حسين عجيل الساعدي - إشكاليات قصيدة النثر العربية - الجزء الأول -

الجزء الأول

فذلكة لابد منها:
لم يعرف ديوان الشعر عند العرب في تاريخه الشعري الموغل في القدم، مثل الذين يكتبون الشعر هذه الأيام، حتى نرى ساحة الشعر العربي والعراقي خاصة، تعج بمن يعدون أنفسهم شعراء، وهم يصولون ويجولون بالآلوف، فتراهم يكتبون أي كلام، وينشره الآخر على أنه شعر، ويصفق له بحرارة. وقد تساءل الشاعر "نزار قباني" يوماً عن هذه "الفوضى الشعرية" حين قال: مَن هو المسؤول عن تلك "الغوغائيَّة الشعريَّة"، التي تسود الشارع الثقافي العربي؟!!. وهناك من قال: أن قصيدة النثر أصبحت في أغلب الكتابات "حمار الشعراء" يمتطيها كل من يفتقر إلى توازن، كي يصعد سلم الشعر الطويل، فجعلوا قصيدة النثر شماعة يعلقون عليها نتاجهم غير المجدي، من نصوص غائمة تعاني من الحشو، والمباشرة، والغموض الى حد الإبهام، كذلك تفتقر الى التنسيق الجمالي واللغوي.
يلجأ البعض من الشعراء إلى كتابة قصيدة النثر، ظناً منهم أنها الأقرب والأسهل في الصناعة الشعرية، لكونها تفتقر إلى خصائص الشعر التقليدية. فيتراءى لهم أن قصيدة النثر فتحت ذراعيها لهم، والى جانبهم منابر ثقافية وثلة من النقاد الذين يلمعون صورهم ويصفقون ويزمرون لهذيانهم، الذي لايمكن تبريره بأي حال من الأحوال، ثم ينشرون نتاجهم، وهؤلاء لا يعرفون أن قصيدة النثر هي (الفن الأصعب) في ممارسة الكتابة. لذا قيل أن (كثيراً ممن ألفوا قراءة الشعر العربي القديم يواجهون صعوبة في التجاوب مع الشعر‏ الجديد وربما رفضوه من أجل هذه الصعوبة).
ينبغي أن لا يفتح الباب على مصراعيه للشعراء الجدد ليتخذوا الغموض حجة غير مبررة في نتاجهم الشعري، وإن لا تكون قصيدة النثر عندهم "فن الشعراء الكسالى"، ومرتعاً شعرياً لهذيانهم.
مقدمة//
تسعى هذه الدراسة إلى تناول إحدى القضايا الرئيسية الشائكة في الشعر العربي المعاصر، ألا وهي قضية الغموض، التي تعتبر لازمة من لوازم ظهور النص الشعري العربي المعاصر.
تطرح الدراسة عدة إشكاليات تتعلق بالشاعر والمتلقي والنص معاً، أضافة الى التغيير الذي أصاب البنية اللغوية للخطاب الشعري المعاصر الذي لم يعد يتسم بالوضوح، بل أضحى لغة رمزية غامضة الى حد الإبهام. كذلك سنتعرف على دلالات توظيف الغموض وبيان أثره في قصيدة النثر العربية كأنموذج.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى