حسين عبروس - الطفل بين الترفيه والتهريج...

***
منذ بدء الخليقة عرف الإنسان رحلة الحياة الشاقة ،ومايتصـل بها مـن متاعب
وهموم،وأحزان تكدّر أنفاسه ، وتشـقي روحه وبدنـه فكان عليه أن يبحث عن وسـائل،وبدائل
تزيل همومه وتخفّف عنه تلك الأحوال التي تثقل كاهله، وتدمـي روحه،فلجأ إلى من هم حـولـه
من الناس،و توسعت دائرة الترفيه إلى الحكاية وقـول الشعـر،وممارسـة الفروسية والألعــاب الفكريـة ، ومحاولة الخلود للراحة أحيانا والتجوال أحيانا أخرى.
وقد عرّف علماء اللغة معنى الترفيه وهو مصدر من الفعل رفّه عن النفس أي خفف عنها بما يزيل عنها التعب والهمّ،وأخرجها من حالة إلى حالة أخرى من سعة العيش وراحة البال،هناك من يـردّها الى المعنـى المشـتق من كلـمـة Recreation)، مشتـق مـن الكلـمـة اللاتينـية (Recreate)، والتي تعني إعادة الانتعاش والخلق، وهي بهذا توحي بالأعمـال الضرورية التي يتوخى منها الفرد إعادة حيويته وانتعاشه. وحول تحديد أساسيات مـفهوم الترفيه سنذكر منها ما يأتي:
1- الترفيه يشتمل على العديد من النشاطات المتنوعة التي يقوم بها الشخص في أوقات فراغه عند إحساسه بالتعب والملل للترويح عن النفس بعيداعن العمل أو بالدراسة، أو أيّ نشاط آخر
2- يكون الترفيه من بين النشاطات الفردية التي يقوم بها الفرد عن طواعية وباختياره بعيداً عن صيغة الإلزام أو الضرورة.
3- حصول الشخص على جوانب من الرضا والقناعة التي تحقق له الراحة النفسية
ويعرفه (Dumazedier) على أنه "كل نشاط يقوم به الفرد في وقت فراغه لذاته وليس لكسب مادي أو معنوي .و يمارس طواعية، يهدف تجديد نشاط الفرد. وقد وردت أفكار عديدة عن الترفيه في المؤتمر السادس لمنظمة المدن العربية لعام ( 1980)، حيث وصفه أحد الباحثين بأنه "وسيلة معينة تنبع في فترة معينة للوصول إلى توازن عقلي ونفسي وجسدي للإنسان ،و للمجتمـع العامــل فهوظــاهرة اجتماعية يمـارس فيـها الفـرد أو الجماعة كافة الأنشطة الترفيهية خلال وقت الفراغ دون كسب مادي وبقدرات شخصية تتحدد بتأثير عوامل اجتماعية مباشرة على سلوكية النشاط الترويحي ، والمتعة والراحة الفكرية ،وتجديد الراحة النفسية والطاقة الفكرية ، ويلتبس الأمر على الكثير من أبناء المجتمع بين الترفيه والتهريج الذي تمارسه العديد من الجهات على أطفالنا الصغارفي المدارس،ودور الحضانة،والقاعات العامة والنوادي ودور الثقافة،وأصبح المهرّج اسم مشاع في أوساط المجتمع، وأقنعوا الصغار على أن المهرج هو من يخرجهم من دائرة الملل، والركود إلى عالم النشاط الجديد،وهكذا أصبح التهريج نشاط يرضى به الكبار والصغـار،ذلك النشـاط الذي لا يقـوم على قواعـد علميـة،أو تربـوية أوفنية تجـدد نشاط الطفل،وتبعـث فيه الحيـوية والمـتعة،ويـخـرج المهـرّج عن تلك السلوكات والحركات الأخلاقية، إلى عالم مليئ بالألفاظ القبيحة،والحركات غير السويّة
ليتحوّل الأمرفي حياة الصغارإلى البذاءة في القول،والإساءة للآخرين،واللصوصية والتنمّر عليهم، وهذا في ظلّ غياب برنامج ترفيهي مدروس ومتنوّع الأهداف من أصحاب الإختصاص
في علم التربية وعلم النفس الطفل.كما تغيب في تـلك النشاطات المتعـة الفنـية في العروض المسرحية التي تقدم في الغالب من قبل المهجرين الهواة باللهجة المحلية" الدارجة"،وقديتساءل البعض عن فئة المهرجين فنقول: هم مجموعة من الشخاص الذين مارسون نشاطهم لكس للقمة العيش بالضحك على أذقان الكبار والصغار،وباختيارهم لفئة الأطفال والمتمدرسن ووضع أقنعة على وجوههـم ووضع أنوف كبيرة حمـراء أو بيضاء لتضحك الصغار، ومـلابس ملـوّنـة تلـفت انتباه الصغار كما يقدمون تفاهاتهم بغرض الضحك وتلهية الصغاروإغراقهم في متاهات غير تربوية، وهناك أنواع اخـرى من المهرجين هـم من يصنعون مصائر الشعوب فـي قوت يومهم، وفي صناعة ثقافتهم ، وفي تمثيل أوطانهم في المهرجانات السياسية، والإقتصادية العالمية.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى