صفاء عبد المنعم - مقاطع صغيرة من يوم جميل..

إلى / سهى زكى



مشهد خارجى :
الشمس ساطعة بعنف أغسطس، ولكنها تحاول أن تكون فى حنان سبتمبر.
امرأتان تعبران الرصيف، كل منهما تتكئ على كتف الأخرى.
الميدان يقترب.
عند مقهى على ناصية باب اللوق تدخلان.
من الداخل المكان رطب، رغم رعونة الشمس.
الأرض قديمة وقذرة، رغم المحاولة المستميتة من عامل المقهى فى تنظيفها.
تضحك امرأة منهما، الأكبر سنا تقريبا، وتميل على كتف الأخرى.
- هو ليه الأرض قذرة وقديمة؟
تربت الأخرى على كتفها فى ود ومحبة.
- أصلهم ناويين يبيعوا المقهى زى حاجات كتير أتباعت.
مشهد داخلى:
المرأتان تجلسان على أخر منضدة فى المقهى، عند الناصية الجنوبية.
يأتى النادل الذى كان ينظف أرضية المقهى منذ دقائق.
تطلب الأولى ليمون بالنعناع.
وتطلب الثانية مثلها.
بعد ثلاثة دقائق.
يأتى النادل حاملا صينية قديمة، وفوقها كوبين من عصير الليمون.
تنظر المرأة الكبرى للصغرى وتتمعن فى كوب الليمون.
تهز لها الصغرى رأسها بمعنى أشربى ولا يهمك، الكوب نظيف.
ترشف الكبرى من كوب الليمون المثلج.
تخرج الثانية الموبايل وتتحدث فيه.
مشهد خارجى جديد :
ترقد السيارات وسط الميدان القديم مثل جمال باركة على الأرض.
تتذكر المرأة الكبرى أيام كان هذا الميدان الفسيح يعج بالناس، وكم ركبت من هنا الأتوبيس الكبير عندما كانت تأتى مع أمها وهى طفلة عند الطبيب المعالج فى باب اللوق.
(أرض الزلق سابقا، فى العصور القديمة، هنا كان يحط الفيضان رحالة لمدة طويلة)
وكانت وهى طفلة تحب أعلان التليفزيون، وترقص عليه رقصات جميلة متقطعة.
(حلوانى الشام عبد الهادى، الناس بتحبه وبتهادى)
فتطلب من أمها أن تأتى لها بطبق من البسبوسة السادة، بالسمن البلدى، وتظل تأكل منها طوال الطريق وعينيها معلقة على يفط الأعلانات، وتقرأ بعين طفلة فى الثامنة من عمرها، بتمعن ومحبة شديدة وهى تستمتع بطعم البسبوسة اللذيذ من حلوانى الشام.
مشهد داخلى تانى :
عند أخر رشفة من كوب الليمون، أنهت المرأة الصغرى المكالمة، وبدأت فى أرتشاف كوب الليمون المثلج.
ثم قالت : تصدقى أنا أبنة هذه الأماكن.
نظرت الكبرى نحوها بتعجب، لأنها من أشد عشاق وسط البلد، وتتمنى أمنية كبرى أن تمتلك شقة صغيرة هنا.
وضعت الكوب الفارغ على المنضدة وهى تحدثها : أنا عندى شريط فيديو قديم، ونفسى أرفعه على النت.
ضحكت الصغرى وهى ترشف أخر قطرة فى كوب الليمون : تعال معيا، وأنا هاوديك لحد عبقرى.
قامت المرأتان من على المقهى وأتجهتا نحو الميدان القريب.
كل منهما تتكئ على كتف الأخرى.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى