محمد سعيد حسين - الغريبان

أخطأتَ في البدء.. أخطأتَ في الخاتمة..
الأخطاءُ أجملُ تجلّياتك،
وأنت بكاملِ أبّهة عرائِك،
متوسّلاً لحظة تحقّقٍ، تأتيكَ على هيئة نسمةٍ،
لتصبحَ عاصفةً!.
الخطّاؤون.. أناسٌ أسوياء، في ذروة الغياب!.
يضغطون على الزّناد،
لتنفرشَ النارُ على هشيم أحلامهم،
تحرقُ توقَهم الحرون!.
في البدء أخطأتَ،
ولا تزالُ المرآة تخدعُ أحلامك،
تؤلّبك عليكَ حتّى لا يبقى لك وجهٌ ولا ظلّ
تتلاشى كنيزكٍ ظنّ نفسه شمساً،
فهوى في قاع ذاته،
وأنت تطعنُ في أصل الرّواية، وتطعنُ الرّاوي.. والجمهورَ..
تمعنُ في اجتراح البدائلَ، توغلُ في غيّك،
لتنال منكَ الفكرةُ، وتغتالُكَ اللحظة!
تنفلتُ روحُكَ من إسارك
تدوخُ في تطوافها...ولن تعود!.
لن تروي ظمأ توقكَ لنُعميات الخطايا.. هي هنا في سرير نومِك،
تفردُ وشاحَ إغوائها على مخدّتك، وتشلعُ قلبكَ من يقينه الشّتويّ المرّ،
حيث لا أنثى تهدهدُ أحلامك
لا جسدَ يدفّئ خوفك
لا بلاداً تؤجّلُ حروبها، لتهبكَ مزيداً من التّيه،
لا حبّاً يُشاغلُ موتكَ حتّى تعدّ الضّحايا على أصابع الزّمن
لا قصيدةً تهشّ بها على ما عصي من دمعك.
وهذه الرّوح...!
من أين لها كلّ هذا الأنين؟!
من أيّ بلادٍ استدعتهُ،
وفي أيّ بلادٍ ستنفقه؟!!
***
عارٍ أنتَ يا صاحبي
عارٍ إلّا منك
منهزمٌ في أبجديّات صبرِك
مُنتَهَكٌ بصمتِك، مفجوعٌ بك، وكأنّ عشقاً لم يكُن، وخطايا؛ لم تُثبت لك أنّك الجوهرُ في الفكرةِ،
السّكينةُ في العذابِ..
الهدهدةُ في الألمِ..
***
جريءٌ أنت يا صاحبي..
أجرأُ من أيّامٍ تتعاقبُ دون غاية
أجرأ من فصولٍ تتداخلُ حتّى لم تعدْ تميّزُ في أيّ وقتٍ عليها أن تعودَ،
ولا في أيّةِ سنةٍ سُجّلَ تاريخُ ميلادها!.
أجرأ من ريحٍ تظنُّ نفسها قادرة على اقتلاع
كلّ هزائمك المغرِقةِ في اليقين
عصيٌّ أنت يا صاحبي، وحزنُك مثلُكَ، عصيّ
عصيّ على يأسٍ تمكّنَ منك حتّى اصطفاكَ..
عصيٌّ على الموت المشتهى؛ وأنت تشربُ نخبَه بدمٍ باردٍ..
غريبٌ أنتَ يا صاحبي
تمدّ يديك المغلولتين لتقطف نجوماً
ترفو بها ما تمزّق من شرايينِ روحك،
لتصدمك خيبةُ أنّها لا تني تهزأ منك
غريبٌ أنت كابتسامةِ ثكلى.. غريبٌ أنت مثلك
أليفةٌ حدّ الموت أحزانُك..!
بماذا تفكّر الآن أيها الغريب؟!
ماذا لديك لتطهّر المفردات من معانيها المغتصبة؟!
ماذا لديك لترتكب حياةً عاطلةً
عن الحزن؟!
ماذا لديك لتؤلّب كلّ هذا الفراغ، يدرزُ المسافةَ بينَك وبينك؟!
ماذا لديك، لتحمِل خطاياك المشتهاة..
وترميها في أوّل سلّة ندم؟!!
...
.....
.......
غريبان نحن يا صاحبي
أنت في ديار غربةٍ،
وأنا..
في غربة ديار..!

م. س. حسين
25/3/2021

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى