أمل الكردفاني- خطر الذكاء الاصطناعي، والملاحقة الجنائية

بعد قليل قد يجد أب فيديو كامل لابنته وهي تمارس الجنس، أو يجد شخص نفسه داخل فيديو وهو يقتل شخصاً آخر. وسيكون من الصعب التخفيف من الآثار القانونية والنفسية على من يتعرضون لجرائم التزييف العميق.
التزييف العميق تقنية جديدة، يمكنها أن تخلق صور وفيديوهات بملامح أشخاص حقيقيين وبنفس أصواتهم وهم يفعلون اشياء لم يفعلوها في الحقيقة.
لقد رأينا كيف أن أحد السياسيين في السودان قد تعرض لتلفيق فيديو إباحي له من قبل المعارضين له. وهذا الأمر سيتزايد في المستقبل، وسيتمكن الأفراد من تصفية حساباتهم الشخصية عبر الاغتيال الأدبي من خلال اختلاق صور وفيديوهات مزيفة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي لا يمكن تمييزها بسهولة عن الحقيقة.
ستختلط الحقيقة بالكذب، والحق بالباطل، وسيتعين على البشر حينها أن يحموا انفسهم عبر ارتداء اقنعة على وجوههم أو خمار أو نقاب أو حتى خوذات فولاذية، وسيكون جسد الانسان كله مهدداً بالسرقة، السرقة من نوع مختلف وغير معهود من السرقات.
وهكذا سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى انغلاق البشر على أنفسهم بدلاً عن الانفتاح والتحرر. لأن كل شخص سيكون خائف على نفسه من سرقة بياناته ومعلومات حمضه النووي وملامحه ونبرات صوته..الخ.
في ظل هذه المخاوف، لا نجد أي تطور حقيقي للتعاون الدولي في مجال الملاحقة الجنائية. وسنجد ان قوانين جرائم الانترنت بمختلف مسمياتها، تركز على الجريمة، ولكنها لا تركز على الملاحقة والعمليات الإجرائية للضبط والتفتيش وخلافه، داخل بيئة الانترنت المعقدة. يمكن صناعة فيديو مزيف في البرازيل ضد شخص في الصين ويتم نشره في كل دول العالم، وسيكون سحب هذا الفيديو من الانترنت عملية صعبة إن لم تكن مستحيلة. في الوقت الذي سيصعب على الأفراد ملاحقة مقترفي هذه الجرائم خارج دولهم، لأن مؤسسات القانون محاصرة بالاختصاص المكاني، بالاضافة إلى انها لن تكترث كثيراً لضحايا لا يعيشون في بلادها، بالإضافة إلى الصعوبات التي سيواجهها الافراد من عموميات الشرطة الدولية المسماة بالانتربول. فضلاً عن ذلك، فإن الدول الفقيرة، لا تملك التكنولوجيا الكافية لملاحقة الجرائم التي يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى