حسين عبروس - الشعر عندنا....

القصيدة الشعريّة هي متاهة البوح، وتوثّب في عوالم الكتابة بين الحروف والكلمات، وبين الجمل والصوّر. هي بنت خلجات الرّوح وأخت النبض حنيّة يتوّجها الجمال ،وتوشّيها المعاني بوشيها الآسر للعيون وللقلوب، وهي حين تهزّ أفانين الرّوح فينا تفيض رقّة ،وعذوبة ومحبة.
هي امتحان الشاعر الذي يظلّ يربك خطواته، ويذوي بأنفاسه داخل عوالم النّفس الأمّارة بالمحبة، وتظلّ في غالب الأوقات تسبح في فضاءات عصيّة على الشاعر المتمكن الموهوب. وهو يتحيّن الفرص ليلقي القبض على تفاصيل خيوطها ،أو بالأحرى على أنفاس عطرها الشفاف داخل الكلمات. لتخرج الى الوجود نديّة العبارات حييّة المعاني قوّية الصوّر مدهشة آسرة النغمات.
القصيدة أيّها الشعراء ليست توريطا في كلام الوعظ، وليست تدفّقا من نظم النّظامين ،أو تقرير من أراجيف السياسة، وليست مراكبا من أحصنة خشبية. هي شلال مطريّ تشتاق إليه الأرض الظامئة للخصوبة لتنبت أزهارا وورودا متعدّدة الأصناف ،والاشكال والألوان. قد يبحث عنها الشعراء في اعماق أعماقهم فلا يجدون لها أثرا إلا في خيالات وأطياف مجنّحة لا تهدأ في محطات الزمن الرخوي، وكثيرة هي القصائد الوهميّة التي تعتلي صفحات المجلات والكتب والمواقع الإليكترونية ،وهي خالية من روح الشعر تماما ،فالفرق شاسع بينها وبين الورود والأزهار، وأغاريد طيور. هي هبة الخالق للموهوبين من البشر، فشتان بينها وبين تلك شكلتها أياد غير موهوبة من مواد خشبية ،أو بلاستيكية تعرضها في أسواق الباعة عبر الصفحات والمواقع الإلكترونية لتتباهي بها بعض النفوس المريضة التي لا تدرك قيمة الجمال
فمن يكتب القصيدة الشعرية تحت الطلب ،أو رغبة في التزلّف للسادة وللغواني، فصاحبها لا فرق بينه بين طبال في الاسواق، أو نجار عديم التجربة موغل في الزيف ليخدع من يقصدونه رجاء تمكينهم من تحف فنيّة جميلة راقية.
القصيدة عندي يا سادة.هي جسري نحو عوالمكم، وهي نبضي الذي تمدّني به الحياة. هي منارتي التي أطلّ منها عليكم ،لأتركها تتحدّث إليكم نيابة عنّي كلّما أوشكت سفنكم على الغرق في بحار الحرب والحب والإيمان، والرّجاء والأمل، وفي وجه كلّ الطغاة.
فسلام الله عليكم أيّها المانحون الحياة طعمها وعبيرها في زمن قعقعة السلاح والحديد وفي زمن عملية (النقل واللّصق) عبر صفحات النت.... وفضاءات التواصل الاجتماعي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى