مقتطف شريف محيي الدين إبراهيم - أصل اللواط

من كتاب رحلة إلى شاطئ النار والنور

حين زار النبي لوط مجموعة من الرجال ،في بيته، رحب بهم كثيرا، إلا أن القلق بدأ يساوره لما لاحظ وسامتهم، وشدة جمالهم.
و أسقط في يد لوط حين أتاه رجال من قومه يطلبون فعل الفاحشة معهم.
وقع سيدنا لوط في مأزق شديد، فجعل يثنيهم عن فعلهم المشين، إلا أنهم أصروا على الانفراد بهم وممارسة اللواط معهم.
أصاب لوط كرب، وهم عظيم، حتى أنه عرض عليهم الزواج ببناته في سبيل أن يتركوا ضيوفه.

***
سكن قوم لوط منطقة سدوم في قرى الأردن، التي قيل إنّها في مكان البحر الميّت الآن، وقد أرسله لهم الله -تعالى- وهو ابن أخ إبراهيم الخليل عليهما السلام، فأرشدهم إلى التوحيد ودعاهم إلى طاعة الله ورضوانه.
وقد كانوا يتصفون بالشذوذ، أي أنّ الرجال منهم يأتون الرجال، على غير ما فطرهم الله تعالى، ولما حاول لوط أن يرجعهم إلى الفطرة السوية، كرهوا ذلك وهدّدوه بإخراجه من قريتهم إنْ أصرّ عليهم، واستمرّ لوط على دعوته وجهاده، واستمرّ قومه على كفرهم وفسقهم.

إنه النبي لوط بن هارون بن تارح، وتارح هو آزر، وقد هدده قومه بالإخراج من قريتهم، بسبب طهارته، ونقائه، وتوحيده، وصرّحوا له بذلك.

(أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)
إذْ لم يكتفوا بتبجّحهم بالفاحشة، بل إنّهم كرهوا من يدعوهم إلى الطهر وأعمال الفطرة، ثمّ تحدّوا نبيهم لوطاً -عليه السلام- أن يحلّ بهم العذاب الذي توعّدهم به في حال كفرهم واستمرار ذنوبهم.
(ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)
وحينئذٍ دعا لوط -عليه السلام- الله -تعالى- أن ينصره وينصر دعوته على الكافرين.
فأرسل الله ملائكته، جبريل وإسرافيل وميكائيل عليهم السلام، ليُوقعوا العذاب على الكافرين.

وقد مرّت الملائكة أولاً على قرية إبراهيم عليه السلام قبل أن يذهبوا إلى لوط، حيث بشّروا إبراهيم بولده إسحاق ، وأخبروه أنّهم أتوا ليوقعوا العذاب في قرى قوم لوط.
خاف إبراهيم ، وجادل الملائكة خشيةً على ابن أخيه لوط، الذي كان يحبه حبا عظيما.
***.
توجهت الملائكة بعد أن غادرت إبراهيم إلى قرى قوم لوط، واستأذنوا لوطاً ليدخلوا بيته، ففرح لوط في ضيوفه وأدخلهم، لكنّه خشي أن يفضحه قومه إذا رأوا الرجال ، وحدث ما خشيه لوط، إذ أخبرتهم زوجته بوجود رجال شديدي الجمال في بيت زوجها، فذهبوا مُسرعين يفاوضون لوطاً ليدخلوا على ضيوفه.
حاول لوط إقناعهم وثنيهم عن ذلك، إلّا أنّهم رفضوا الاستماع له.
(وَجاءَهُ قَومُهُ يُهرَعونَ إِلَيهِ وَمِن قَبلُ كانوا يَعمَلونَ السَّيِّئَاتِ قالَ يا قَومِ هـؤُلاءِ بَناتي هُنَّ أَطهَرُ لَكُم فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخزونِ في ضَيفي أَلَيسَ مِنكُم رَجُلٌ رَشيدٌ*قالوا لَقَد عَلِمتَ ما لَنا في بَناتِكَ مِن حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعلَمُ ما نُريدُ)،

فلمّا رأت الملائكة الكرب الذي حلّ بلوط -عليه السلام- وهو يحاول إقناع قومه، أخبروه بأنّهم ملائكة، ولن يستطيع أحد إيذائهم.
فهم مُرسلون من ربّ العالمين، وأنّهم جاءوا ليهلكوا القوم الكافرين، وطلبوا منه أن يخرج مع أهله من القرية ليلاً؛ لأنّ العذاب سيحلّ على قومه صباحاً،كما حذروه وممّن معه ألّا يلتفتوا إلى خلفهم لينظروا إلى عذاب الكافرين.
فتجهّز لوط ومَن آمن معه وخرجوا في طريقهم.
ورُوي أنّ جبريل -عليه السلام- قَلَبَ قرى قوم لوط بريشةٍ من جناحه.
قدر قوم لوط بأربع مئةِ ألفٍ.
وقد سمع أهل السماء نباح كلابهم وأصواتهم عند حلول العذاب بهم، فصار عاليها سافلها.
أُرسل عليهم صيحةً ومطراً من الحجارة تتبع بعضها بعضاً، وقد كان كل حجر مكتوب عليه اسم الرجل الذي سيقتله.
أما زوجة لوط فقد خرجت معه أيضاً، إلّا أنّها عندما سمعت أصوات بني قومها وصياحهم ، التفتت تصرخ:
وا قوماه .
فلقيت نفس مصيرهم من العذاب حتى هلكت .

(وَكَذلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ القُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَليمٌ) "

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى