رسالتان بين توفيق الحكيم ولطفي الخولي

أستاذنا الجليل توفيق الحكيم
تحية طيبة وبعد‮.‬
يدفعني إلي كتابة هذه الرسالة عوامل كثيرة ومتداخلة لا أشك في أنك وقفت عليها وتلمست نوعيتها خلال المناقشات ـ الحلوة المرة ـ التي دارت بيننا،‮ ‬سواء في مكتبك أم في بيوت بعض الاصدقاء والزملاء‮.‬
ولقد داخلني الإحساس،‮ ‬أننا ـ أنت وأنا ـ رغم ما هناك من اختلاف في منهج الرؤية وسني العمر،‮ ‬أقرب إلي بعضنا البعض في الاتجاه والموقف،‮ ‬من قربك إلي أولئك الذين يحلو لهم،‮ ‬من وقت لآخر،‮ ‬وضع‮ "‬بريهك‮" ‬علي رؤوسهم والاتكاء علي‮ "‬عصاتك‮". ‬ثم يقولون في الاشتراكية واليسار وعبدالناصر والتجربة،‮ ‬ما قاله مالك في الخمر‮..‬
ومع ذلك فما زلت محتاجا إلي اختبار حقيقة هذا الاحساس وصدقه،‮ ‬خارج الذات‮.‬
إن كل المناقشات التي دارت بيننا،‮ ‬حتي اليوم،‮ ‬اتسمت بالعفوية والارتجال‮ ‬غير المنظم‮. ‬وأحيانا مرت مرورا عابرا بأسئلة وقضايا هامة وحيوية‮. ‬وكثيراما آنقطع خيط المناقشة نتيجة تدخلات‮ "‬الغير‮" ‬من الأصدقاء وغير الأصدقاء،‮ ‬أكثر من مرة‮. ‬فلم أتمكن من تحديد دقيق لأبعاد الرأي أو الموقف الذي تتبنونه وتدعون إليه‮ . ‬باختصار،‮ ‬لم نصل ـ رغم حرص كل منا ـ إلي نتيجة محددة بعد،‮ ‬عن نقاط الاتفاق ونقاط الخلاف حول المسألة المركزية في كل القضايا‮: ‬إلي أين تتجه مصر بعد حرب أكتوبر؟
أستاذنا الحكيم
لعل في مقدمة ما تعلمناه عنك،‮ ‬أن الحوار بين الأفكار،‮ ‬يجب أن يحفر عميقا حتي يلتقي بالجذور،‮ ‬لنتفهم بعد ذلك هوية التفريعات المختلفة ومناحي مساراتها‮.‬
وأظنني لست في حاجة إلي أن أؤكد لك ـ بادئ ذي بدء ـ أن توفيق الحكيم الإنسان والفنان والمفكر،‮ ‬كان ولايزال،‮ ‬هو‮ "‬حكيمنا‮"‬،‮ ‬الذي أنار لنا منذ أن شرعنا نفك طلاسم اللغة،‮ ‬طريقنا إلي معانقة الواقع وإخصابه والتعامل مع تناقضاته،‮ ‬بهدف تغييره لصالح الإنسان‮.‬
‮"‬بعودة الروح‮" ‬ملأت دنيانا‮. ‬و‮ "‬بعودة الوعي‮" ‬شغلت الناس،‮ ‬وبين عودة الروح وعودة الوعي تاريخ متصل الحلقات،‮ ‬غني بالمواقف والإبداع‮. ‬لايستطيع المرء أن يجتزيء منه حقبة أو موقفا أو عملا إبداعيا واحدا،‮ ‬ويدعي بأمانة موضوعية أن هذا هو توفيق الحكيم‮.‬
في مفهومنا،‮ ‬نحن الاشتراكيين المصريين،أن توفيق الحكيم‮ "‬ظاهرة اجتماعية تاريخية‮"‬،‮ ‬الإنسان المبدع فيها هو‮ "‬بطلها‮" ‬الذي يخوض صراعا دائما ومتجددا مع واقعه وعصره‮. ‬وأن هذا الصراع يتخذ مواقف متعددة،‮ ‬تتراوح بين الثورة والتمرد والنقد الاصلاحي وأحيانا المساومة التكتيكية وغير التكتيكية‮.‬
و‮ "‬بطل‮" ‬الظاهرة،‮ ‬يجسد هذا كله في صور فنية من أعمال مسرحية وروائية ومسروائية وانطباعات‮ ‬الخ‮..‬
وبالتالي فإذا كان‮ "‬توفيق الحكيم‮" ‬ليس هو‮ "‬عودة الروح‮" ‬فقط‮. ‬فهو أيضا ليس‮ "‬عودة الوعي‮" ‬وحسب‮. ‬وإلا فأين يذهب عصفور من الشرق،‮ ‬والسلطان الحائر،‮ ‬وطالع الشجرة،‮ ‬ونائب الأرياف‮.... ‬وذلك المفكر الذي جلس ذات ليلة من عام‮ ‬1937‮ "‬تحت شمس الفكر‮" ‬يكتب بشجاعة‮: "‬أن الشعب اليوم قد تغير في نظري،‮ ‬وأن عقليته قد تكونت وأصبحت له رغبات حيوية تمس صميم‮ ‬غذائه اليومي وحياته المادية‮.. ‬انه يطالب اليوم أن يعيش‮. ‬لا معنويا فقط كما كنا ننادي بالامس‮. ‬ولكن ماديا أيضا،‮ ‬عن طريق اللقمة المتوافرة للملايين من المحرومين‮. ‬علي أن ينبغي لنا مع ذلك أن نتساءل‮: ‬إلي متي نظل في مصر،‮ ‬ونحن نملك فيها نظاما ديمقراطيا،‮ ‬نعتقد أن إصلاح شئون الطبقة الفقيرة،‮ ‬معناه التصدق والإحسان؟
وإلي متي،‮ ‬ونحن لدينا برلمان،‮ ‬لا نجد فيه ممثلين لملايين الطبقات الفقيرة،‮ ‬يدافعون عما تراه هذه الطبقات منهضا لها مصلحا لحالها‮..".‬
أستاذنا‮..‬
والحديث ذو شجون‮. ‬أليست‮ "‬عصا الحكيم‮" ‬التي رفعتها في عام‮ ‬1947‮ ‬في وجه برجوازية الحرب المصرية الشرهة المستغلة،‮ ‬هي نفس العصا التي تدب بها اليوم علي أرض الواقع المعاصر‮. ‬قلت يومها‮: ".. ‬إن مصر تحولت في السنوات العشرين الماضية تحولا اقتصاديا ملحوظا،‮ ‬كان من نتيجته اثراء طبقة من الناس اثراء سريعا أدي إلي نشر مثل عليا جديدة في المجتمع‮.. ‬أو علي الأصح مثل ليست عليا،‮ ‬لأنها بذرت في النفوس بذور المادية والوصولية والاستهتار‮.."‬
لو أنك رفعت العصا اليوم في نهاية‮ ‬1974‮ ‬في وجه البرجوازية الجديدة المتجمدة علي قيم البرجوازية القديمة،‮ ‬لرجمك بالحجارة واتهمك بالإلحاد واستيراد الافكار،‮ ‬أولئك الذين يذرفون،‮ ‬اليوم،‮ ‬دموع التماسيح وهم يقرأون،‮ ‬من السطح،‮ ‬كتاب عودة الوعي‮.‬
ماعلينا‮..‬
إن‮ "‬توفيق الحكيم‮" ‬ـ في مفهومنا أيضا ـ ليس بكلماته علي الورق،‮ ‬منفصلا عن حركته في المجتمع خلال مراحله المختلفة‮.‬
‮"‬الشيخ‮" ‬توفيق الحكيم في سجن العمر،‮ ‬وجه لذات الإنسان الذي يطالعنا بوجه‮ "‬الشباب‮" ‬توفيق الحكيم،‮ ‬وهو يتأجج حماسا لحركة الشباب في السبعينيات ضد الهزيمة وعفنها،‮ ‬يحاورها ويستلهم منها ويخصبها.وتوفيق الحكيم الذي يدين،‮ ‬بنفسه،‮ ‬صمته وغياب وعيه في‮ "‬عودة الوعي‮"‬،‮ ‬هو نوع من‮ "‬البورتريه الساخر‮" ‬لصورة أخري لتوفيق الحكيم،‮ ‬أعرفها عن قرب،‮ ‬عندما ضاق بالقيود علي حرية التعبير في عام‮ ‬1970‮ ‬فكتب رسالة شخصية صادقة وشجاعة إلي جمال عبدالناصر‮.‬
باختصار‮.. ‬توفيق الحكيم هو‮ "‬كل‮" ‬توفيق الحكيم‮. ‬وقيمته الموضوعية تستمد من الطابع العام للظاهرة الاجتماعية التاريخية‮. ‬وهو طابع وطني تقدمي‮. ‬مستقبلي النظرة‮. ‬عدو للتخلف والجهالة والظلمة والقيود‮. ‬ولعلي لا أغامر إذا قلت إنه ليس بينه وبين اليمين الغبي آلفة أو عمار‮.‬
لماذا أكتب لك هذا كله؟
لأكثر من سبب‮. ‬لكن لعل أهم هذه الأسباب،‮ ‬هو التصدي لتلك التيارات التي تنصبك ـ رغما عنك فيما أعتقد ـ قيادة لها في حربها الشرسة الضروس ضد التقدم والحرية والإنسان في بلادنا‮. ‬ومن هنا كانت محاولتي لتحديد‮ "‬موقعك‮" ‬بالنسبة لمواقعنا علي خريطة مجتمعنا المعاصر‮. ‬وبيان أن الأرضية العامة الواسعة،‮ ‬التي بذلت طوال نصف قرن،‮ ‬الجهد في حرثها وزرعها بقيم سيادة الإنسان علي مصيره ـ وذلك من خلال إبداعه الفكري ونضاله العملي،‮ ‬معرفته العقلية ووعيه الوجداني‮ ‬هي ذات الأرضية التي نواصل،‮ ‬بكل العزم والتضحية والأمل،‮ ‬الحرث والزرع فيها‮.‬
لماذا الحرص علي تحديد المواقع اليوم؟
أصدقك القول وأجيب‮: ‬لأمرين اثنين‮:‬
الأمر الأول‮: ‬هو أن اليمين المتخلف الذي طفح علي جلد الأمة،‮ ‬بجهله النشيط ورعونته العمياء،‮ ‬يحاول اليوم أن يصنع من كتابك‮ "‬عودة الوعي‮" ‬وما تضمنه من انطباعات سريعة ورؤية ذاتية لبعض السلبيات في تجربة العشرين عاما الماضية مدفعا ثقيل العيار ضد حركة التقدم‮.‬
الامر الثاني‮: ‬هو رسالتك المفعمة بالصدق والاخلاص التي وجهتها علي صفحات‮ "‬روز اليوسف‮" ‬إلي اليسار المصري وذلك من منطلق أنه‮ "‬أيا كانت مثالياتي،‮ ‬أعتبر نفسي من المسئولين عن الاشتراكية المصرية‮".‬
في هذه الرسالة أثرت العديد من النقاط الهامة،‮ ‬حول موقف اليسار من الناصرية وعن أن خوفه من استثمار الرجعية لنقد انجازات عبدالناصر يكاد يوقعه في موقف رجعي،‮ ‬فضلا عن قضايا التكتيك والاستراتيجية والموقف التبريري لليسار الخ‮...‬
أستاذنا الحكيم‮ ‬
أنت إذن،‮ ‬في هذه الرسالة،‮ ‬تحدد موقعك بوضوح داخل نفس الارضية التي ترتكز عليها مواقعنا‮.‬
وليس هناك ـ عندك أو عندنا ـ تجربة مقدسة أو شخص مقدس‮. ‬وليس هناك ايضا ـ عندك أو عندنا ـ هدف لمواصلة حركة التقدم،‮ ‬ماديا وروحيا،‮ ‬لجماهير شعبنا،‮ ‬نحو اشتراكية حقيقية‮.‬
إذن لماذا لا نتحاور ـ ياسيدي‮ ‬حوارا جادا منظما ومسئولا،‮ ‬بهدف الوصول إلي تشخيص موضوعي للتجربة والواقع بهدف فرز الايجابيات عن السلبيات،‮ ‬واستشراف طريق المستقبل‮: ‬معطياته،‮ ‬احتمالاته،‮ ‬مخاطره،‮ ‬ضماناته‮.‬
لقد طالبت،‮ ‬أنت شخصيا،‮ ‬أكثر من مرة بفتح ملف التجربة جماعيا وبحرية‮. ‬وقد هالك أن يتخذ كتيب‮ "‬عودة الوعي‮" ‬قميص عثمان بين المتصارعين‮. ‬بعضهم يتدثر به ليخفي عوراته‮. ‬وبعضهم الآخر يقع في خطأ اعتباره الكلمة الأخيرة‮ "‬لتوفيق الحكيم‮" ‬تجب كل كلام سبقه أو كلام يلحقه‮ .‬
وأنت علي حق في طلبك‮.‬
ولقد سمحت لنفسي أن أبحث هذا الامر مع زملائي في أسرة تحرير الطليعة‮.‬
وعرضت عليهم مناقشاتي معك‮. ‬وإنه ليسعدني أن أكتب اليك برغبة الطليعة ـ التي تعرف تقديرها الكبير لفنك ـ أن تفتح معك هذا الملف من خلال حوار جماعي منظم ومسئول‮.‬
وكلنا أمل أن تستجيب لنا ونتلقي منك كلمة القبول‮.‬
وإذا كان ردك بالايجاب،‮ ‬فإننا نطمع في أن لا تبخل علينا باقتراح،‮ ‬ابعاد الاطار،‮ ‬التي تراها جوهرية لهذا الحوار‮.‬
مع عميق التقدير وصادق الحب والاعزاز‮.‬
لطفي الخولي
القاهرة‮ ‬16‮/‬11‮/‬1974
********
***********
عزيزي الاستاذ لطفي الخولي
أشكر لك رسالتك المفعمة بالمودة والصراحة،‮ ‬كما اشكر لك ولزملائك في اسرة تحرير الطليعة دعوتكم إلي حوار جماعي منظم ومسئول حول تلك القضايا التي ذكرتها في رسالتك‮. ‬وهي دعوة تسرني وتسعدني‮.‬
فالحوار المنظم الخصب،‮ ‬ضروري اليوم لتوضيح الرؤية وكشف الطريق‮. ‬وربما ذهب الحوار إلي مناقشة أهم قضية يمكن أن تطرح الساعة للبحث،‮ ‬وهي‮ "‬مستقبل الاشتراكية في مصر‮". ‬وقد يرتبط بهذا البحث مناقشة وثيقة الصلة به حول‮: "‬وضع اليسار المصري ونموه وتطوره في المستقبل‮" ‬وقد تصل بنا الامال إلي حد التطلع إلي توحيد اليسار المصري بمختلف اتجاهاته الشاردة وتكتلاته المتباعدة في‮ "‬مؤتمر عام‮" ‬يجعل منه قوة فكرية ضخمة تقوم علي منهج محدد مدروس،‮ ‬يستطيع أن يقيم الاشتراكية الحقيقية التي تنبعث من الفكر الثوري الحر المستوحي من الشعب ومطالبه‮.‬
قد يدهش كثيرون لهذه الاهتمامات من شيخ في أواخر مراحل العمر‮.. ‬وقد يتساءلون‮: ‬ماذا جري له اليوم؟ فهم لا يعرفون عني سوي الفنان ذي البيريه والعصا،‮ ‬وتلك الصور والحكايات التي يصطنعها الناس عادة للفنانين‮.. ‬وربما كنت أنت الوحيد بين الاشتراكيين الحقيقيين الذي لن يدهش‮. ‬لأنك أنت نفسك فنان‮.. ‬ثم إنك أنت أيضا بدأت حياتك في القانون‮. ‬وهي سمات وظروف مماثلة لسماتي وظروفي‮. ‬ومن هنا جاء التقارب بيننا في الاتجاه والموقف كما تقول‮ .‬
والحق أنه علي الرغم من اختلافنا في منهج الرؤية وتباعدنا في السن،‮ ‬فإني لم أشعر قط بالغربة معك‮. ‬بل كان شعوري دائما أننا نقف معا علي أرض واحدة‮..‬
ولكن أكثر الآخرين ـ ولهم الحق ـ في حاجة إلي اجابة علي سؤالهم المستغرب‮: ‬ما له ولكل هذا اليوم؟!من أجل هؤلاء رأيت أن أعود إلي كتبي القديمة أبحث عن جذوري المتصلة بالاشتراكية فأنا ارفض دائما أن أرعي زرعا في أرض ليست لي فيها جذور طبيعية‮. ‬سواء في الفن أو في الفكر أو في المبادئ أو في العقائد‮.. ‬ولقد استخرجت علي عجل هذه الصفحات من كتاباتي المنشورة في الثلاثينيات والاربعينيات مما يمكن أن أسميه‮ "‬اشتراكيتي‮" ‬لترفق برسالتي هذه اليك‮.‬
وهي دلالات علي ميول واتجاهات لم يفطن اليها كثيرون،‮ ‬لأن أنظارهم كانت متجهة الي صورتي الفنية وحدها‮. ‬ولأن الفن كان هو الميدان الذي كتب علي أن أخوض مشكلاته،‮ ‬وتلقي علي كاهلي واجباته‮. ‬إلي أن انتهت مسئولياتي فيه بظهور المواهب التي حملت عني أعبائه‮. ‬واقترب عمري من النهاية،‮ ‬وأصبحت مجرد مواطن لا يشغله شاغل‮ ‬غير تلك الامال التي يريد أن تتحقق لوطنه‮. ‬ولقد استبد بي هذا الشاغل إلي حد العنف في السؤال‮: ‬ماذا كسبنا وماذا خسرنا؟ حتي نستطيع أن نبصر الطريق الواضح الذي يجب أن نسير فيه إلي حسن المصير‮..‬
وها أنت ذا تتيح لنا الفرصة لنبحث كل ذلك‮. ‬ونناقش كل ذلك في اطار الحوار المنظم المسئول‮.‬
وليس عندي من اقتراح في هذا الصدد‮ ‬غير الدعوة الي إجراء هذا الحوار بين من تختارهم أنت من صفوة المفكرين الاشتراكيين الاحرار،‮ ‬علي أن تنشر محاضر هذا الحوار،‮ ‬لتكون نواة لمنهج واضح للفكر الاشتراكي الحر في بلادنا‮.‬
اكرر الشكر لك وللزملاء من أسرة تحرير الطليعة‮. ‬وتقبل مودتي ومحبتي وتقديري‮.‬
توفيق الحكيم
القاهرة‮ ‬1974‭/‬11‭/‬17




.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى