محمد مثقال الخضور - كم كنتُ أَنسى

كم كنتُ أَنسى
ما تقولُ الأَرضُ عني
في غيابي
حين أَخرج عن طريقي
مُبعدًا
من لوثةِ الأَعمارِ
أَو من رهبةِ القصصِ التي
لا تنتهي
إِلا بِـموتِ شُخوصها
أَو حين أَحرق ما تبقَّى في الدفاترِ
من سطورٍ فارغةْ
أَو حين تَذكُرني العواصمُ
أَنني ما كنت ضيفًا هادئـًا
كنتُ احتمالاً فوضويًّا
يـحملُ البرهانَ في يدهِ
ليثبتَ ..
أَنَّه ما زالَ حُـرًّا
أَنَّ أَهلَ الأَرضِ أَسرى
أَنَّ طوقاً للنجاة يظلُّ أَصدقَ
من بـحارٍ
تُغرقُ الكونَ الفقيرَ بـملحِها
كم كنتُ مشغولاً بإِقناعِ الزهورِ
بأَنني
سأَكون أَجـملَ عاشقٍ
لو كانَ ماءُ الـمزهريةِ صالـحًا
للشربِ
أَو
لو كان شوك زهورِها
ما زالَ يَذكرُ أَنني عمَّدتُهُ
بدماءِ كفِّي الـمتعَبَةْ
كم كنتُ أُشبِهُ
بائعَ الريحِ الذي
قتلَ الـمسافةَ بالعواصفِ
ثم ماتَ ضحيَّةً
كم كنتُ أُشبِهُ بائعًا متجولاً
كسدتْ بضاعتُهُ
فأَدركَ بعد عمرٍ أَنَّه
ما باعَ إِلا عمرَهُ
أَنا قطعةُ الزمنِ البريئةُ
لا أَموت مُكفَّنًا
إِلا بريحٍ كنتُ أَلـهثُ حولَـها
وأَدوخُ مضطرًّا
كـ أَيِّ فراشةٍ
ظلَّتْ تُـفتِّشُ عن مكانٍ آمنٍ
حولَ السراجِ
و مثلَ عقربِ ساعةٍ
أَفنى الزمانَ
يطارد اليومَ الأَخيرَ
ولـم يـجدْ بزمانِهِ
إِلا نـهايةَ عمرِهِ
قُربَ الصدأْ
أَو مثلَ ساقيةٍ أَضاعتْ عمرَها
تدعو على النهرِ العميقِ
بأَن يـجفَّ
لكي تُريحَ ذراعَها
وحدي
وأَنسى ما تقولُ الريحُ عنِّي
حينَ أَكشفُ سِرَّها
في وجهِ غصنٍ مائلٍ
أَو حينَ أَكشفُ ضعفَها
بثباتِ جدرانِ القلاعِ
على الـتلالِ العاليةْ
وحدي ، وعمرٌ باهتٌ
وقلادةٌ تـختارُ من بينِ الرقابِ
حبيبَها
لتظلَّ رمزًا يَـحتفي بـخروجِهِ
من لوثةِ العمرِ القصيرِ
إِلى الـحكايا
الـخالدةْ

ا= = = = = = = = = = = =
محمد مثقال الخضور
  • Like
التفاعلات: عبد الأحد بودريقة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى