أحماد بوتالوحت - أعْرَاس الْحَلَازِين

المَشَّاء ! كان ذَلِك إسْمي ، كَوْني كُنْت حِذاء رَأْس المَشَّائِين أرِسْطُو
ذَلِك الَّذي يَمْشي بِلَا أُبَّهَة بين الطَّلَبَة وَمِن لُفافَتِه الْمَحْشُوة تَخْرج كِلِمات مُجَنَّحة ، كَأنَّه يُدَخِّن فَرَاشَات بَيْضاء .
حَدَث هَذا قَبْل أَنْ ينْدَسَّ الخَرِيف المُعَبَّأ داخل أَكْياس مِنْ جَلِيد ، في ثُقُوب أَيَّامي ،
فَغَدوْت كَهَيْكَل سَفِينة أنْهَكَها السَّفَر بَيْن سِيقَان الأَمْوَاج المَخْمَلِية
وكانت تلك ذَرِيعَة جَعَلَت كَبِير المَشَّائِين يَتَخلَّى عَنَّي عَلَى دُرْج أَحَد الْمَعابِد مَلْفُوفا في عِمَامَة قَذِرة
كَانَت هِي العِمَامَة الَّتي تَتَعرَّق فيها مِن الحُمَّى أَفْكَار رَئِيس المَشَّائين .
إلتَقَطني من الدُّرج ، بعدها ، مُنَجَّد السَّحَاب الذي يَدْعَمُ بُنْيانَه عُكَّاز صَفِيق
حَمَلَنِي هذا الأخير ، بَعْد أن أُصِبْت بِجَلْطَة دِماغِيَة، لإِسْكافِي أخْرَس لِيُرَمِّمَني
وَالْحَق أَقُول ، كَان الإِسْكافِي وَدُوداً ، لَكِن زَنْزانَتَه كانَت تَفُوح بِرائِحة الجُرْذَان
وفي رُكْن مِنها كَانت تَقْعي ، جَزْمَة دِكْتاَتُور مُعَطَّلة وَتُطالِب بِمُشْطَين جَدِيدَين ،
وشبَاشِب ـ لِجَدَّات عَجُوزَات كَسولات و َمُخَنَّثات وَثَرْثَارات ـ
ألِفَت إِمْضَاء قَيْلولَتِها بين الْقُدُور وغَلَّاي الشَّاي وذُرَاق الدَّجاج .
وعلى يَدِ الأخْرَس تَعَلَّمت إزْدِرَاء أحْذِية النِّسَاء ذَوَات الكُعُوب الإِبَرِية الَّتِي تَمْشِي وَكَأنَّها فِي أَعْرَاس الحَلَازِين


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحماد بوتالوحت

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى