أ. د. عادل الأسطة - مختارات من القصص الإسرائيلية

"مختارات من القصص الإسرائيلية" مجموعة قصصية نقلها إلى العربية القاص سلمان ناطور، وصدرت عن مدار في العام (2004). وليست هذه أول مختارات من الأدب العبري تترجم إلى لغتنا، كما أنها ليست أول قصص ينقلها المترجم نفسه. ثمة قصص ترجمها سلمان ونشرها تحت عنوان "لمن ترسم الحدود"(1996)، وثمة قصص أعدها وترجمها المرحوم محمد حمزة غنايم تحت عنوان "عادة للريح" (د.ت)، وهناك قصص ترجمها إبراهيم البحراوي في كتابه "الأدب الصهيوني بين حربين"(1977)، وأخرى ترجمها أحمد حماد في كتاب "صورة العربي في الأدب العبري" لـ(ايهود بن عازر) (2001). الجديد في هذه المختارات، كما يكتب سلمان في المقدمة، أنها لا تقدم الأسماء الأدبية التي لمعت خارج اللغة العبرية وتحولت إلى رموز مثل (س. يزهار) و (ع. عوز) و (أ. ب. يهوشع) و (د. غروسمان) و (سامي ميخائيل). إنها أسماء جديدة معروفة للقارئ العبري، ولكن نتاجها لم يترجم إلى العربية. وأكثر قصص هذه المختارات يبتعد عن موضوع الصراع العربي الإسرائيلي، وكان الهدف من وراء ترجمتها هو تقديم صورة بانورامية عن بواطن المجتمع الإسرائيلي وهواجسه وتفاصيله الصغيرة. وعلى الرغم من هذا، يقرأ المرء قصصا تبرز صورة للعربي فيها، وأبرزها ثلاثة هي "عرق أبو أنطوان" لـ(يهويدت هندل) و "غرشون رمضان يعود إلى جذوره" لـ(دافيد ميلاميد) و "ساحة مصطفى" لـ(بيني توراتي)، فما الصورة التي تبرز للعربي فيها؟ لا تأتي القصص الثلاث هذه على تصوير أجواء الحرب، لتبرز، من ثم، صورة تضخم فيها الأنا الإسرائيلية إيجابا، وتصغر فيها صورة الآخر العربي سلبا. وهو ما يلحظه المرء في أكثر نصوص الأدب العبري، كما تقول الدراسات التي أنجزت في هذا الموضوع، وأبرزها دراسة (ريزا دومب) و (ايهود بن عيزر) و (غانم مزعل) و (دان ياهف)، ولعل الأخير في كتابه "ما أروع هذه الحرب!!" أتى على أغلب الكتابات التي برزت فيها الصورتان: الأنا والآخر، وبدت فيها صورة الأنا مضخمة، وصورة الآخر دونية. ودراسة (ياهف) لم تعالج النصوص التي عرفها القارئ العربي والأوروبي، وإنما درست نصوصاً لم نسمع بها من قبل، أبرزت صورة سلبية للعرب وللبريطانيين على السواء. وهذه النصوص لم يقف أمامها مترجم ما، وحتى سلمان ناطور نفسه، ومعه المرحوم محمد حمزة غنايم، لم ينقلا إلى العربية، حسب ما أعرف، أيا منها. وهي نصوص تختلف اختلافا كليا عن روايات مثل "العاشق" و "والله يا أمي إني أكره الحرب" و "ازاء الغابات" و "ابتسامة الجدي" وقصص مثل "مسابقة في السباحة" و "الأسير" وخربة خزعة" و "الطريق إلى سايدر سيتي". وعلى الرغم من أن صورة الذات الإسرائيلية في هذه ليست مشابهة لتلك التي تبدو في القصص غير المترجمة، وكذلك صورة العربي، إلا أنها أقل قسوة وتضخيما، حسب ما يخرج به المرء، بعد قراءة كتاب (دان ياهف). لقد قرأت القصص الثلاث المذكورة ابتداء، الواردة في كتاب "مختارات من القصص الإسرائيلية" (2004)، ولم ألحظ فيها أي ذكر لحالة العداء بين العرب واليهود. في قصة "عرق أبو انطون" نقرأ عن العامل العربي الذي يرمم، كل عام، سطح بناية في حيفا تقيم فيها عائلة يهودية. كان ثمة ود بين الطرفين، وحين يغيب العامل تفتقده العائلة، ولا نعرف عن سبب الغياب شيئا. وفي قصة "غرشون رمضان" يرى (دافيد ميلاميد) ثمة تشابها كبيرا بين مأساة اليهودي البولندي والفلسطيني الرملاوي، كلاهما طرد من مكان نشأته، ويرغب، بعد سنوات، في أن يزور بيت آبائه، ولم يرحب به. لم يرحب البولنديون بغرشون اليهودي، ولم يرحب اليهود برمضان الرملاوي. الفلسطيني هنا يهودي، واليهودي هنا فلسطيني وفي قصة "ساحة مصطفى" يكتب (بيني توراتي) عن دعابات اليهود والعرب. عن مقلب يقوم به اليهود مع مصطفى بائع الفلافل، فيرد لهم الصاع صاعين. هل أنجزنا نحن العرب قصصا بعيدة عن أجواء الحرب؟ نعم. كتب نجاتي صدقي قصة عنوانها "العابث"، وكتب عبد الله عيشان قصة عنوانها "الغلطة"، ولم يذكرا فيهما شيئا عن الحرب، ومثلهما كتب إحسان عبد القدوس وآخرون. والسؤال الذي يثار: لماذا لم تترجم قصص تبرز فيها العنصرية والحقد مما يكتبه اليمين المتطرف الإسرائيلي. لقد أثار هذا السؤال، من قبل، أحد شعرائنا اليساريين.
[HEADING=1][/HEADING]

[HEADING=1][/HEADING]
2005-10-04
عادل الأسطة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى