د. معاذ الروبي - علم النفس البيولوجي

استنادًا إلى فرضية أن العوامل الجسدية، مثل الجينات، يمكنها تحديد السلوك، يمكن لهذا النهج أن يشرح كيف يُظهر التوائم الذين نشأوا في عائلات مختلفة وبشكل منفصل سلوكًا موازيًا ومتشابهاً. يفترض علم النفس البيولوجي أن أفكار الناس ومشاعرهم وسلوكهم كلها مستمدة من بيولوجيتهم، والتي تشمل الجينات وكذلك النبضات الكيميائية والكهربائية المسؤولة عن الكثير من العمليات العصبية في الدماغ. يشير هذا الافتراض إلى أن التركيبة البيولوجية التي تم وضعها في الرحم (البنية الفسيولوجية للناس والحمض النووي) يحدد شخصيتهم وسلوكهم خلال حياتهم. بعض هذه الأفكار مبنية على نتائج اختبارات على التوائم التي أظهرت أن هناك توائم انفصلوا عن بعضهم منذ الولادة ونشأوا في أسر مختلفة ولكنهم مع ذلك ما زالوا يعرضون ويظهرون سلوكًا متشابهًا بشكل ملحوظ في حياتهم عندما أصبحوا البالغين. يجادل علماء النفس البيولوجي بأن هذه الظاهرة لا يمكن تفسيرها إلا إذا كان هناك تأثير جينات قوي عليهم لدرجة أنه حتى دور والديهم أو أصدقائهم أو تجاربهم الحياتية أو بيئتهم ليس له تأثير مشابه أو بنفس الحجم كما للتأثير البيولوجي عليهم. من الأمثلة الأخرى على علم النفس البيولوجي وعمله هو البحث في كيفية تصرف المراهقين. حيث كشفت عمليات المسح التي أجريت على أدمغة المراهقين باستخدام تقنيات تصوير متقدمة أن أدمغة المراهقين تعالج المعلومات بطريقة مختلفة عن أدمغة البالغين. تساعد هذه الاختلافات في تقديم تفسير بيولوجي لسبب اندفاع المراهقين في سلوكهم وتصرفاتهم، وأيضا كيف يفتقرون إلى الحكم الرشيد، وإمكانية أن يصبحوا قلقين للغاية في بعض المواقف الاجتماعية.

تؤكد العديد من المفاهيم في علم النفس البيولوجي على أن دور الطبيعة البيولوجية أكثر من دور التنشئة وتأثير البيئة المحيطة. نتيجة لذلك، يعتبر النقاد أن هذا النهج مفرط في تبسيط وتفسير السلوك البشري، ويعطي وزنًا لا داعي له وأكثر من اللازم للتأثير البيولوجي والسمات الجسدية الفسيولوجية الداخلية. بينما يقلل من تأثير البيئة الخارجية والأحداث أو الأشخاص على الأفراد أثناء نموهم. من ناحية أخرى، تدافع بعض الأوساط العلمية بقوة عن علم النفس البيولوجي، وهذه الأوساط تستخدم نهجاً صارماً في البحث العلي وتولي أهمية كبرى للاختبار المنهجي والتحقق من صحة الأطروحات والفرضيات. لقد تمكّن علماء النفس البيولوجي من تحقيق تطورات طبية مهمة (باستخدام أبحاث جراحة الأعصاب وتصوير الدماغ) حيث قدموا مساهمات إيجابية في علاج المرضى الذين يعانون من مشاكل جسدية وعقلية، بما في ذلك مرض باركنسون، والفصام، والاكتئاب، وتعاطي المخدرات والإدمان.

علم النفس التطوري/
يستكشف علماء النفس في هذا المجال سبب اختلاف تطور سلوك الناس وشخصيتهم. إنهم يستكشفون ويبحثون في كيفية تكييف الأفراد للغتهم وذاكرتهم ووعيهم والأنظمة البيولوجية المعقدة الأخرى لديهم للتعامل بشكل أفضل مع البيئة التي يجدون أنفسهم فيها. وتشمل الأفكار الرئيسية لهذا العلم ما يلي:
-الاختيار الطبيعي: ترجع أصوله إلى فرضية تشارلز داروين القائلة بأن الأنواع تتكيف بمرور الوقت أو تطور آليات تسهل بقاءها.
-التكيفات النفسية: يبحث هذا في الآليات التي يستخدمها الأشخاص لاكتساب اللغة، ولتمييز الأقارب من غير الأقارب، وللكشف عن الغش، واختيار الشريك بناءً على معايير جنسية معينة أو درجة ونوع الذكاء.
-الفروقات الفردية: يسعى هذا إلى شرح الاختلافات بين الأشخاص، على سبيل المثال، لماذا يكون بعض الأشخاص أكثر نجاحًا ماديًا واقتصاديا من الآخرين.
-معالجة المعلومات: تشير وجهة النظر التطورية هذه إلى أن وظيفة الدماغ وسلوكه يتم تشكيلهما من خلال المعلومات المأخوذة من البيئة الخارجية، وكذلك نتاج الضغوط أو المواقف التي تحدث بشكل متكرر.

يهتم علماء النفس البيولوجي بكيفية تشكيل الجسم وعملياته البيولوجية الداخلية للسلوك. يركز البعض على المفهوم الواسع والعام المتعلق بكيفية تفسير علم وظائف الأعضاء للسلوك، بينما يركز البعض الآخر على مجالات محددة مثل تطبيقات طبية نظرية أو تجريبية معينة لتحديد ما إذا كانت بعض الجينات للفرد يمكن أن تنبئ عن سلوك معين له.

هناك مدارس وطرق مختلفة في هذا المضمار مثل:
-النهج النفسي الفسيولوجي: يعتمد على افتراض أن البيولوجيا تشكل السلوك. ويسعى إلى اكتشاف مصدر أنواع معينة من السلوك في الدماغ، وكيف تعمل الهرمونات والجهاز العصبي، ولماذا يمكن للتغييرات في هذه الأنظمة أن تغير السلوك.
-النهج النفسي الطبي: يشرح هذا الفرع ويعالج الاضطرابات النفسية على أساس أنها أمراض عضوية جسدية. حيث يُنظر إلى الاضطرابات على أساس بيولوجي ناتج مثلاً عن اختلال التوازن الكيميائي في الجسم أو تلف أجزاء من الدماغ، وليس له علاقة بأسباب مرتبطة بالعوامل الخارجية والبيئية.
-النهج النفسي الوراثي: يحاول هذا المجال شرح السلوك من حيث الأنماط الجينية الموضوعة في الحمض النووي لكل شخص. تم استخدام دراسات التوائم (خاصة التوائم المنفصلين عند الولادة والذين نشأوا في منازل مختلفة) لإظهار أن بعض الصفات مثل معدل الذكاء تكون موروثة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى