كانت الأم كل يوم بعد تناول طعام العشاء، تقدم إلى أولادها أطباق الحلوى اللذيذة، خصوصاً فى فصل الشتاء، لأن السكريات تعطى طاقة ودفء فى البرد .. وكانت دائما تصنع لهم أطباق الأرز باللبن الشهي وتضيف عليه رائحة المورد الفواحة العطرة، وتضع على وجه الأرز بعد أن يبرد المكسرات اللذيذة والشهية، مثل الذبيب وجوز الهند وغيرها، وقليل من القرفة ذات الرائحة الجميلة.
كان الأولاد كل يوم يضحكون ويسخرون من هذه الأطباق ويتندرون ضاحكين : كل يوم خس وجزر، أنا زهقان .. أنا زهقان.
كانت الأم تضحك، وتكتم بعض المشاعر السلبية من سخريتهم من الطعام الذى تصنعه، وخصوصاً أطباق الأرز باللبن الذى كانت تعشقه، وتحب أن يشاركها أولادها فى عشقه، لأنه هذا هو الطبق الوحيد من الحلوى الذى كانت أمها تجيد صناعته، خصوصاً فى شهر رمضان الكريم الذى كان يأتى فى فصل الشتاء أيام كانت طفلة صغيرة، وكانوا يتحلقون حول الراديو يسمعون قصة ألف ليلة وليلة بصوت الفنانة زوزو نبيل، وكان جميع من فى البيت بعد صلاة العشاء، يجلسون يسمعون المسلسل، ويأكلون أطباق الأرز باللبن وهم سعداء، يسمعون الحكايات الغريبة والعجيبة، وتعلمت من أمها ذلك، وأحبت أن تعلمه لأولادها، ولكن الذوق أختلف، وأختلفت الحكايات.
وفى يوم من الأيام.
مرضت الأم، مرضاً شديداً، أقعدها عن العمل فى المنزل، ودخول المطبخ وجلس الأولاد حولها يملؤهم الحزن، وقالوا لها بصوت مملوء بالحزن والدموع : لا يهم يا أمي أرز باللبن، أرز باللبن، المهم أن تنهضي من هذا الفراش، لا نستطيع أن نرى وجهك الأبيض الجميل شاحباً وحزيناً، ولا يديك الطيبتين باردتين، أنهضي يا أمي بقدر الحب الذى بيننا، أنهضي.
ولكن الأم لم تستطع النهوض من شدة الألم والتعب، وكانت تتألم فى صمت حتى لا تحزنهم.
وفى يوم من الأيام.
جمعت الأم البنات والأولاد حولها وقالت لهم : لقد علمتكم الكثير من الأخلاق والذوق الرفيع والمحبة والصبر، وصناعة الطعام الجيد، وأنتم صغار كنت أغني لكم الأغنيات الجميلة، وأحكى لكم الحكايات المسلية والتى حفظتها من الإذاعة وأنا طفلة صغيرة خصوصاً حكايات ألف ليلة وليلة الجميلة، وكل ليلة قبل النوم كنت أقبل كل واحد منكم قبلة النوم، وعندما يستيقظ أقبله قبلة الصباح، وعندما يعود من المدرسة كنت أقبله قبلة العودة، وربيتكم على الخير والعدل والجمال.
قالت البنات فى نفس واحد : كيف نراكِ يا أمنا الحبيبة إذا فارقتي هذه الحياة ونحن مازلن صغاراً.
قالت الأم فى وهن وضعف : سوف تشعرن بي فى صوت زقزقة العصافير فى الصباح، وتغريد الطيور فى أعشاشها وهى ترقد على البيض، وفى ألوان قوس قزح فى الشتاء بعد المطر، سوف أكون دائماً اللون الأحمر القاني، سوف أكون معكم عندما تجلسون وتأكلون أطباق الأرز باللبن اللذيذة والتى علمتكم كيف تصنعونها جيداً، سوف أكون بينكم وأنتم تقرأون قصة مسلية لأولادكم كل يوم قبل النوم.
وفى اليوم التالي قامت الأخت الكبرى من نومها، وصنعت أطباقاً عديدة وجميلة من الأرز باللبن وجملتها بالذبيب والبندق وجوز الهند، ورشت على وجهها قليلاً من القرفة ذات الرائحة الجذابة، ووزعتها على المعزيين فى البيت كما أوصتها أمها.
كان الأولاد كل يوم يضحكون ويسخرون من هذه الأطباق ويتندرون ضاحكين : كل يوم خس وجزر، أنا زهقان .. أنا زهقان.
كانت الأم تضحك، وتكتم بعض المشاعر السلبية من سخريتهم من الطعام الذى تصنعه، وخصوصاً أطباق الأرز باللبن الذى كانت تعشقه، وتحب أن يشاركها أولادها فى عشقه، لأنه هذا هو الطبق الوحيد من الحلوى الذى كانت أمها تجيد صناعته، خصوصاً فى شهر رمضان الكريم الذى كان يأتى فى فصل الشتاء أيام كانت طفلة صغيرة، وكانوا يتحلقون حول الراديو يسمعون قصة ألف ليلة وليلة بصوت الفنانة زوزو نبيل، وكان جميع من فى البيت بعد صلاة العشاء، يجلسون يسمعون المسلسل، ويأكلون أطباق الأرز باللبن وهم سعداء، يسمعون الحكايات الغريبة والعجيبة، وتعلمت من أمها ذلك، وأحبت أن تعلمه لأولادها، ولكن الذوق أختلف، وأختلفت الحكايات.
وفى يوم من الأيام.
مرضت الأم، مرضاً شديداً، أقعدها عن العمل فى المنزل، ودخول المطبخ وجلس الأولاد حولها يملؤهم الحزن، وقالوا لها بصوت مملوء بالحزن والدموع : لا يهم يا أمي أرز باللبن، أرز باللبن، المهم أن تنهضي من هذا الفراش، لا نستطيع أن نرى وجهك الأبيض الجميل شاحباً وحزيناً، ولا يديك الطيبتين باردتين، أنهضي يا أمي بقدر الحب الذى بيننا، أنهضي.
ولكن الأم لم تستطع النهوض من شدة الألم والتعب، وكانت تتألم فى صمت حتى لا تحزنهم.
وفى يوم من الأيام.
جمعت الأم البنات والأولاد حولها وقالت لهم : لقد علمتكم الكثير من الأخلاق والذوق الرفيع والمحبة والصبر، وصناعة الطعام الجيد، وأنتم صغار كنت أغني لكم الأغنيات الجميلة، وأحكى لكم الحكايات المسلية والتى حفظتها من الإذاعة وأنا طفلة صغيرة خصوصاً حكايات ألف ليلة وليلة الجميلة، وكل ليلة قبل النوم كنت أقبل كل واحد منكم قبلة النوم، وعندما يستيقظ أقبله قبلة الصباح، وعندما يعود من المدرسة كنت أقبله قبلة العودة، وربيتكم على الخير والعدل والجمال.
قالت البنات فى نفس واحد : كيف نراكِ يا أمنا الحبيبة إذا فارقتي هذه الحياة ونحن مازلن صغاراً.
قالت الأم فى وهن وضعف : سوف تشعرن بي فى صوت زقزقة العصافير فى الصباح، وتغريد الطيور فى أعشاشها وهى ترقد على البيض، وفى ألوان قوس قزح فى الشتاء بعد المطر، سوف أكون دائماً اللون الأحمر القاني، سوف أكون معكم عندما تجلسون وتأكلون أطباق الأرز باللبن اللذيذة والتى علمتكم كيف تصنعونها جيداً، سوف أكون بينكم وأنتم تقرأون قصة مسلية لأولادكم كل يوم قبل النوم.
وفى اليوم التالي قامت الأخت الكبرى من نومها، وصنعت أطباقاً عديدة وجميلة من الأرز باللبن وجملتها بالذبيب والبندق وجوز الهند، ورشت على وجهها قليلاً من القرفة ذات الرائحة الجذابة، ووزعتها على المعزيين فى البيت كما أوصتها أمها.
