محمد عباس محمد عرابي - نقد الغزل العذريّ في العصر الأموي للباحث عبده الدباني

نقد الغزل العذريّ في العصر الأموي قديما وحديثا دراسة تقويمية
أطروحة تقدم بها الباحث عبده يحيى صالح ثابت الدباني إلى مجلس كلية الآداب في جامعة الموصل وهي جزء من متطلبات نيل شهادة دكتوراه فلسفة في اللغة العربية وآدابها بإشراف الأستاذ المساعد الدكتور/ مؤيد محمد صالح اليوزبكي شعبان 1424 هـ تشرين الأول 2003 م
وفيما يلي عرض لمكونات الدراسة ونتائجها كما ذكرها الباحث عبده يحيى صالح ثابت الدباني من خلال محورين:
*المحور الأول: لمكونات الدراسة:
تكونت الدراسة من: تمهيد وثلاثة فصول، وخاتمة.
التمهيد:
عالج التمهيد قضية المصطلح (الغزل) ومرادفاته ونعته بـ(العذريّ) ثم رسم الخطوط العامة للشعر العذريّ في العصر الاموي.
الفصل الأول:
وقفت الدراسة محللة ومقومة الملاحظات التي أُثرت عن القدماء بشأن الشعر العذريّ، وقبل هذا أفردت مدخلاً جرى فيه معالجة مسألتين مهمتين هما:
1. الغزل غرضاً شعرياً في نظر القدماء.
2. العذريّة في نظر القدماء.
وذلك من الناحية النظرية الصرف.
جمعت الدراسة ملاحظات النقاد القدماء الخاصة بالغزل العذريّ وتناولتها في ثلاثة مباحث وهي على النحو الآتي.
1. الآراء النقدية ذات الأساس الجمالي.
2. الآراء النقدية ذات الأساس الأخلاقي.
3. الآراء النقدية ذات الأساس العقلي.
الفصل الثاني:
دار حول المجهود النقدي في العصر الحديث في تفسير الظاهرة العذريّة
فنظراً لكثرة المادة النقدية الخاصة بالغزل العذريّ في النقد الحديث وتنوعها ، فقد عمدت الدراسة إلى تناولها في الفصلين الثاني والثالث مفرداً الفصل الثاني لتفسير الظاهرة وقضاياها الموضوعية والفصل الثالث لشعراء الظاهرة وقضاياها الفنية ، مقومة ومحللة في الفصل الثاني المجهود النقدي في العصر الحديث في تفسير الظاهرة العذريّة بمختلف جوانبها وواصفة القضايا الموضوعية لها كما وردت لدى النقاد ومقومة إياها .
الفصل الثالث :
جهود النقاد المحدثين في قضية تحديد شعراء الظاهرة العذريّة
وصفت الدراسة في الفصل الثالث جهود النقاد المحدثين في قضية تحديد شعراء الظاهرة العذريّة وحللها وقوّمها، ووصف جهودهم في الكشف عن الخصائص الفنية لهذه الظاهرة على مستوى اللغة والتصوير والموسيقى وهيكل القصيدة وحللها وقوّمها.
وأخيراً ذيلت الدراسة بعدد من النتائج، وبقائمة المصادر والمراجع.
*أبرز مراجع الدراسة:
فيما يخص النقد القديم كانت الملاحظات النقدية التي تخص الغزل العذريّ أكثر تركيزاً في الكتب الآتية:
1. طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي.
2. الشعر والشعراء لابن قتيبة.
3. الموشح للمرزباني.
4. كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني.
* دواوين الشعراء العذريّين.
كتب النقد الحديث:
1. في الشعر الإسلامي والأموي د. عبد القادر القط.
2. الغزل العذريّ، دراسة في الحبّ المقموع. د. يوسف اليوسف.
3. جميل بثينة، عباس محمود العقاد.
4. حديث الأربعاء، د. طه حسين.
5. سوسيولوجيا الغزل العربي، الغزل العذريّ نموذجاً د. الطاهر لبيب
6. تطور الغزل بين الجاهليّة والإسلام، د. شكري فيصل.
7. في الحب والحب العذريّ، د. صادق جلال العظم.
8. الحب العذريّ نشأته وتطوره د. أحمد عبد الستار الجواري.
9. جميل بثينة والحب العذريّ، د. خريستو نجم .
المحور الثاني: نتائج الدراسة:
توصلت الدراسة إلى عدة نتائج ذكرها الباحث على النحو التالي:
أن كل من مصطلح: الغزل، والنسيب، والتشبيب جاء بمعنى واحد عند العلماء والنقاد قديماً بصرف النظر عن الاستثناء على مستوى التنظير لا على مستوى الاستخدام
*بينت الدراسة أن مصطلح (الغزل) قد طغى على ما يرادفه في العصر الحديث وصار هو الأكثر شيوعاً في الاستخدام.
* بدا مصطلح (الغزل العذريّ) خاصاً بعذرة القبيلة، ثم توسع في دلالته إلى غزل البادية العفيف في العصر الأمويّ، ثم صار يدل على أي غزل عفيف متميز بحرارة الوجدان في أي مكان، وما يزال اليوم يحمل هذه الدلالات الثلاث كلها.
*رسمت الدراسة الخطوط العامة لظاهرة الغزل العذريّ في العصر الأمويّ من خلال إجمال الحديث عن قضاياها الموضوعية والفنية، وعن تفسيرها وتحديدها مستوحين كل ذلك من خلال الغزل العذريّ نفسه ومن خلال ما دار حوله من نقد.
* تنظير القدماء للغزل بوصفه غرضاً شعرياً رئيساً من أغراض الشعر ، وقد بين الباحث ما رسموا له من حدود وخصائص ، و رأى أنها مثالية ، لا تثبت أمام تجربتي العشق والشعر المتغيرتين
* استطاعت الدراسة أن تتلمس من خلال ملاحظات القدماء عن العشق والغزل أنهم قد ميزوا العشق العذريّ وغزله عما سواهما من ألوان العشق والغزل بيد أن هذا التمييز لم يكن واضحاً مباشراً بل وصل الباحث إليه من خلال تأويل ملاحظاتهم.
• عالجت الدراسة آراء القدماء في شعر الظاهرة العذريّة مقسمة هذه الآراء وفقاً لمنطلقاتها إلى:
1 . آراء ذات أساس جمالي .
2 . آراء ذات أساس أخلاقي .
3 . آراء ذات أساس عقلي .
فمن خلال محاورة الآراء ذات الأساس الجمالي تبين ما يأتي:
* تجسدت هذه الآراء من خلال: أحكام جمالية عامة، وملاحظات تناولت المعاني الشعرية من زاوية فنية، وملاحظات تناولت قضايا اللغة الشعرية والبلاغة وغير ذلك.
* كانت هذه الأحكام والآراء ذوقية جزئية، وقد تميز بعضها بالحصافة والدراية، وتبين لنا أيضا أنه يمكن سحب بعض الملاحظات الجزئية على الشعر العذريّ برمته ومع هذا تصدق هذه الملاحظات مع الكل كما صدقت مع الجزء.
*أن من أبرز الخصائص الموضوعية و الفنية للشعر العذريّ: ديمومة الحب، والرضاء بالقليل، وشدة العاطفة العذريّة، و الاستغراق في العشق، واستهابة المحبوب، وقدم المحبة ورسوخها، واللغة السهلة المنسابة، والتكرار، وعدم إحكام الصنعة الشعرية ولقد وضع النقاد أيديهم على جدة الشعر العذريّ وتفرده .
- عدم فهم البعض الظاهرة العذريّة حق فهمها، إذ مضوا يوجهون النقد الجزئي لبعض الأبيات خارج سياقها، مع أنها في تقدير الباحث تنسجم انسجاماً كبيراً مع التجربة الجديدة للشاعر العذريّ .
* رأى النقاد القدامى أن هناك ظواهر أسلوبية تقع في صلب الظاهرة، مثل التضمين ، وعدم إحكام الصنعة الشعرية و حوشية بعض الألفاظ والمبالغة وغير ذلك .
*أما الآراء ذات الأساس الأخلاقي ، فقد توصلت الدراسة بصددها إلى ما يأتي :
- كانت هذه الملاحظات جزئية ، جعلت من الأخلاق الدينية والاجتماعية منطلقاً لها .
- عمدت الدراسة إلى تقويم هذه الملاحظات في مكانها، مبينة ما فيها من تزمت ديني أخلاقي لا يتلاءم مع طبيعة الشعر والعشق .
*كانت الملاحظات النقدية ذات الأساس الأخلاقي الديني قليلة جداً نظراً لعفة عشق العذريّين وغزلهم .
* أن معظم الآراء ذات الأساس الأخلاقي الاجتماعي أو القبلي قد طالبت العاشق الشاعر بالمثالية في العشق والغزل، إذ انتقدت تبرمه من العشق، والدعاء على المحبوب، وطلب السلو وغير ذلك، وأشادت بالشعر الذي فيه تهالك وتذلل للمحبوب، وغير ذلك من السمات الإيجابية، انطلاقاً من مفهوم العشق وآدبه لدى العرب القدماء، ومن مفهوم الغزل المثالي عندهم أيضاً .
* ركزت بعض الملاحظات على الصورة المثالية للغزل حتى وإن لم تكن هناك تجارب واقعية وراءه، بمعنى أنها لم تفرق بين شاعر عاشق، وشاعر يحترف الغزل.
*أما الآراء ذات الأساس العقلي فقد بينت الدراسة أنها كانت تريد من الشعر أن يلتزم حدود العقل والمنطق، فقد استحسن الباحث ما وافق ذلك، واستهجن ما خرج عنه ، وقد قومت الدراسة هذه الملاحظات في مكانها .
*تناولت الدراسة تفسير الظاهرة وقضاياها الموضوعية في النقد الحديث وتوصلت من خلال ذلك إلى ما يأتي:
*تركز تفسير النقد الحديث للظاهرة العذريّة في ثلاثة اتجاهات لا تخلو من تداخل وهي :
أ.التفسير الديني .
ب.التفسير الاجتماعي .
ج.التفسير الحضاري .
وقد أضافت الدراسة تفسيراً رابعاً (التفسير الأدبي) عمدت فيه إلى محاورة النقاد في ما ذهبوا إليه بخصوص تفسير الظاهرة وصنفت طروحاتهم ووصفها وقومها في مكانها .
*وجدت الدراسة أن التفسير الديني ارتبط بالإسلام ديناً، والتفسير الاجتماعي ارتبط بحياة البادية الاجتماعية، والتفسير الحضاري ارتبط بالتاريخ والسياسة في عهد الظاهرة، والتفسير الأدبي بالحياة الأدبية في عصر الظاهرة ومكانها.
*وفي جانب القضايا الموضوعية للظاهرة، استطاعت الدراسة أن تستنبط أهم القضايا التي رصدها النقاد وحللوها، والتي كانت كثيرة الدوران في أعمالهم النقدية، كما دارت في الشعر العذريّ نفسه، واستطاع أن يقوم ما ذهبوا إليه من وصف وتحليل وتعليل لهذه القضايا .
ولم يكن ثمة إجماع على وجود هذه القضايا في الشعر العذريّ وعلى صدقها وتعليلها ومظاهرها، بل تباينت الطروحات واختلفت، وقد بين الباحث موقفه من كل ذلك.
*تناولت الدراسة الموازنات التي أجراها بعض النقاد المحدثين بين الغزل العذريّ وسواه مركزا الاهتمام على الغزل في العصر الجاهلي والغزل الحضري في مدن الحجاز في العصر الأمويّ، نظراً لكثرة الموازنات وتنوعها بين الغزل العذريّ وبين لوني الغزل المذكورين .
• عالجت الدراسة محورين من محاور الظاهرة العذريّة في النقد الحديث هما:
1. تحديد الظاهرة من حيث شعرائها.
2. قضايا الظاهرة الفنية.
وصلت الدراسة في الجانب الأول إلى تحديد هوية الشعراء العذريّين من خلال الشعر نفسه، محاوراً النقاد فيما ذهبوا إليه بخصوص تحديد الشعراء العذريّين ، فهناك من أدخل في الظاهرة من لم يكن شعره عذرياً بالمعنى الذي حدده الباحث انطلاقا من أسباب جغرافية وتاريخية أدبية ، مثل الشعراء من فقهاء مكة والمدينة وغيرهم ، لقد برأت الدراسة الظاهرة ممن لا يمت إليها بصلة ، رافضة التشابه الشكلي بين الظاهرة وما أدخل فيها . ومثلما أخرجت الدراسة من الظاهرة من ليس منها، بعد أن ادخله فيها بعض النقاد ، فقد أعاد إليها من هو منها في الصميم كالشاعر كثير عزة بعد أن أخرجه بعض النقاد من دائرة العذريّة .
أما في الجانب الثاني فقد جرى تناول جهود النقاد والدارسين في العصر الحديث في دراسة الشعر العذريّ من الناحية الفنية، لقد جمعت الدراسة طروحاتهم وصنفها ووصفها وقومها.
أما أهم ما وصل إليه النقاد وقومته الدراسة في هذا الميدان فهو ما يأتي:
1. ضعف التصوير البياني في الشعر العذريّ.
2. كانت اللغة في الشعر العذريّ سهلة تلقائية.
3. قدرة اللغة الخارقة على تحويل العشق إلى شعر.
4. انسجام الموسيقى مع المعاني الشعرية و العواطف.
5. شيوع البحر الطويل في الشعر العذريّ من بين سائر البحور الشعرية .
6. التخلص إلى حد بعيد من المقدمات التقليدية .
7. تمتع قصائد الشعر العذريّ ومقطوعاته بالوحدة الموضوعية .
8. وحدة الموضوع وتشابه التجربة في الشعر العذريّ بوجه عام .
*وقد كشفت الدراسة عن ظواهر أخرى كما أن هناك نتائج عامة وصلت إليها الدراسة تمثلت في:
*اختلفت طريقة القدماء عن طريقة المحدثين في مقاربة الظاهرة، حيث كان للمحدثين مناهجهم النقدية الشاملة لتناول الظاهرة ، بينما لم يكن للقدماء مناهج نقدية محددة في تناولها كما أن المحدثين تناولوا الغزل العذريّ بوصفه ظاهرة شعرية متكاملة ، أما القدماء فقد اكتفوا بالملاحظات والآراء الجزئية والعامة وبالترجمة للشعراء العذريّين من ضمن الشعراء الآخرين في عصرهم ولم يقفوا أمام الشعر العذريّ كظاهرة متكاملة فريدة
*جرى الاهتمام بالحب العذريّ قديماً وحديثاً على حساب الغزل العذريّ بوصفه نتاجاً أدبياً أولاً وأخيراً، أي جرى الاهتمام بالظاهرة العذريّة بوصفها ظاهرة اجتماعية ونفسية وتاريخية وجرى إهمال مسألة كونها ظاهرة أدبية إلا فيما ندر .
*اهتمام النقاد والدارسين المحدثين بالظاهرة العذريّة وإجماعهم على عربيتها.
*توصلت الدراسة أنه لا يمكن لأي منهج نقدي محدد أن ينهض بدراسة الظاهرة العذريّة من كل جوانبها ويكشف عن أسرارها من غير الإفادة من المناهج كلها أو من عدد كبير منها.
*تعكس معظم الدراسات العربية التي تأثرت بالدراسة الأجنبية لتراث الحب انبهاراً بالتنظير الأجنبي وفي الوقت ذاته تعكس قطيعة مع التراث النقدي العربي والسياق التاريخي للشعر ذاته وتعكس تهافت هؤلاء الدارسين على تحليل ظاهرة فنية معينة مهملين جذورها وامتدادها كأن هذه الظاهرة غريبة أو حدثت فجأة.
*استطاعت الدراسة أن تحدد تحديداً تقريبياً بيئة الغزل العذريّ مكانياً ألا وهي بادية الحجاز وما جاورها من بادية نجد بمعنى أن نجداً ليست كلها داخلة في هذه البيئة ، فقد اشتهرت فيها أغراض أخرى كالرجز ووصف الصحراء وغيرهما ، وهذا ما لم يشر إليه النقاد إذ عدوا بوادي الحجاز ونجد كلها بيئة مكانية للغزل العذريّ .
كانت هذه هي جل النتائج التي ذكرها الباحث .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى