنا كيف عليها أن تتأقلم مع حياتها في مدينة مختلطة، فتقول:
جنس
أنا لن أكتب عن الجنس
لأني أخجل
دين
أنا لن أكتب عن الدين
لأنه ممنوع
وفي نهاية القصيدة توضح:
أنا سأكتب
عني
آيات —
آيات من القرآن.

ثم تذكر الشاعرة في قصيدة لها بعنوان "الخوف" الكتب التي مُنعت من قراءتها، خوفًا من تأثير هذه الكتب على كتابتها:
أنا أخاف
أنا أخاف أن أقرأ
حتى لا أتأثر
بشعراء آخرين
الحقيقة هي
أنني قرأتُ القليل من القصائد.

فالشاعرة تحاول هنا الدفاع عن صوتها الفريد وأسلوبها الخاص بها، ولكن في الواقع لا يوجد شعر ليس به أثرًا من شعر آخر ولا يوجد كتابة شعر دون قراءة شعر. وتحكي الشاعرة:
ذات مرة أوصى صديق لي أن أقرأ
لزيلدا
وفي اليوم التالي كتبتُ قصيدة
يوجد بها هاوية
قال لي إن هذا يُذّكره بزيلدا
وخفتُ بشدة
أن يوم واحد
يمكن أن يحوّلني قليلًا إلى زيلدا.

وتطالب أبو شميس بالحفاظ على هويتها بأي ثمن حتى وهي تمر بأحداث ليست جيدة، حيث كتبت قصيدة "دورة الحكومة والسياسة في إسرائيل":
كنتُ العربية
المسلمة
الفلسطينية الوحيدة في الفصل
وتعترف قائلة: "هذه ليست المرة الأولى التي أكون فيها وحيدة".

الاختلاف يؤدي إلى عزلة كبيرة، حتى إذا حاول الآخرين أن يقنعوك بأنك منهم. الاختلاف صعب ومخيف، وخاصة لدى الفتيان والفتيات المتطلعين لأن يصبحوا مثل الآخرين. إن مَن يحمل عبء اختلاف ديني وقومي على كتفه، من شأنه أن يسقط جراء ثقل حمله.

تعد القصيدة الأخيرة في الديوان "ياسمين" تعد أقوى قصيدة به والتي تتحدث عن الاجهاض:
كنتُ حاملًا في الأسابيع الأولى
كانت عبارة عن دم
لا يَسري حتى
وحتى الآن لم يكن لها قلب.
....
في المرة الثانية كنتُ في الفحص
لقد اُجهضت
ياسمين الدم ذهبتْ.
وأنا أردتها بشدة.
ابنتي ذهبتْ
لكن ليست فقط ياسمين
ليس فقط الدم
طفلة أخرى أيضًا ذهبتْ
هذه كانت أنا قبل سنوات عديدة.

يعد الموت موضوعًا رئيسًا في قصائد أبو شميس. على سبيل المثال في قصيدة "كُتب في 3 فبراير 2015" تقول:
عندما تفقد أم ابنها
تسقط فورًا
تنهار كلها
يمتلئ جسدها بألمٍ عارٍ حارق.

بينما نجد قصائد الحب لديها قليلة. والتجربة الأساسية التي تبرز في قصائدها هي تجربة الألم والتكرار. تقول في بداية قصيدة "أكاديمية الألم" :
وربما إذا تحول هذا الألم
لشئ ما مادي
ربما يُمكن رؤيته
قياسه
تحديده.

موقف أبو شميس واضح ومحدد، هي تريد أن تكتب بالعبرية لكنها تشعر بضرورة إصدار قصائدها بالعربية أيضًا، جنبًا إلى جنب مع القصائد العبرية. وتقول الشاعرة في القصيدة التي سُمى الديوان باسمها "أنا اثنتان":
أنا اثنتان
جزء أ وجزء ب
جانب 1 وجانب 2
كلاهما متناقض
لكنني قريبة لكليهما.

وهي تقصد أنها قريبة إلى العربية، لغتها الأم، وإلى العبرية اللغة التي اختارت أن تكتب بها:
كل هذه الأضداد المتضاربة وأنا بداخلها
نوع معقد رأس نفس
وكل اتجاه يشدني من يدي
في النهاية سيقطعونني
بالشكل الأكثر أخلاقيةً في العالم.
....
عندما أكون أمام المؤسسة ولديّ وثائق ومستندات
دائمًا يختارون أن أتجاهل وأن أرى
فقط شفتاي
فمي
عيناي العربيتين
ولساني المسلم
....
كثيرًا مع نفسي
أُرغمها أن تختار
لكنها تبكي
تخبرني ألا نختار
بين الأب والأم.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى