محمود عبدالعزيز قاسم - مُبَعثر

حملتني أمي ثلاثةً في غزة، ثلاثة أُخرى في لبنان وثلاثة حينما غادَرت إلى تونس حيثُ والدي الذي ألتحق بجيش التحرير الفلسطيني!
أبتْ أن تضع ذلك المُبعثر إلا في فلسطين حيثُ أنها لو وضعتني في أيٍ من تِلك البُلدان فلن أحصُلَ على أي وثيقة تُثبت جنسيتي سوى أنني سأُعرف ب " المُبعثر ".
درستُ خلال المرحلة الإبتدائية والإعدادية في مدارس وكالة الغوث الدّولية في حين أن المدارس الحكومية لم تعترف بي كوني " مُبعثر " عفواً كوني لاجئ!
الأستاذ بيقول لمدير المدرسة: هذا لاجئ إبعيدٍ عنّك!
المدارس الخاصة رفضتني كوني لا أملك ثمن الزي الذي يُمكنني دخولها فما بالك بالرسوم!
عِشتُ طفولتي بين زُقاق المُخيم وزِحام المدينة لا أستطيعُ عيش مُعاناة المُخيم كاملة ولا أستطيعُ عيش صخب المدينة بكُل تفاصيله، مُبعثرٌ بين هذا وذاك!
في الجامعة رفضتني الأولى كوني غير قادر على تكاليفها الخيالية، الثانية رفضتني نتيجة لوني السياسي الذي يتعارض مع اللون السياسي الذي يغطيها ويدعمها، أما الثالثة فقد رفضتُها أنا كون الطاقم الإداري مُبعثر في تعامله مع الطلبة!

أحببتُ تِلك اللاجئة كي نبني وطناً كوني لاجئ مثلها وحين علِم والدها المُتعجرف الذي لا يُريدُ لابنته حبيباً لاجِئاً كي لا تعيش البعثرة التي عشناها ك لاجئين فصلها عن العالم وباتت ك الحائط الذي أجبرها على أن تضل " صافنة " فيه مُنذ أن سجنها " المتعجرف" في غرفتها ك عقاب على حُبها لي، أما المواطِنة التي أحببتها قال لي والدها " المواطن" بنتي ما بتحب لاجئ، حتى في الحُب كنت مُبعثر!
في كتابتي أنهيتُ النصف الأول من روايتي وبدأت برواية جديدة وما بين الحُب والحرب، القضايا المجتمعية وقضايا أسرانا البواسل كُل طرف يشُد بقوة وتلك التي أحببتُها تشُدني بقوة قائلة : رح تخلي الوطن يسرقك مني؟
لم استطع إكمال روايتي الأولى ولم أستطع البدء بالثانية حتى بكتابتي كُنتُ مُبعثراً!
حصلتُ على جواز سفر السلطة الفلسطينية والذي كُلما حاولت التسجيل للسفر إلى بلدٍ ما أضطرني إلى إختيار " unknown " في خانة الجنسية ويا ليتني ولدتُ في ذلك المكان الذي لن يعترف بي إلا كَ " مُبعثر"فلا ضيرَ في أن يرفضني العالم أما أن يرفضني وطني ؟!

ال فل س طي ني ال مُ بَ عثر 🚶🏻‍♂️

محمود بِن عبدالعزيز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى