أرجوكم مع هذه الغشاوات السوداء

أرجوكم
مع هذه الغشاوات السوداء
هذه الجروح الشاردة في نزفها
هذه المنعطفات التي وُلدت من انكماش الوقت
في حادث شتاء
جميعها
تخضع لمُدني الصغيرة
بعاداتها واعرافها
بمومسات ارصفتها ، بشحاذي معابدها
وبالعشاق المجروحين
من مواعد أصيبت بالشلل
ففي الداخل
في الداخل جداً
في البقع المنقطة بالعيون والاضرحة
موجود انا
بيدي ووجهي ، بوشم الموتى على الجبهة
بخدوش حوافر خيول دهستني في البوابة إليّ
موجود أنا
في مُدن داخلي
أطرق أبوابي ، لتفتح نساء جميلات أبوابهن ، ممسكات بأصابع أزواجهن
في بيوت لي
أتسول جرعة ماء
ثم أسمع الأبواب توصد بقوة ، والهمهمات تأتي من البعيد ، محملة بوخزات الإبر
تباً للمتسولين
في قصيدة لي ، داخل بستان زرعته أنا ، امراة امرأة
وجها وجها
ماء وربيعا
وقُبلا وسيمة
لا أجد أحرفا أتفوهها في موعدي و المساء
أسمع الغُرباء ، يقطفون الأزهار ، يلفظون قصائدي بطلاقة أمام الأزهار
فتحمر الكنبات ، والمواسم الخمسة
بينما أنا الشاعر
بقلبي المهترئ ، ووجهي المُصاب بالبلادة
ويدي
ممسكة بتفاحة متعفنة
أنظر إليها
أنظر إليكِ
لا أجد الكلمات حتى لأسألك
هل سقيت القصيدة اليوم ؟
في محطة داخلي
ومدينة داخلي ، وقطار صُنع من عظامي المطحونة ، تحت عجلات المواقف المخجلة لصغار الحبيبات
أقف طويلاً أمام نافذة العبور
يدقق شرطي في أحزاني ، أنا من أدفع مرتبه من دمي ، أنا من حجزت له شقته الحالية
في حي ، قُرب أحد الشرايين الداخلية للأيدي
يدقق في أوراقي ثم يقول
سيدي
أنت ممنوع من الدخول إليك
لقد صدر قرار نفيك منك ، منذ أول قصيدة كتبتها لآخرها
في جدار
جدار يفصلني عن وجهها
يفصلني عن مناطق احتلتها مني
قبل أن تغزوني بالكامل
خلف جدار
حيث توجد خيام للاجئين من قراي المحترقة ، بأرجل مبتورة ، بخدوش فقدان عالقة في الوجوه
بنساء يحملن أطفالهن بيد
وبالاخرى يحفرن قبور أزواجهن
بصبية عرايا ، يجربون لعبة من سيدفن الاخر
يحفرون القبور ، يدفنون بعضهم ، كما يفعل الكبار كل يوم
كما تفعل السيدات
بالذكريات المحطمة ، كما أفعل أنا بأعضائي المتساقطة
من ذلك الجدار
أحاول أن أقفز
اُضبط في الحدود ، وتتنقلني الأيدي ، وفوهات المسدسات
صحيح أنك تملك كل هذا الاتساع
ولكنك
لا تستحق أن تكون هنا
هكذا يخبرني الضابط المسؤول عن اعدام الموتى هناك
ويقفون جميعهم بمسداساتهم
هل سيطلقون النار عليّ
لا
أموت من البرد
الذي نفثته الغُربة القصرية
عن جسد كان لي
عن وجه كنت أملك مقود إدارته
عن روح
كانت تضج بالأطفال
وعن وطن
كنت فيه صديقاً مقربا للمشنقة

محمد عبدالعزيز / السودان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى