بهاء المري - مَصرع زَهرة..

جُلُّ أوقاته يقضيه مُنفردًا في مكتبه كأنَّ شيئًا هامًا يشغله، وكلما فاجأته يُغلق أجندة يُطالعُ فيها شيئًا ما، ويُداوم على الفعل ذاته كلما انفرَد بالأجندة وكلما فاجَأَته.

ساورها القلق، تبدأ في مراقبته، وجدته يضع الأجندة أمامه كلما جلس إلى المكتب، ويُغلق عليها درجًا خاصًا إذا غادَره، وفى أسفاره لا تفارقه.
تفشل في الوصول إليها، تسألهُ، فلا يُجيب إجابةً شافية، تطلب مُطالعتها يتهرَّب، تُعاود الإلحاح عليه يقول:
- فيها حسابات قديمة.
تَملكها الفُضول واستبدُّ بها القلق، دخلت على أطراف أصابعها وهو يُطيل النَّظر ساهمًا إلى شيء ما ... طَيَّ صفحاتها، خطفتها منه، انتفض واقفًا، حاول استردادها، هددته بأنْ يبتعد وإلا ألقَت بها من النافذة.
استسلمَ وابتعد، توسَّل إليها لتُمسكها برفق، لم تَسمع له، فتحتها عُنوة، قهْقهَتْ بصوتٍ عالٍ، ليس في الأجندة إلا زهرةٌ يابسة، صاحت فيه:
- يا لكَ من معتوه!
اقتربَ ليُعيدها، زمجرَتْ، بحثت عن سطور مكتوبة فلم تجد، ازدادت قهقهةً، تَناثَر حُطام الزهرة وتطايَر في الهواء، تعلقت عيناه بالحُطام مذهولًا وهو يتساقَط أرضًا. ألقتْ بها على طرف المكتب وغادرت.
عاد إلى المكتب، فتح الأجندة، اغرورَقتْ عيناه بالدموع، صاحَ ثائرًا:
- ما الذي فعلتِه أيتها القاسية؟
وضع رأسه بين يديه وراح في نَوبة بكاء مكتوم، عادت إليه، هزَّتهُ من كتفه بقوة، أصرَّت على معرفة ما يحدث.
لم يقوَ على البوح لها، بأنَّ الزهرةَ كانت هدية من حبيبته التي ضاعت منه حين عقد والداهما صفقة تجارية ليتزوج منها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى