صفاء عبد المنعم - كانت كأمى!

كل مساء ، كنت اذهب إلى هناك ، أحمل كتبى تحت أبطى ، وأدخل إلى محراب العلم والهدوء .

كانت تفتح لى الباب وتضحك : أدخلى يابنت الكلب ، وأوعى تعملى صوت ، الأستاذ لسه نايم .

أدخل ، وأجلس إلى جوارها مثل قط أليف .

وهى تطبق الغسيل وتضحك : أتعلمى يابنت الكلب كويس ، أوعى تطلعى خايبة ، سيبك من الهم اللى فيه أنا وأمك .

أضحك بشفتين قرمزيتين صغيرتين ، وأمد يدى أطبق الغسيل معها . تجذب من يدى الملابس وتنهرنى : أفتحى الكتاب وذاكرى ، راجعى اللى خدتيه إمبارح ، سيبك من الغسيل ده ، خلى الهم لأصحابه .

كانت كلماتها تبهرنى رغم الشتائم المتواصلة والمصحوبة بنصائحها ، ومع ذلك كانت هى بوابتى المخلصة التى تفتح لى باب الحياة الحلوة ، وتضحك : تعالى يابنت الكلب ،الأستاذ نايم .

أضع كتبى فى أدب ، وأسير على أطراف أصابعى ، وأجلس إلى جوارها ، وهى تصنع كل شىء بهدوء وصمت .

أمد يدى كى أساعدها ، تنهرنى بعنف رقيق ، وأعشق كلماتها الجميلة والخبيثة ، والمدللة لى أحيانا عندما أحصل على درجة عالية .

ثم تصنع كوبا كبيرا من الشاى ، وتطلب منى أن أناولها قرص أسبرين من الأجزخانة المعلقة فى الصالة .

كانت معلقة عاليا ، وأنا قصيرة جدا ، أشب على أطراف أصابعى بهدوء ، واسمع صوتها ينادى : أوعى تقعى ، أو توقعى حاجة .

أعود بخفة وسعادة نادرة لأننى نجحت ، وأحضرت قرص الأسبرين ، دون خوف وبهدوء شديد .

وبعد أن تشرب الشاى ، وتأخذ قرص الأسبرين ، تصنع كوبا آخر من الشاى ، وتبدأ فى النداء على الأستاذ كى يصحو .


تكون الساعة السادسة تماما .

ثم تدير وجهها نحوى : صاحى ياضناى طول الليل يذاكر ، ياعين أمه لحد الفجر ، وراح الجامعة ، ورجع على ريق النوم من غير فطار ، وجه الساعة أربعة ، أتغدى ونام ، وأنت يابنت الكلب دايمن تيجى عشان تصحيه ، آه منك آه .

أدارى خجلى الطفولى ، وأصمت ، ثم أسير نحو المكتب ، وأنا أحتضن كتبى على صدرى ، وأسير على أطراف أصابعى .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى