صابر رشدي - القديسون وسيدة المطبخ

تخبرنى، بنوع من القلق، عن اشياء غريبة، تقول وهى تدارى حرجا بالغا.
_ لا أخاف دخول المطبخ!
رنت ضحكتى قى الفضاء.
قلت مندهشا
_ ماذا؟!!
لكنى تذكرت، من الفور، هذه الأفكار السوداء، التي تخايل النساء عند وقوفهن أمام احواض غسل الصحون، والحوارات الداخلية المتشائمة، وتوترهن هناك بدون اسباب مفهومة.
انكمشت السيدة في نفسها، وذابت في حيرة قاتمة.
_ لم يصدقني احد، أعلم ذلك.
ثم أضافت : عندما أقوم بهذه المهام الصغيرة، التي تمارسها كل إناث العالم، كأمر بسيط، يلتف حولي قديسون صغار، يقومون بمساعدتي، تنظيف كل شيء، رص القدور والصحون والأكواب، تحويل المطبخ إلى منتجع صغير، مفتوح على عالم مأهول بالمدهش والمثير، لا أستطيع الابتعاد عنه.
في البداية، كنت اخاف، وامتنعت عن الدخول، لكن أحدهم جاءني.
قال لي : لا تفعلي شيء، اجلسي فقط بيننا.
كانوا يتقافزون حولي، يعملون بمرح طفولي، أصغرهم يذهب وراء البقاع المجهولة في البيت، ياتى لى بأشياء منسية، ضاعت من ذاكرتي منذ زمن بعيد. يخبروني عن مكان زوجي، وخياناته العديدة، يتابعون معي وصول أبنائى، من مدارسهم، يطمئنوني على والدي، يكشفون لي عن الحقائق الكامنة خلف الاكاذيب المنشورة في الصحف، وشاشات التلفاز.
اخبرتنى عن اشياء كثيرة، وانا اتابعها منذهلا، ومتخيلا ما تقوله.
_ والان ؟. قلت.. _ الان، اقضي يومي داخل المطبخ، وافكر احيانا في المبيت داخله.

صابر رشدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى