عبدالله عبدالإله باسلامه - ب - ج - (خذوها بالعقل) .

(أ)

في أول أيام شهر رمضان الماضي خرج أولادي ليفرحوا، ويحتفوا مع بقية أولاد الحارة بحلوله المبارك .
لكن لم تكد تمضي ساعة واحدة حتى عاد الأولاد وعددهم يربوا على العشرة يشتكون من عنف ولد في سنهم يضايقهم، ولد دخيل من حارة ثانية، أخذ يرجمهم بالحجارة،ويصرخ فيهم ويهددهم .

عندما استنجد الأولاد بي ضحكت من جبنهم، وعندما استجاروا بجاري أبو محمد سخر منهم بل وطردهم، كذلك فعل أبو علي الذي نعتهم بالنعاج ... النتيجة أن الأولاد تلقوا منا نحن الآباء وابلا من السخرية، والتهكم، وحتى التوبيخ، إذ كيف لهم أن يهربوا من واحد وهم عشرة، وهم في أرضهم، ووسط ساحتهم، وعدوهم وحيد، ودخيل على حارتهم ؟!.

وحين يأس الأولاد، وتيقنوا أن رجاؤهم، ومسكنتهم، ودعواتهم، واستنجادهم لا فائدة منه، قرروا أن يواجهوا الدخيل بأنفسهم، فأعدوا خطة مضحكة تبدأ بتطويقه، وإطلاق صرخة جماعية، تنتهي برمي الحجارة عليه .

المثير أن الولد الدخيل( فر ) بمجرد أن شعر بصدق نوايا الأولاد ضده، فما إن لمح تقدمهم نحوه حتى ترك الساحة، وولى هاربا دون مواجهة، ليكمل الأولاد لعبهم بأمان .

(ب)

في العشر الأواخر من نفس الشهر المبارك خرج مئات الملايين يفترشون المساجد، والساحات، والشوارع، يبتهلون إلى الله بالدعاء،
ويتواصون بينهم التضرع بإخلاص عبر قنوات التواصل الاجتماعي، فكثر الدعاء، والداعين، والمبتهلين، والطالبين، والمطالبين، والراجين، والمتوسلين نصر الله، وعون الله، ومدد الله، وتدخل الله، ليهلك اليهود، ويحرر المسجد الأقصى، ويقتل ويعذب الصهائنة، وأن يبعث عليهم عذابا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ويرسل عليهم صاعقة وريح، عاد وثمود، وفرعون ... إلخ

فهل استجاب الله لدعاء ما يربوا على مليار ونصف مسلم يحيطون بإسرائيل إحاطة الكماشة الفولاذية بحبة الجوز ؟
وهل أهلك عدوا لا تزيد نسبته عن جزيء واحد في المليون؟!
هل اجتث، ودمر وصعق عدوا غريبا دخيلا ، ونصر الداعين، والمبتهلين الأكثر عددا، وبأسا، وقوة، وهم في أرضهم، وبلادهم، ووسط ساحتهم ؟!
أم أن الله ( تبارك وتعالى) رفض وسيرفض، بل ويغضب(جل وعلا) لهذا الذل والمسكنة، كما سخر وغضب، ورفض أولياء الأمور نجدة ونصرة أولادهم على ذلك الولد الدخيل.

(ج)

ألا يكفي مرور (ثمانية عقود) من الدعاء، والرجاء، والبكاء،والتوسل لندرك أن الله (لم ولن) يستجب دعائنا، وأن هذا الدعاء والرجاء على قوتنا، وكثرة اعدادنا، وعتادنا، وأموالنا واولادنا... هو سبب غضب الله علينا!!

ألا تكفي ثمانية عقود من الذل، والعجز، والخزي وأن الوقت قد حان لأن نستحي من أنفسنا أمام من ندعو، وقد أمدنا بكل وسائل النصر والعلو والتمكين !!
ألم يحن الوقت لأن نغادر المساجد، ونطوي السجادات، ونتحرك بصدق لمواجهة عدونا الدخيل بشجاعة كما فعل أولاد الحارة ! .

خذوها بالعقل.



عبدالله عبدالإله باسلامه
اليمن / ذمار .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى