مازن موفق صديق الخيرو - شهادة وفاة.. قصة قصيرة

لم أكن معتاداً زيارة المستشفيات إلا في حالات إصابة احد أفراد عائلتي بمرض مميت يدعوني للإسراع به إلى ردهة الطوارئ ، وعلى الرغم من وجود مستشفى ذات جودة عالية في استكمال موت المواطنين ، كنت اذهب إلى المستشفى الأقرب ، حالات الانقاذ تتوالى وصراخ النساء تضج به الأروقة والصالات ، لكن هناك صراخاً من نوع آخر ، مولود جديد ، صراخ تعقبه زغاريد عشيرة المولود الجديد الذين تجمعوا بقربه لإعلان التكبير في أذنه ، أما عربات المعوقين فهي تتدافع باتجاه أسرة الطوارئ لغرض الظفر بسرير الحياة ، أعدت الأوراق الخاصة بالعمليات الطارئة ، وأوراق أخرى تسمى ( الطبلة ) ولا يوجد لدي تفسير لهذه التسمية !!! ، ربما لتقرع طبول الموت في حفل بهيج توزع فيه شهادات الوفاة ، لكنني كنت أركز نظري إلى غرفة الإعداد ، إنها غرفة مزدحمة ، طوابير من البشر ينتظرون ساعة دفنهم بعدما تم تغسيل وتكفين بقايا دنياهم ، أيعقل أن تكون شهادة الوفاة أثقل من الوفاة بحد ذاتها ؟
بدأ ذلك الرجل ممزق الثياب ، يعلوه السواد ، سواد محركات السيارات التي يعمل على صيانتها ، فبينما كان يعمل في احدى المحركات جاءه هاتف مفاده بأن أباك قد مات ، يصرخ مله الانتظار قائلاً :
" الميت يموت ويرتاح ونحن نبتلي به "
عبارة هزت كياني ، ابن يتكلم عن أبيه بهذا الشكل المفزع ، ناديت موظف الغرفة الخاصة بإصدار شهادات الوفاة :
" يا أخي أعطه شهادة الوفاة الخاصة به وبأبيه "
نظر إلي نظرة تكاد تهشمني ، التهبت قاعة المستشفى ، انفرط طابور الحجز وبدأ العويل والضرب ، كسرت نافذة الاستلام ، تعرض الموظف للضرب والسباب ، تمزقت ثيابه ، تكسرت عظامه ،
يا ترى من سيصدر شهادة الوفاة لطابور الموتى بعد الآن ؟؟؟
لكنهم وجدوا طريقة جديدة للموضوع ، أن يكون اصدار هذه الشهادة بعد شهر واحد من الوفاة ، فيكون الميت قد أنقذه القبر من الحساب وفاز بشهادة الوفاة .


* نقلا عن مجموعة نادي القصة السعودي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى