أحمد عز العرب - المدينة المزيفة

سرقسطة / برجس / خنس / اتون / سرجون / عرجون ، هذه هى متعتى بعد الجنس الانصات بحب للاجراس الموسيقية لحروف الكلمات القديمة ، اتهجى سرقسطة (مدينة اسبانية ) او ادندن بتوجس فى حلم يقظة : برجس – برجس ( كوكب المشترى ) او اهمس كالمعزم على النار: خنس (النجوم الافلة) ، او اتهدج : آتون (من ارباب مصر القديمة) او اتقمص فى حلم يقظة صائحا بصوت اوبرالى مهيب كحاجب ديوان الملك الاكدى : سرجون (اسم ملك اشور) او ارنم فى درجة ال (دو) الغليظة : عرجون (جريد النخل و القديم منه منازل القمر)، و غيرها الكثير من الالفاظ و العبارات ،لا يهم منقوشة ام منطوقة فما بين الكتابة و الحناجر تتردد موجات اصدائها ، متشابكة الحروف راحلة الينا عبر الدهور لم ينفرط عقدها ، كنت انبش خلف جذورها ، كيف شيدت اللغة نفسها علينا كبيتاً بلا ابواب ؟ ، أحاديثنا ليست الا وقوداً لصبرها الابدى الذى به حملت هذه الافكار و لم تلقها عنها رغم كر الزمن ، مقامات الاجراس التى تحدثها موسيقاها داخلى كأنها الحان لارواح هائمة عبر الاف السنين تشدو فى تجاويف اعمدة الهواء المنغمة ، لرنين نبرها قدرته العجيبة على تفجير كيمياء اللذة فى غرف الدماغ . كيف تهدهد الافكار المسحورة فى الحروف العاشقين ، بنشوات الحياة ، بأن اهتدوا بهارمونية النظم الموسيقية المحكمة ، منذرة فى الوقت نفسه بأن الخروج على سلطانها تية فى الفوضى العارمة . اذن فلتكن ثورتى الخاصة اما الخروج بالارواح المحبوسة فى قمقم الحروف، حرة ،للحياة او حبس الحياة فى حرف فأنا فيلولوجى كنيتشة .
كنا اصلا ً شلة من سبعة اصدقاء حملنا الزمن معا على ظهره و سار بنا سنوات ملقيا كل منا فى طريق ، لم يبق الا صابر عبد المتعال و مينا وجدى و انا باسم الشرقاوى . اسست لنا فى المدرسة الثانوى جماعة (لسة بشر) لنوثق علاقتنا و نبنى وعينا بالعلم و الفكر ، أمليت على احسنا خطا البيان التاسيسى للجماعة و سميناه المنافيستو جاء فيه و على قدر ادراكى وقتها ان هذه هى اول اسرة غير بيولوجية تؤسس فى التاريخ لا تقوم على رابطة الدم او حتمية الوراثة بل بالاختيار الحر و المودة الصادقة من اهدافها تقوية الارادة و الدعم النفسى و المذاكرة المنظمة و القراءة الحرة و اسمى غايتها الوصول الى معرفة الحقيقة ، مرت الجماعة خلال عمرها باطوار مختلفة خرج منها اثنين بسبب الخلاف حول جمال عبد الناصر و تركها اثنين للسفر للعمل فى السعودية ، يصادف الثلاثاء القادم عيد ميلاد الجماعة الرابع عشر، عمر الجماعة هو عمر تطور وعينا و نمو ذواتنا و كان لابد من الاحتفال بهذه الذكرى الهامة . اتفقنا الا يخرج الاحتفال عن اسرتنا الثلاثية فى مكتب المحاماة الخاص بصابر بالقرب من سكنه الجديد شرق القاهرة او مدينة يأجوج و مأجوج كما كان يطلق عليها لنقض السهرة بعيدنا عن بيوتنا وعلى راحتنا .
وزعنا على ثلاثتنا تكاليف الاحتفال انا و مينا المشروبات و صابر مأكولات العشاء و الجاتوه اشترينا المطلوب من مخزن الخمور اول شارع مصر و السودان بحدائق القبة قرب منزل مينا و انطلقنا الى صابر محشورين فى أتوبيس صغير . وصلنا بعد حوالى ساعة و نزلنا عند اقرب نقطة لبيته من الاسفلت و علينا المشى بين البلوكات ما يقارب ثلاثمائة متر . كانت هذه المدينة الجديدة بالنسبة لصابر كل دنياه وجد نفسه بين سكانها راقه نمط معيشتهم و جراتهم فى رفض المجتمع و تمردهم على قيمه و تقديسهم للقوة لا الاخلاق ،فستأجر شقة و فتحها مكتب محاماة و لم يعد يغادر المدينة الا نادرا و لا لغير حضور جلسة مهمة فى قضية كما انه احب فتاه من سكانها و تزوجها و انجب ولد و بنت .
كان كل شىء فى هذه المدينة مزيف الا سكانها ، نشطون جدا كأنهم مصابون بحمى الحياة نقل اغلبهم من عزب الصفيح و من على شطوط الترع، نقلوا كأمراض من القاهرة الى حافة الصحراء ، أنظر حولى مستكشفا فلا يبدو لى اى شىء حقيقى ، طبقة اسفلت الشوارع كأنها قشرة عيرة ملزوقة على سطح الرمال يمكن فى اى لحظة لمها كحصيرة من القطران الاسود ، البلوكات التى يسكنها الناس ليست اكثر من سواتر تحفظ لهم القليل الباقى من كرامة ضائعة ، ليست الا مكعبات لقضاء الحاجة او ممارسة الجنس خلفها بعيدا عن الانظار يخيل الى الناظر اليها كأنها علب من الكارتون المتسخ مرصوصة فوق بعضها ، خائخة لا اساسات لها تحت الارض ، الجامع الموجود اول المدينة كبير و مئذنته الطويلة مضاءة بالنيون الاخضر ترى من بعيد و عندما تقترب كأنك امام كرفان على عجل يمكن جره من مكانه و ليس بيتا ثابتا اذن الله له ان يرفع و يذكر فيه اسمه بالليل و النهار ، حتى الكلاب الضالة هاجعة و نظراتها شاردة ، كل هذا العمران الوهمى يجثو كالمنتظر هبوب عاصفة قوية تكنس كل ما فوق الرمال حتى اطلالها لن تبقى ليبكى عليها يوما ما و ستتلاشى فى الهواء و كأنه لم تكن هنا حياة و لو للحظة واحدة.
كان صابر جالسا فى بلكونة الدور الثالث وعندما رأنا اشار لنا بيده مرحبا ، صعدنا الية فى نشاط استقبلنا بجسده الرياضى و هيكله العملاق اللائق ببطل جمهورية سابق فى لعبة الكونغوفو و دخلنا الشقة و اغلقنا الباب ، انعشتنا رائحة الفراخ بالبصل المشوية على الفحم التى كان يجيد صابر تتبيلها و تسويتها . كانت الشقة فقيرة فى محتوايتها ، فتح صابر باب حجرة مغلقة و دخلنا خلفه كانت الحجرة اشبة بصالة العاب رياضية صغيرة الارض مفروشة كلها بقطعة موكيت واحدة خضراء اللون تناثر فوقها الادوات الرياضية كالمنشاكو و طارات الحديد مجلدة بالمطاط الاسود من مختلف الاوزان التى تستخدم فى رفع الاثقال و بنش من الحديد مكسو بالجلد الاحمر , ثبت بين الحائطين المتقابلين كمرتين من الحديد كقضيبى السكك الحديد تدلى منهما حبال متنوعة معقودة بطريقة تسهل تسلقها كانت الحجرة حقيقية بالفعل غير مزيفة كالمدينة ، كان صابر رغم اعتزاله الرياضة رسميا الا ان ثابر على الحفاظ على قوة جسده و لياقته البدينة و التى كان يخبرنا انها ضرورة جدا لمحامى فى منطقة الطيبون فيها معروفون بالاسم و اغلب سكانها من المعدمين او الخارجين على القانون ، و لم نكن نستوعب اهمية الرياضات القتالية لمحامى لكن عموما كان جسده و رشاقته محل اعجاب وحسد ربما ، لم صابر الاثقال و الادوات و حملها بسهولة و ركنها بهدوء و حذر بجوار الحائط اسفل الشباك المطل على الشارع حتى لا ترتطم بالارض فتزعج و تهدد علاقته الامنة بجاره الاسفل منه و التى تساوى الكثير فى منطقة كهذه .
أحضر صابر منضدة قصيرة الارجل أقرب الى الطبلية لكنها مربعة و وضع عليها الطعام و المشروبات جلسنا حولها ، أشرت لمينا بأن يقرأ البيان و كان رغم صغر حجم جسده صاحب صوت قوى و فخم و يجيد تشكيل الحروف اذا نطق بها فأخرج ورقة البيان التأسيسى المكتوب بخط اليد و المغلف بالبلاستك صيانة له من التلف مع مرور الوقت و بدأ مينا القراة ، حتى وصل لفقرة تقول نتعهد نحن الموقعون ادناه ب .......... و تهدج صوته و انخنقت الحروف فى حلقه و أغرقت عيناه بالدموع فتحركت داخلنا الذكريات و تاثرنا جميعا .
قلت محاولا التخفيف من حدة الجيشان العاطفى لذى اجتاحنا : من أسعدنا حظاً يا ترى ؟
فقام صابر برشاقة تليق ببطل رياضى و أتخذ موقف الخطيب ،
شكراً اصدقائى القدامى الاربعة الذين غادرونا، شكرا للصدفة السعيدة التى القتكم فى طريقى و القتنى فى طريقكم شكرا مينا شكرا باسم ، شكرا لامدادى بقوة المعرفة او بمعنى ادق شكرا لامداد جسدى و عقلى بالمعرفة شكرا لانارة طريقى بطرق التفكير الخاصة و المعقدة التى ما كنت لاعرفها لو عشت الف عام ، طرق التفكير الذكية التى يتم التعتيم عليها حتى لا تصل الى الاذكياء محبى الحياة و التى تعلمتها على ايدكم المباركة و التى بفضلها تخلصت من العقبة الكأداء التى لا تنفع معها لاالقوة و لا الذكاء و لا المكر شكرا لكم فبفضلكم تخلصت نهائيا من ( الله ) و هى اللحظة التى الهمتني مصيرى .لقد خيبتم رجائى فى الحاكم الاعلى للعالم او لنقل بصدق كشفتم لى الغطاء عن الوهم الاقصى ثم نكصتم انتم على اعقابكم و اكملت أنا الطريق لهذا فانا بلاشك اسعدكم جميعا سعيد بزوجتى و اولادى و قوتى ، انتم عائشون على امل الصعود حيث المال بلا عمل و النساء الارستقراطية الناعمة و الاخلاق المزيفة و انتظار السعادة بعد الموت اما انا فأغوص بكل ما اوتيت من قوة الى القاع انا مع الجاذبية و انتم ضدها انا مع الواقع و انتم مع الوهم ؛ الست معجبا بنيتشة يا باسم الم تكتب (عش فى خطر) على كل كتبك فى الثانوى، خلف هذا الحائط مجتمع نتشوى مصغر السيادة فيه لارداة القوة الا ترغب فى التجربة ؟ ، مأساتكما هى فيروس الجبن الذى انتقل اليكما كعدوى ثقافية تأصلت كخصلة من خصال وعيكما قد تورثاها لنسلكما ، لم تجرؤا على عيش ما سحركم من افكار فسقطتم فى الوهم و الضياع اربعة عشرة عاما و انا ازدهر و انتم تذبلون انتم حائرون و مترددون و شكاكون ، من يصدق ان ابن الغفير عبد المتعال غفير المطحن و ابن نبوية السوهاجى يتخلص من كل انواع العبودية لا سلطة له فى السماء و لا الارض و يصبح سيد نفسه و ينطلق يحقق ذاته و يحفر لنفسه فى صخر الوجود مكان ، لا تنقصكم المعرفة بل الشجاعة ادعوكم باسم الاخوة ان اهبطا معى و تخلا عن اوهام القشرة الخارجية و غوصا فى حقائق الاشياء و حقائق النساء اهزما ثقافة الخوف و تعالا فاهلا بكما فى ارض الحقيقة و خلع الاقنعة، قاطعه مينا بغيظ لو كنت فى قوتك يا صابر لحققت العدل و نشرت السلام و المحبة بين الناس رد عليه صابرا القوة بلا معرفة كالمعرفة بلا قوة لا معنى لها . اخذ كل منا يبرر ما اتخذه من مواقف و تذكرنا الاصدقاء و البدايات ،، و فجاة و بدون سابق انذار و قد بدأ الخمر و الطعام الشهى و الذكريات تشيع فى الجو أصوات السكون و السحر، صعقنا صوت انفجار رج المبنى و خلع معه قلوبنا و سحب من صدورنا الهواء و تجمدت اللقمات فى حلوقنا انفجار كأنه نقرة (دُم) قوية على جلد السماء قفز صابر و اسرع الى الشباك تابعناه بقلق وتغيرت حالته و كانت حركته كنمر منفعل فى غابة و ليس صديق حميم نشوان ، واوضح هذه (قنبلة مونة )، يبدو أنكم ستشهدون الليلة معركة دامية . أمر صابر مينا ان يطفى النور ، نظر ثلاثتنا من خلف الشيش رأينا الارض فى الاسفل ساحة معركة ، اشتباكات مميتة بين فريقين ، قسم المتعاركون أنفسهم و كأنهم كتائب تعرف مهامها فى المعركة الرجال البالغين فى كتلتين من اللحم متشابكون يضربون بعضهم بحقد و غل مستخدمين السنج و السيوف و الشوم و النساء كتلة واحدة كبيرة يتشابكون بالايدي حملت بعضهن المطاوى و سكاكين المطبخ و كانت المفاجاة هى الاطفال المتشاجرون يضربون بعض كانهم قطط مسعورة ينهشون لحم بعضهم البعض باظافرهم و اسنانهم فوق كومة نفايات . وعلى الحدود وقف أخرون متحفزين حاملين الاسلحة و زجاجات الملوتوف ليمدوا من يسقط من يده السلاح من فريقه اذا لزم الامر،، ظهر المشهد تحت اضواء اعمدة الانارة كأنه مشهد فى فيلم عربى هابط، كان باقى السكان الطيبون يتفرجون من البلوكونات و احيان يتطوع بعضهم لاسباب ما بالقاء الطوب و الزجاجات الفارغة فوق رؤس المتشاجرين . خلع بعض الشباب قمصانهم فظهرت المقابض الاسلحة البيضاء و هى مستترة خلف البناطيل الجينز ملتصقة ببطونهم تحمل الموت و الهمجية , لطخت وجوه و صدور كثيرة بالدماء ، كان صراخ سيدة مميزا جدا و عاليا بعدما لم يبقى على جسدها الا شورت داخلى مهلهل على وسطها التخين بعد ان نجحن خصومها فى تجريدها من ملابسها . و فجاة ظهر فى ارض المعركة مجموعة من الرجال مفزعين لمن يرى ، يمسكون سلاسل حديد مربوط فى اطرافها كلاب مرعبة ، تكشيرة انيابها دالة على عزمها المشاركة فى ما يحدث و كان يتقدمهم شاب اسود البشرة تبدو عليه الشراسة و القوة بمجرد ما لمحه صابر هتف بقلق بقلظ حضر، و اردف طالما حضر فسيحضر غريمه اللدود حيكا بعد قليل و لم يكد ينهى الجملة حتى ظهر حيكا هذا وسط رجاله بفرود الخرطوش و السنج ، اليوم سيكون مقتلة لا محالة . نجحت لهجة صابر فى نقل الفزع الينا ، هرع صابر مغادرا الحجر فاسرعنا انا و مينا فى امساكه ظنا منا انه ينوى النزول و الانضمام الى المشاجرة فقال مهدأ من روعنا ان باب الشقة الحديد مفتوح و يتوجب قفله فقد يصعد الينا بعض الخطرين فقال مينا و كاد الفزع على وجه ان يهلكه و هل انت طرف فى هذا ؟ فقال : نعم انا محامى حيكا و عصابته و محسوب عليه لكن لا تقلقا فسلامتكما مسئولتى كما اننى لا اشارك فى مثل هذه امور فقدراتى القتالية لحماية نفسى و اسرتى فقط كما اننى افيد لحيكا و رجاله كمحامى و سيبدأ دورى بعد 24 ساعة على الاقل ، فاهدأ و اسمعا كلامى رجاء . فتح صابر باب الشقة الخشب و رد الباب الحديد و قفله بالمفتاح و مده يد خلال خوص الحديد و وضع قفل على الرزة من الخارج ليوهم القادم بان الباب مغلق من الخارج و الشقة فارغة ثم اقفل الباب الخشبى بالمفتاح . اطفئنا النور تماما و باتت الشقة ككحل ليل عدنا الى الحجرة و عاد لصابر هدوءه قليلا نصحنا صابر بعدم الاقتراب من الشباك فقد يخترقه الرصاص او الخرطوش جلسنا متجاورين و اخرج صابر موبيل قديم شغل مصباحه الصغير و وضعه على الارض لنرى اشباح وجوهنا على الاقل و نحتسي على الاقل المشروبات بعد ما سدت نفوسنا عن الطعام . اخرجت سيجارة و القيت بواحدة لمينا ،، كانت اصوات الاشتباكات بالنسبة الى كسمفونية خراب متوحشة كبرى محصلة اصوات الصراخ و صوت الالم و الاستغاثات و القنابل البدائية و رائحة الموت تجمعت كلها فى نفخة بوق واحدة اتية من عصر همجى مخيف و هو احساس بالصوت لم اختبره من قبل . قال صابر محاولا اطلاعنا على ما يحدث معطيا ايانا ما يتصوره نقص فى معرفتنا بحقيقة العالم و محاولا ايضا اشباع فضولنا ، ان المدينة هنا مسيطر عليها عصابتين الاولى عصابة بقلظ و هم قطع طرق و موردى بلطجية و الاخرى عصابة حيكا و هم متخصصون سرقة سيارات و توزيع مخدرات. الانشطة و المجال مختلفين بالاضافة الى ان بقلظ و حيكا كانا شخصين عاقلين و يدركان خطورة الصراع و لما كانت تتقاطع خطوط المصالح فى نقاط متفجرة كانت تتم جلسة عند العرب فى الصحراء فى طريق بلبيس و تحل كل المشاكل برجولة تليق بزعماء العصابات المسئولين عن حماية حياة رجالهم ،و بدا على وجه صابر التأثر و هو يقول و من ما يقرب العام اصدر بقلظ اومره لرجاله بقتل حيكا بعد ان قرر الاول ان يفرض عليه اتاوة شهرية مقابل تركه يعمل بأمان هو ورجاله و رفض حيكا الخضوع له و اشتعل الصراع بين العصابتين من وقتها. كانت الساعة تقترب من الثانية بعد نصف الليل و بدات الاشتباكات تخف و صوت الخرطوش يقل و صراخ المتقاتلين يخفت, كنا نستمع انا و مينا بتركيز و ان بدونا كناموستين تنقلان الطاعون و الكسل لهذه المدينة الممتلىء بالحيوية القاتلة و بدت اللغة و الاصوات و فلسفات ما بعد الحداثة كأنها خرابات تأوى العجزة و المعتوهين . نهض صابر خارجا من الحجرة و عاد معه ثلاثة شلت صغيرة القى الي بواحدة و الى مينا بأخرى ، و قال لا حل لكما سوى المبيت هنا ، فالمنطقة الان مكان خطر و خاصة المداخل و المخارج و الاشقياء و الخطرين منتشرين متحينين اى فرصة لارتكاب جريمة ما و الشرطة لن تأتى قبل الفجر لترفع الجثث او لتعتقل عشوائيا بعض المسجلين لديها و بالطبع سوف يفر اغلب المشاركين فى الخناقة الى المحافظات اذا سقط قتلى و بالتالى ستنصب الشرطة الكمائن و تدقق فى هويات الخارجين و الداخلين ، و لن تتمكنا من المغادرة فى امان الا مع أذان ظهر الغد.
بحثت فى ذهنى عن الفاظ جذلة تهون علي هذه الليلة المرعبة الفاظ تجلب النعاس و تهدى النفس و تشبع الصبابة الهائجة ،، و اخذت اردد بصوت اقرب الى الهمس محاولات اشارك اصدقاء العمر فى أصوت الافكار داخلى ، رجوة / صولة / جولة / دمدمة / جلالة / تجلى / لوامع / كواسر / زبرجد / ياقوت / مرموز / زمرة / الساقى /خرير السواقى / سجى / لازاورد /نهاوندى / عرفانى / جرجانى ، غبت مع جذالتها عن كل ما حولى و سبحت فى النوم .

أحمد عز العرب



أحمد عز العرب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى