عبد المنعم عامر - خلفَ الجُدران المشرئبةِ الأحزان

خلفَ أبواب الحديدِ
التي من ألفِ شوق لا تنام
خلفَ أهلكِ الذينَ يخافون حمامك الطويل ،
ونومكِ الخافتَ في بياضِ البانيو الكئيب
خلفَ الغرف الشاخصة الألوان
تقفينَ وحدكِ
لحمًا قلقًا من خطوات القادمين؛
أيتها الأنثى المغصوبة الفراش
كثيرةُ الدمع الخفّي في وقوف المطبخ
الثقيلةُ الخَطو بين المرايا
الميتةُ كل ليلةٍ
دونَ أن تنسى القهوة على النار
وقصص الأطفال
ومواعيد الجيران
والإبتسام في وجهِ الزوج كلّما اراد ان ينَال!
الأنثى التي اِقتلعوها من قلبِ رجل ٱخر
من جُذورها الطَازجة
وأعشَاشها حَديثةُ التكوين
بجذعها الأخضرِ الهّش
بغُصنها الناعمِ تحتِ قوائم الطُيور
الأنثى الصَبور...
لكل مطرٍ ليلي مُفاجىء
لكل عاصفةٍ لا تُهادن
لفؤوسِ الحديث على ظَهرها الطاهر!
لكل حطَّاب وقَاتل
الأنثى التي رُموها في النَار
فكانت قبسًا...
دفنوها حيّةً فكانت بحرًا
رموها بالحجارة فأصبحت ثمرًا
أوصدوا عليهَا الأبواب
فصعدت من بينِ أيديهم قمرًا
علقّوا لها المشنقة
فأخرجت ثَديها المبارك
وأرضَعت أطفال القتلة!
الأُنثى المنذورة للموتِ في كل العصور
النور
والحور
والسور
الغديرُ
والحرير
والقليلُ
والكثير
السماء
والبناء
والقلبُ الذي لا يُجَافي
السهرُ
والسَفرُ
والنهرُ الذي لا ينَام
السلامُ
والحنان
والكلامُ الندّي
العِطر
والسِترُ
والبئرُ الخَصيب
الأُنثى التي لحظةَ الذبح
نادى طفلٌ خلف الأرجل الذَاهلة
"ماما"
فسالَ من رقبتها الدمُ و الحليب!
/
عبد المنعم عامر.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى