12 رسالة من المستشرق لويس ماسنيون والأب أنستاس الكرملي

- مراسلات المستشرق لويس ماسنيون والأب أنستاس الكرملي


* الرسالة الأولى

أبي المبجل و صديقي
سعيت بحثا عنك هذا اليوم لكي ألتقي بك في فندق ( فينون ) ، لأن الأطباء نصحوني بالمغادرة مع أهلي بأسرع وقت ممكن إلى ( بريتانية ) للراحة التامة.
كان بودي أن ألتقي بك للتنزه ، و أن أريك صناديق بائعي الكتب و هي ملقاة على الأرض، و أن نزور كنيسة شارتر معا ، و كتاب هويسمان يقودنا.
ستكون إمكانية الحديث باللغة العربية متحققة ، لأن غياب أي مخاطب بغدادي يكلفني الكثير ، أكثر مما تصور.
كثيرة هي الأشياء التي أطلبها منك ولدي مواضيع عديدة و لا أعلم أين و متى سألتقي بك ، إن شاء الله.
قل لي إن لم يكن المسمى محمد بن سالم الزقاقي اليافائي قد سبب لك الكثير من المتاعب.
تفضل بقبول تحياتي و مشاعري الرقيقة و المخلصة.
لويس ماسنيون
باريس 14 ، 7 ، 1908

*****

الرسالة الخامسة

لافيك إيفيك
الجانب الشمالي
أبتي المبجل و صديقي
أشكرك جزيل الشكر على البطاقة التي أرسلتها في ذكرى فلوريت ، كان بودي أن أكتب لك منذ عدة أيام.
كان بودي ، و كان بإمكاني أن أفعل ذلك لو لم أنشغل بسفر إلى كوبنهاغن ، سأصل إليها غدا مساء إن شاء الله ( * ) .
لقد أتعبت نفسي – ذلك بعادة التأجيل المتكرر – هناك أيام كنت أتحسر فيها على اللامبالاة التي كنت أمضيها في الزمن السالف..
إني لا أعرف كيف يمكنني أن أرتاح ، و لا سيما و أنا أحس بعدم جدواي.
سوف نتحدث عنك في كوبنهاغن ، لا تنسى أن ترسل لي أخبارك أليس كذلك ؟.
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ( * ) .
نصلي معك
لويس ما سنيون
باريس
12 ، 8 ، 1908
* - وردت العبارة في الأصل باللغة العربية – توضيح من المؤلف.

********

القاهرة منيرة ص ب 246

أبتي العزيز وصديقي

أرد وفي وقت واحد على رسالتيك 20 كانون الثاني و4 كانون الثاني (وماذا حصل كي لا تصلني هذه الأخيرة إلا هذا الصباح؟)(من المحتمل حدوث خطأ في 24)رأيت نسخة الأعوام 250-310 هجرية من الجزء الخامس من تأريخ الذهبي (1) في مكتبة مرجان.

اطلعت على أربع مخطوطات من سيرة الحلاج للذهبي إنها مأخوذة من مونوغرافية لابن باكويه حول الحلاج(2) وقد امتلكت منها مخطوطة كاملة منذ الربيع الفائت.

لا تعتقد بالذهبي ! له أكثر من عشرين مجلدا!

الجزء الأول عام 10-40 باريس 188 الخ.
الجزء الثاني عام 41-130
الجزء الثالث 131-190
الجزء الرابع 191-240
الجزء الخامس 241-300 اسطنبول
الجزء السادس 301-351
الجزء السابع 351-400

لقد كان لطفا منك أن تشير لي إلى هذه المخطوطة حول الحلاج، المجموعة فيها ست
صفحات مكرسة له وأربع لمن قبله.

بودي أن أشتري فعلا بسبعة مجيديات هذه المخطوطة (ما يعادل 35 فرنكا وهذا هو أعلى سعر أدفعه) ولكن في حالة واحدة هي أن تكون غير منشورة.

ذلك لأن أمر فقدان صفحتها الأولى يبدو لي أمر ا مشبوها، فقد يتعلق الأمر ببساطة بمقطع من الترجمة العربية ل تذكرة الأولياء (3) لفريد الدين العطار (نص فارسي طبعه نيكلسون) ومن نفحات الأنس (4) لمولانا جامي (نص فارسي طبعه سلفستر دوساسي ) فلتتكرم علي وتشتره لي بعد أن تقابله مع نص العطار وجامي، وأن تلاحظ إنها سيرة غير منشورة، شكرا مقدما.

إني مسرور جدا لأن مستشفى الأخوات الراهبات قد شيدت وإن بإمكانك مساعدتهن، فليحفظهن الله ويجعل عملكم المشترك يزدهر.

أما في ما يتعلق بديوان الحلاج، فإن التعب الذي تسببه لي محاضراتي إلى الدرجة التي يجبرني على إرجاء نسخ المقالة التي كان بودي إرسالها إلى لغة العرب المقدامة، سامحني وصلّ لي كي أستطيع إتمام دروسي دون الإصابة بمرض خطير.

إني لست نحويا على الإطلاق، وا أسفاه، وأرى مذكرتي حول لهجة بغداد (5) قد جعلت
شعرك ينتصب في الواقع. ما كنت أريده هو على الأخص:

أولا: الإعلان عن نشر مخطوطة الأمثال البغدادية (6) التي صورتها كاملة هذا الربيع.

ثانيا: الشروع بفتح نقاش هنا مع المثقفين حول المعجم ومستقبل الموسيقى العربية بيد أني كنت مخطئا عندما لم أركز جهدي على نحو أكيد على الجانب النحوي والصوتي والمورفولوجي والتركيبي البحت.

نعم إن تلامذتي ينسخون محاضراتي في تاريخ المذاهب الفلسفية، لا بد أن يكون الجزء الثاني من كتابي قد وصلك.

لم أبرق إلى السيد كاظم الدجيلي(7) وذلك لأني لا أملك الوسائل الكفيلة من الناحية المادية للعيش في الغرب.

أولا لأني عملت وحيدا دائما (ومن هنا نشأت أخطائي)
ثانيا: لأنك لم تقل لي شيئا عن قيمته المعنوية.

ولولا هذا لكنت مسرورا جدا لفحص هذا الموضوع.

في ما يخص الأمثال، وقفت سلفا الظروف المادية للنشر هنا، وبما أن آل الآلوسي هم أول من اهتم بالموضوع فقد أصبح لديهم نوع من الحق المعنوي بالأفضلية، أما ما أنشره أنا بنفسي (فإني تعب وغير مؤهل) ولذا سأرسل لك نسختي المصورة، وإنه من المهم أن نتفق على هذا الأمر لكي يحمل المنشور على الأقل أسماءهم.

ما رأيك ؟ سوف لن يكون بمقدوري أن أعهد لك بالمخطوطة إلا إذا كنت مصمما على نشرها مباشرة (وليس على استرجاع نسخة) وأن تتم مراجعة التعليقات والحواشي بالاشتراك مع شكري أفندي في سبيل المثال الذي يهتم بوضع مبحث عن أمثال بغداد منذ أعوام عديدة، وربما سيتم إنجاز المشروع هنا.

شكرا على الإشارة إلى خدمات النقل في الباص بين بغداد وبعقوبة(8)

في الوحدة الموقرة للصلوات مع ذويك في مشاركة الكنيسة أطلب من الأخوات أن يصلين قليلا من أجل والدنا.

لويس ماسينيون

*****

17 أيلول 1913

لافيل إفيك
من بورديك
الساحل الشمالي

أبتي المبجل وصديقي

أشكرك على رسالتيك في 14 و18 تموز، عدت لتوي من رحلة إلى بلجيكا وهولندا وألمانيا، وهذا ما أخر إجابتي عليك.

كتب لي هيرزفيلد(1) من برلين في 26 آب وهو يسعى للقائنا في نهاية هذا الشهر (وهو أمر قليل الاحتمال) بأنه لم يكن مسرورا جدا من لقائه بالدجيلي الذي اصطحبه حتى قصر شيرين(2) - وهو لا يعتقد أبدا أن الكتابة الموجودة في دكاكين هي كتابة حميرية.

ظهر أخيرا تفسير جامع البيان (3) في القاهرة لدى عمر الخشاب في ثلاثين مجلدا (مع غرائب القرآن ورغائب الفرقان للنيسابوري)(4) في الهامش وذلك بسعر زهيد هو خمسون فرنكا.

19pt + 12 فرنك (45+pt ثمن النقل والتغليف)

إن ما قاله لك شكري أفندي حول 63 مجلدا لمؤلف ابن عوف هو صحيح (صفات الحيوان في مجمله)

كنت اشتغلت على الفيضية ولم أنصص منها ولكن أعلم أن أحمد زكي باشا (من القاهرة) قد صور مختلف المصطلحات غير المتجانسة الموزعة في طوبقو والخ.

وصل معطف شقيقتي الذي بعثه الحاج علي، وهي الآن في رحلة، ولكن سأكتب إلى الحاج علي لأشكره نيابة عنها، أشكرك لأنك كنت مهتما بإرساله إلينا !

أشكرك بالأخص لإكمالك مجموعتي من لغة العرب ! لأنك أرسلت لي الطبعة التجريبية لخريطة جونز (كانت عندي سلفا ولكنك أضفت إليها لسترنغ(5) وهي خريطة مشكوك فيها)

في ما يخص ملاحظاتك النقدية عن كتاب الطواسين أنا أشكرك عليها، ولكنها لم تكن في معظمها دقيقة.

فأنا حينما أتحدث في سبيل المثال عن هيلاج نامه فلم يكن المقصود هو الحلاج (مكتوب باللغة الفارسية ؟؟؟ مثلما تفترض أنت) بل هي كلمة هيلاج وهي كلمة مثيرة معربة، كان لا بد أن تكتب لها ملاحظة.

(حيث أن البرهان القاطع يردها إلى الإغريقية، ويقول أن معناها هو ماء الشباب واستخدمها ابن الرومي في معنى فلكي في بيت شعري شهير، وهو موضع الكدخدا والهيلاج)

أشكرك على صلواتك لأختي

تقبل يا أبتي المبجل وصديقي تحياتي الموقرة لصلواتي في قديستنا لوحدة قدسية الكنيسة وتباركك وتساعدك وتحميك وترشدك وتقويك

لويس ماسينيون

****

22 شباط 1914

أبتي العزيز وصديقي

كانت الغاية من إرسال 25 نسخة من كتاب الأمثال هو بيعها لصالح مجلة لغة العرب، إني أعلم بأن هذا الكتاب لا يتضمن الدقة التي كنت أطمح الى إتمامها فيه، إلا أنه يمثل وثيقة هي الأولى من نوعها حول اللغة العامية ( نصف المتعلمة) في بغداد وفي القرن الخامس الهجري، وكنت سعيدا بمساهمة مادية كهذه في أعمالك.

لم يخطر في بالي أن هذا الأمر سيثير انزعاجك، وإن فعلت فإني آسف على ذلك.

عرفت دوسن(1) من مدة طويلة في اسطنبول، له عقل متميز وراق، وهو رجل مؤيد للكنيسة بيد أن صحبته سيئة، وهنالك خطر عليه في الذهاب إلى بغداد، لقد أنيط بمنصبه الآن إلى غي دوكايفا الذي تعرفت عليه في القاهرة وأنا أحبه كثيرا.

سوف يتناقش معك في الفيلولوجيا، كان قد نشر في السابق كتاب الأشربة لابن قتيبة(2) في المقتبس.

أتيت هنا مع زوجتي الشابة(3 ) لأريها الصحراء التي أحبها كثيرا، ومن ثم سأعود إلى باريس لأمضي سبعة عشر يوما في العسكرية.

أنهيت بفضل الله أطروحة الدكتوراه عن الحلاج وسلمتها إلى السوربون، أصلي إلى الله أن تكون هذه الأطروحة عملا صالحا.

أنا باق على تفاني المخلص لك ولطريقك في قدسيتنا وسيدتنا والقديس جوزيف في المشاركة المقدسة للكنيسة.

*****

ابتي العزيز وصديقي

لويس ماسينيون

تسلمت من الأب بيير رسالة رقيقة وهو الآن في دير ب.س. بالماس، بني قاسم، من فالنس-اسبانيا وهو يحبك كثيرا.

******

25 تموز 1914

أبتي المبجل وصديقي

فكرت بك مليا في يوم سيدتنا في جبل الكرمل هذا الصباح في الكنيسة وليشكرك الله عني على كل ما أدين لك به وليباركك الله في كل أعمالك الرسولية.

هل بإمكانك أن تشتري لي عن طريق أحد المسافرين إلى عانه (غرب الفرات) ستة قمصان من القطن شبيهة بتلك التي اشتريناها معا في العام 1908، وتلك التي اشتريتها لي عند عودتك في العام 1909، سأحتاج إليها فعلا لأنها تبلى، خبّرني عن المبلغ الإجمالي فضلا عن مبلغ الإرسال المسجل. شكرا!

أدين لك سلفا بثلاثة فرنكات ولكنك مدين لي ب 65,5 فرنكا، لأني طلبت من غوتيه(1) أن يحسب علي مبلغ البردكلتون الذي أوصيت عليه لأجلك، لقد انتظرت إلى الآن لكي أكتب إليك هذه الرسالة وأعلن عن إرساله إليك، ولكني أعتقد بما أني لم أتسلم أي رد إلى الآن فإن الكتاب لم يرسل بعد، فالمؤلف هو تحت إعادة الطبع على ورق من ستة عشر وهو غير متوافر الآن.

لا أظن حسب علمي أن الأب شيخو هو الذي كتب خرافات القرآن ولعله زيفنون الميتودي والمعادي جدا للكاثوليكية (لم يترجم إلى الإنكليزية(!) مؤلفا لأحد الكاثوليكيين بل نشر مؤلفا لأحد البروتستانيين (كلديساك) وهو اسم مستعار، والكتاب بعنوان ما في الكتاب الشريف من التحريف .

تقود مجلة المنار سجالا عنيفا معاديا للمسيحية، فهي تتهم الكاثوليكيين بأنهم يقولون أن المسيح هو ثمرة زنى ثلاثي (فهناك من سلالته رحاب بيزانة ، الخ)(2)

إني متألم جدا من هذا الهجوم الخبيث والصادر من رئيس المجلة (رشيد رضا) الذي كان شقيقه صديقا لي.

لا أخبار لدي عن شكري أفندي ولا عن حاج علي وهذا يحزنني كثيرا، قل لهما إني أحبهما كثيرا، وإني أذكرهما أمام الله، وذلك لعظيم طيبتهما التي منحاني إياها والثقة التي غمراني بها أنا الغريب الضيف، سلمهما الله تعالى، قل لهما إن رؤوف قد أتى أخيرا لرؤيتي في باريس.

في ما يخص كتاب العين (3)، كتبت إلى غولدتسيهر فهو الذي يعطينا أفضل النصائح المتعلقة بالإعلان.

أنا ممتن لك بما تخبرني به من أحداث تجري هناك، والتي تهمني كثيرا، وعن سيرة الرصافي والزهاوي.

تسلمت عدد تموز من لغة العرب ، وأرحب بمدحك العطوف مع إحساسي التام بعدم جدارتي به، أطبع مجلدي الضخم(4) (قبلت الجامعة بالأطروحة) حول الحلاج، وصلت إلى الصفحة 256، وبقي ما يزيد على 700 صفحة أصلي ليمكنني الله من إنجازها سريعا وبصورة جيدة.

فيباركك الله أبتي العزيز وصديقي مع كل بعثتك اللاتينية الأب المبجل ليون ميشيل والأب لويس، وكل معاونيك.

لتكن لديك ذكرى صغيرة بيتي وزوجتي، وإلى كل ذوينا أمام التذكارية التي وضعتها أمام محراب سيدتنا في بغداد فليجعلنا الله أن نعمل بمشيئته المقدسة.

هل بإمكاننا أن نحبه، وأن نجعله يحبنا أكثر.

أوحد بإجلال صلواتي إلى صلواتك.

لويس ماسينيون

*************
.

27 حزيران 1917

أبتي العزيز وصديقي

الحمد لله على الخبر السعيد لخلاصكم(1) الذي نقل لي في روما، وأكدته نسخة من رسالتك في 6 نيسان أرسلتها لي والدتي.

لا بد إنها قد روت لك تقلبات حياتي للعامين الفائتين(2)، أنا حاليا في بعثة في الجبهة العربية مع ميناء القيد في القاهرة في الوكالة الديبلوماسية لفرنسا (3)، إنه أمر مهم ولعله مفيد حتى إني أفتقد رفاقي في الفيلق 56 للمشاة الكولونيالي(4) الذين تعلمت معهم تأمل الموت ووجود الله.

فليسمح الله لي يا أبتي العزيز وصديقي لأنه أجاز لنا أن نشارك شخصيا بآلام الزمن الحاضر، وأن يمنحنا طرفا من صليبه المبارك.

سترى ربما هناك الكولونيل ليغمان(5) وهو إنكليزي كنت معه في جدة وفي عدن.

بلغ احتراماتي وإخلاصي إلى الأب ليون ميشيل وإلى الأب المبجل لويس وإلى الأب المبجل أوجيه، كما أريد أن تبلغ أصدقاءنا آل الآلوسي تحياتي ومودتي عندما تنقل لهم هذه الرسالة.

صلواتي الموقرة لك، أبتي العزيز جدا، وفي المشاركة المقدسة للكنيسة المناضلة وفي القلب المقدس جدا للمسيح وفي القلب الطاهر لمريم في المنزلة المقدسة في الجليل.

لويس ماسينيون

إن أبتي المبجل م.ب.شارل دو فوكو(6) الذي كنت مرتبطا بالعمل معه رسميا قد قتل في الصحراء في اليوم الأول من كانون الأول الماضي، أطلب منك صدقة، اذكره أمام الله لأجل ما قام به من عمل خير ولكي لا يموت هذا العمل(7)

تجدون طيا كتيبا عنه طبعته هنا.

************
.

5 تشرين الأول 1917

أبتي العزيز وصديقي

إني متأثر جدا من جوابك الصائب.

إن الأخبار التي تمنحني إياها عن كل شيء هي في غايةالأهمية نسبة لي.

أفوض إلى صلواتك على نحو خاص جدا، عمل الأب المبجل دو فوكو الذي يبدو أن مثواه الأخير سيكون في القاهرة، هل تعلم أن الهدف الأساسي من عمله كان إخواننا المسلمين.

أكتب لك من معسكر في الصحراء(1) حيث أنا موجود مع كتيبة عربية تحتاج إلى إعادة تنظيم، إنها مكونة في معظمها من البغداديين المسلمين، وعدت في الحال إلى استخدام ال الماكو و مكيف و هوايا (2) البغدادية وهذا جعلني أتذكر الزمن الماضي ونعم الله وعدم وفائي له.

كل شيء تم حسابه على نحو رائع من قبل الرحمة السماوية، أمام كل ما تهبنا إياه أشعر بفقر إرادتي.

لا تنس صديقي البغدادي القديم الحسين بن منصور الحلاج وتقبل مودتي وإخلاصي في المشاركة المقدسة للكنيسة.

أنا سعيد لأنك تعرف المس ج. بل.

لويس ماسينيون

********

16 أيار 1918

أبتي العزيز وصديقي

أعهد بهذه الرسالة إلى الكونت سيار الضابط في أركان حرب- مبعوث الحكومة الفرنسية لدى المقر العام للجيش في بلاد الرافدين.

أنت تعلم بأن الحكومتين في فرنسا وإنكلترا، مكلفتان معا القضية العربية، إن حكومة فرنسا لديها مصالح خاصة في الجزيرة وفي سوريا وهي مصالح معترف بها في المواثيق، وتقع على عاتق فرنسا أن تضمن إلى الحكومات العربية المستقلة التي ستتشكل في هذه المناطق بعد الحرب الاستقرار والأمن والحضارة.

إن البعثة السياسية الفرنسية التي أشارك فيها والتي يترأسها السيد جورج بيكو(1) مكلفة التحضير لهذه المسائل ( ) ولهذا الغرض تمت دعوتها( )(2)

القطعات الحليفة العاملة في فلسطين ستذهب للإقامة بالغرب ونحن الآن في أورشليم منذ ستة أشهر، حيث البابا لم يعترف لنا بالحماية الدينية التقليدية إلا بعد مؤامرة صغيرة، وقد حصلت عليها بعثتنا لتستطيع ممارسة سلطانها خلال الأسبوع المقدس في قبر السيد المسيح حتى الخميس المقدس، وبوصفي مساعدا لرئيس الحملة فقد تناولت القربان رسميا باسم بلدي أمام القبر المقدس.

إن اللعبة الحاسمة تلعب الآن في فرنسا.

أسافر هذه الأيام إلى فرنسا بإجازة حيث تركت أهلي منذ ثلاثة أشهر، وحان الوقت لأراهم إن أراد الله.

صلّ من أجلي أبتي

ولكل الأعمال التي رغبت بإنجازها إذا أرادها الله لبلدي وللكنيسة (ولأجل إرساليتك).

بلغ تحياتي المخلصة إلى المس بل إن لم تكن قد غادرت بعد(3).

لويس ماسينيون

*******

22 تموز 1919

أبتي العزيز وصديقي

عدت كما هي الحال في كل عام، ومنذ أحد عشر عاما في رحلة تأمل ضائع ووقور في النعم التي غمرتني بالقرب منك، وذلك عند عودتي إلى الكنيسة في حلب وبعلبك وبيروت خلال أسبوع القلب الأقدس وهو أسبوع السلام.

أفكر أمام الله بأصدقائنا المسلمين أكثر من أي وقت مضى، سيصطفون على ما أظن إلى جانبنا عند حصول المحن الأخيرة، وعندما تصبح الساعة قريبة، لأنهم مؤمنون وهذا الإيمان ليس فضيلة طبيعية من الدين حسب، إنما شيء أكبر من هذا ، إنه بركات الله(1) وهو يستجيبإبراهيم الحائر: لقد سمعت نداءك من أجل إسماعيل ، إنني أباركه،وسأجعله خصبا وسأجعله عظيما (2)أنضم معك بعمق في هذه الكنيسة المقدسة إلى صلاة انجلوس ومع كل ذويك.

فليبارك الله صنيعك والإرسالية اللاتينية الغالية في بلاد الرافدين.

المخلص لك باحترام جدا

لويس ماسينيون

***********

24 كانون الثاني 1919

أرفق طيا رسالتي إلى الأب المبجل لوي

أبتي العزيز وصديقي

أشكرك كثيرا على أخبارك الجيدة التي تسلمتها في بيروت ثم سررت بتقديمي إلى أخيك في حلب، وهو في صحة جيدة.

أكتب لك من دمشق وكما ترى فإني كثير التنقل، إن ما تقوله عن الحالة النفسية في بغداد يعزز مخاوفي. ماذا تتوقع؟ في هذه الإعادة لبناء العالم التي تجري حاليا، هناك على فرنسا واجب ملح هو الحرص على ما هو أكثر إلحاحا، فبعد القضية الألمانية تأتي القضية السلافية، ويأتي دورنا نحن الذين نعنى بالقضية العربية على الخط الثالث.

أنا أعاني بقدر ما تعاني أنت، ولكن قربي من أوروبا وسماعي للراديو يجعلني أدرك على نحو أفضل مما لو كنت في بغداد، التغيرات الكبيرة التي تجري في العالم والتي هي في صالح فرنسا إلى حد كبير .

سيكون لهذا صداه هناك على الرغم من بعض الأطماع الانحرافية.

إن القضية الصهيونية في بغداد مهمة للغاية، وإني آسف لعدم متابعتي لها عن كثب، إن المسلمين هنا في دمشق معادون عنيفون للصهيونية.

بلغ مشاعر الود والإخلاص إلى شكري أفندي وحاج علي، يعلم الله ما أحمله أمامه كل صباح من ذكرى متحمسة لأصدقائي في بغداد.

أفوض أمري بإجلال مع كل ذوي، بتي المبجل وصديقي، إلى قرابينك وصلواتك.


.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى