طارق حرب - أصول وطقوس الإستحمام في الحمامات العامه ببغداد في النصف الاول من القرن العشرين بين( الوزره والليفه والطاسه ) ونوري باشا

في زمن لم تكن فيه بيوت البغداديين تضم حماما عدا القليل جداً وحتى هذا القليل لا يحقق الراحه المطلوبه من الحمام الخاص فيذهب الى الحمام العام أو الحمام الشعبي ليستحم حاله حال البغداديين فهذا نوري باشا الذي أصبح رئيس وزراء العراق لأربع عشر مرة والاخرى رئيس وزراء الاتحاد الاردني العراقي كان ينزل من السياره متأبطاً ( البقچه) التي تضم الليفه والوزره والمنشفه والصابونه) اذ أعتاد أن يستحم اسبوعياً في احدى الحمامات الشعبيه الكائنه بالقرب من شارع المتنبي وتمثال الرصافي وهذا هو حال البغداديين في النصف الاول من القرن العشرين اذ كانت حمامات خاصة بالنساء وحمامات أخرى خاصه بالرجال وكانت بعض حمامات بغداد تستقبل نهاراً النساء من الصباح الباكر حتى قبل الغروب وبعد خلو الحمام من النساء تماماً يبدأ بأستقبال الرجال وحتى منتصف الليل ومن المعتاد ان مدة بقاء النساء البغداديات بالحمام أكثر من مدة بقاء الرجال اذ يأخذ الاستحمام وقت أطول يصحبه تناول الغداء الذي يكون عادة الكباب والكلام الذي يدور بينهن ذلك ان البقاء في الحمام غير مقيد بوقت حتى ولو استمر بقاء المرأه من لحظة فتح الحمام الى لحظة غلقه .
وكان من عادة البغداديين عند دخولهم الحمام اصطحاب الفواكه معهم كالبرتقال والنومي الحامص اذ بعد اكمالهم الاستحمام يقبلون وبشهية على الاكلات الخفيفه نحو ما يقولون وكانوا يصطحبون أحياناً الحناء والوسمه للتخضب وصبغ الشيب للمتقدمين في السن وأحياناً توجد هذه المواد بالحمام الذي يقدمها للمستحمين وقد جرت العاده على إرتياد الحمام ليلاً بعد انتهاء العمل أو الدراسه ولكن البعض يميل الى التبكير في الذهاب الى الحمام وصباحاً ويعللون بأن الحمام في دلك الوقت يكون في بداية عمله وهو أنظف الاوقات ويكون ارتياد الحمام الشعبي صباحاً خاصة في أيام الجمع وعادة ما يتأبط البغدادي ما بحتاجه في ( بفچه) يضع فيها المناسف والوزره ( المئتزر) والليفه والصابونه الا اذا كانت هذه المواد موجوده في الحمام وعادة ما يصطحبها البغدادي معه الى الحمام حتى ولو توجد مثيلاتها في الحمام وعند الدخول الى الحمام يكون الجلوس بعد الدخول على أحد المفارش الموضوع على دكة مبنيه وأحياناً هنالك بعض المقاعد الخشبيه التي تتسع لثلاثة أو أكثر والذي يسمى( تخت) وحيث الحصران تغطي الدكه أو التخت ويبدأ المستحم من هنا بخلع الملابس وهنا يجلب عامل الحمام ( القباب) الخشبي وهذا القبقباب جزء من طقوس الحمام فلا يحوز الدخول حتى ولو ب( النعال) البلاستيكي ويمنح وزرة يلف بها الجسم لستر العوره حيث يلف الجسم بها وبعداكمال ما تقدم يتم الدخول الى الحمام وعادة توجد فسحة بين مكان خلع المنازل وبين الحمام وفي هذه الفسحه يوجد مكان لوضع( النوره) والزرنيخ التي تعمل على ازالة الشعر حيث يتم استخدامها بدلاً من موس الحلاقه وتوجد في هذه الفسحه دورات المياه وبعد ذلك يتم الدخول الى الحمام الاخص ويتكون من فناء دائري أو مربع الشكل وفي وسطه دكه مستطيلة الشكل عادة أو مربعه وقد تكون دائريه درجة حرارتها عاليه تستخدم لجلوس المستحمين عليها لكسب شيء من الحرارخ التي تلامس الجسم قبل الاستحمام وللو صول الى حالة تصبب العرق وتتوزع امكنه صغيرة على جدار الحمام الحار للجلوس وعند كل مكان جلوس يوجد وعاء من السمنت وحنفيتي مياه أحدهما للماء الحار والاخرى للماء البارد وعادة ما تكون في مستوى واطيء كي يسهل استخدامها من المستحم الجالس لتنظيف جسمه وهنالك الليفه والصابونه التي يتم استخدامها للتنظيف بعد التعرق وكثير من المستحمين لا يقوم بهذه العمليه بنفسه وانما يتركها لشخص آخر يتولى تنظيفه وهو( المدلكچي) أي رجل التدليك الذي يتناول المستحم ويأخذ بتدليكه باستخدام الليفه والصابون ويقلبه على أكثر من جهه ولحين اكمال التنظيف و( المدلكچي) يغسل المستحم وحتى يكمل التنظيف فيترك المستحم مكان التدليك ويعود الى مكانه حيث الجلوس على دكة صغيره ويكملها برش الماء على جسمه من الحوض الصغير امامه وبأستخدام حنفيات الماء الحار والماء البارد
اما( المدلكچي) الذي يقوم بالتدليك وهو اشبه بالمساج ثم يبدأ بأزالة الاوساخ أوساخ الجسد من الجسم بواسطة الكيس الذي يضعه في يده وبعد ذلك يأتي الى محل الجلوس المجاور للحائط والحوض الصغير والدكه الصغيره التي يجلس عليها وصنبوري ( حنفيتان) للماء الحار والبارد التي تصب في الحوض الصغير أمام المستحم حيث يتم ملأ الليفه برغوة الصابون حيث يقوم بتدليك الجسم مرة أخرى سواء من المستحم نفسه أم من ( المدلكچي) حيث يستمر التنظيف مرات عديده وبعدها تبدأ المرحله الاخيره وهي اكمال الاستحمام ورش الماء على الجسم أي السبح وبعد أن يغتسل بالماء فقط للتخلص مما بقى عالقاً من صابون ومواد على الجسم وبعدا يدق جرس اكمال الاستحمام وهو في حمامات بغداد التراثيه الضرب بالطاسه التي كان يستخدمها في نقل الماء من الحوض الى جسمه وعادة ما يكون ضرب الطاسه بالكتله الكونكريتيه للحوض أكثر من مره اذ ان ذلك يعني ان المستحم اكمل الاستحمام ويريد ترك مسبح الحمام عندها يحضر عامل الحمام وهو يحمل منشفتيم واحده للأتزار بها يلف بها جسمه والاخرى تكون على كتف المستحم لكي يلف الجزء العلوي من الجسم كالرأس والصدر ثم الخروج من المسبح ويتم استبدال المناشف بمناشف أخرى ويتم تنشيف الجسم تماما ويجلس في القاعه الصغيره التي في مدخل الحمام حيث يتم تناول شيء من المشروبات الساخنه كالشاي والحامض والدارسين وسواها من السواخن او تناول شيء من الفواكه والاكل الناشف الخفيف كالكباب وبعد الاستراحه يتم ارتداء الملابس والخروج .
ومن حمامات بغداد في النصف الاول للقرن العشرين حمام الباشا في محلة الميدان وحمام السراي جنوب هذه المحله وحمام عيفان وحمام المالح في محلة الفضا وحمام الكهيه الذي أزيل بعد فتح شارع الخلفاء نهاية خمسينات القرن العشرين وحمام الرشيد في محلة الحيدر خانه وحمام بنجه علي في محلة باب الأغا وحمام الگمرگ وحمام القاضي وحمام حيدر وحمام الشورجه وحمام السيز وحمام آل آل جميل وحمام تاجه وحمام فضوة عرب كلها في الرصافه أما في الكرخ فهنالك حمام أيوب وحمام الجسر وحمام اليتيم وحمام شامي.

طارق حرب خبير قانوني ومحام



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى