علي نويّر - ذكرى ١٤ تموز ١٩٥٨

الى / كريم جخيور.. شاعراً وصديقاً
.
أعرف ُ يا صديقي .. أعرف ُ
لم يكن " إنقلاباً أبيض َ "
ذاك الذي أيقظنا من سباتنا الطويل
فجرَ الرابع عشرَ من تموز ١٩٥٨
كان نهراً من لهب
إنحدرَ من قلب بركانٍ قديم
حاصداً في طريقهِ السلامَ الملكيَّ في نهاية السهرةِ ، وأرواحاً بريئة
أعرف ذلك
كان نهراً من نارٍ وغضب ،
وكنت ُ صبيّاً بثمانيةِ أعوام
رأيته كيف يجري عبر الباب
تلك التي ابتعدَ مصراعاها كثيراً مع الوقت
فاتّسعت لمرور القتلة ، وحاملي الرايات ، ومقاولي الحروب
نعم أبها الصديق
هو لم يكن أبيض َ
إلّا أنّه لم يكن أسودَ كذلك
مازلت أتذكّر كيف خرج من الباب ذاتها
مرتزقة ٌ كثر :
عملاء بقبّعات انكَليزية ،
مرابون مازالوا بطرابيش عثمانية ،
إقطاعيّون وسماسرة
كلهم خرجوا من الباب تلك
بلا أسفٍ أو ندم
من أجل أن يبقى صوت " الزعيم "
وحده صادحاً عبر مُرسلات الإذاعة
إلّا أنّ الريح لم تكن رخيّة ً بما يكفي ،
والمياه لم تكن هادئة ً تماماً ،
والسفينة لم تعد خالية ً من مغامرين جدد ،
ومقامرين بقبعاتٍ أمريكية هذه المرّة
وسراويل افغانية
يا لها من رحلةٍ طويلة
يا لها من مياهٍ خطرة
ها هيَ ذي الأمواج
وقد جنحت بنا
نحو هاويةٍ لا قرار لها
إذ لم تعد الآن ثمّة باب ٌ أخرى
أو ريح ٌ رخيّة ،
أو مياه ٌ دافئة ،
... أو محضُ خيالٍ لسفينة .
.
.
علي نوير
١٤ / ٧ / ٢٠٢١

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى