علي نوير - تذكّرت ُ سعدي

أمس في "حمدان " كدت ُ أراهْ *
سعدي المهاجرَ ،
لا سواهْ
إذ عادَ ثانية ًالى بيتٍ قديمٍ في الجنوب
أكانَ ذلك في الحقيقةِ ؟
في الرؤى ؟
أم في الخيال ؟

بعد خمسين عاماً
تذكّرتهُ الآنَ : يخطو وئيداً ،
يرتقي سُلّمَ المسرحِ المدرسيِّ ،
الحضورُ خليط ٌمن الوافدين وأهلِ المدينةِ ،
أهيَ " المُبرّة ُ " أم قاعة ُالمهرجان ؟ **
المنصّة ُماثلة ٌ في البعيد
جاءتِ الكلمات
همساً
كما لو كان حلماً :
" أعتمَ البحرُ
منذ الظهيرةِ
كان يعتم شيئاً فشيئاً ... " ***
وشيئاً فشيئاً
أعتمَ ما حولَهُ
إذ تراءتْ لهُ في الخفاء
نخلة ٌ
كان يأوي إليها
حين تدركهُ رغبة ٌ في الغناء
وشيئاً
فشيئاً
خنقت ْ صَوتَهُ
نوبة ٌ من بكاء . ****

سعدي المُعلّقَ
في مدار الوهم والنسيان
لا تنسَ الرهانَ على البقاء
حلّقْ بعيداً
لا مكان هنا للبكاء
خذ زورقاً من ورق
وارمهِ الآنَ أبعدَ .. أبعد
ليطفو على نهر حلمك َ ،
واحرصْ على أن تكونَ الرياحُ جنوبيّة ً
كي تهبَّ على موطنكْ
وحين تعاكسكَ الريح
خذ بلداً ، في الخريطةِ ، لا يشتمكْ
واقترحْ
- بين خطّينِ للطولِ - إسمَ العراق .

سعدي الذي في الغياب
احترسْ
إن عدتَ يوماً
فلا النخلُ نخل ٌ ،
ولا الماءُ ماء ،
وهذا الحجرْ
ليس أكثرَ من لُغُمٍ
إستطابَ البقاءَ هنا
تحت ظلِّ الشجرْ .

سعدي الذي في الضمير
سنمضي معاً
الى حتفنا ذات يوم
وتبقى البلادُ التي غادرتكَ -
التي غادرتنا ،
وتبقى المُقاضاة ُ، حتماً ، على ما أضأت َ ،
وما لم تُضِئ ْ
كنهرٍ كبيرٍ يجوب البلاد
ليروي السهولَ متى يمتلِئ ْ .
البصرة
١٨/ ٨ / ٢٠٢١
* ( حمدان ) ناحية في قضاء أبي الخصيب من محافظة البصرة ، تقع الى الجنوب من مركز المحافظة بحوالي خمسة عشر كيلومتراً .
** هي (مبرّة البهجة) في البصرة حيث أقيمت على مسرحها المدرسيّ بعض جلسات مهرجان المربد الأوّل عام ١٩٧١
*** من قصيدة لشاعرنا الراحل سعدي ( حانة على البحر المتوسط ) والتي شارك بها في الجلسة الثانية للمهرجان مع قصيدة أخرى بعنوان ( نهايات الشمال الأفريقي ) .
**** يطيب لي هنا أن أذكر : أنّ شاعرنا سعدي قد غلبه البكاء أثناء قراءة إحدى قصيدتيه في ذلك المساء المربديّ المحتدم شِعراً وشجناً ، كنت بين الحاضرين وقتها ، وقد أعاد الشاعر الفلسطيني الراحل أحمد دحبور قراءة القصيدتين معاً في الجلسة التالية ( الثالثة ) .
ويُذكر أنّ زيارة الشاعر تلك لمدينته البصرة كانت الأولى بعد غياب سبع سنوات أمضاهنّ في الجزائر .




  • Like
التفاعلات: سعد الشديدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى