السيد فرج الشقوير - آدم...

حِينَ هَبْطْنَا مِنْ عَلٍ
أظُنْهُ مَوْسِمَ الْبَنَدُورَةِ كَانْ
كُنْا قَدْ تَرَكْنَا أوْرَاقَ البَلّوطِ تَنْدُبُ حظُوظَهَا
طَلِيقَيْنِ كُنَّا قبَلَ انْدِلَاعِ التُّوتْ
وَكَانَتْ المَزَامِيرُ مَشْغُولَةً ..
تُفَتِّشُ دِمَاغَ الكَوْن
مَا اهْتَدَتْ بَعْدُ لِمُوسِقَىٰ تَحُضُّ عَلَىٰ الفِلَامِنْكُو
الأرَاغِيلُ فِي شُرُودِهَا ..
تُنَقِّبُ عَنْ بَحَّةٍ ..
تعِدُ عَالَمَاً مِنَ الحَفْرِيَّاتِ بِتَفَشِّي الخُُضْرَةْ
تُمَنِّهِ بِسَبْعٍ سِمَانٍ تَسْتَرْضِي الضَّأْنَ ..
كَيْ لَا يُغَادِرَ حِيَازَةَ صَفِيرِهَا المَا يَزَلْ نَشَازَاً
بالتّأكِيدِ كَانَ مَوْسِمَاً للبَنَدُورَةْ
الزّحْفُ المُقَدّسُ للخَجَلِ ... يُؤكِّدْ
خُطَىٰ جُورِيةٍ نَحْوَ وَجَنَاتِ التُّفَّاحِ .. تُؤَكِّدْ
الْهِسْتَامِينُ لَمَا أَجْبَرَ كَافُورَةً أَنْ تَهْرُشَ سَاقَهَا
مُعْطَيَاتٌ...
تُنَبِّهُ الآكَامَ لاعْتِنَاقِ الطَمَاطِمِ ..
و لِاخْتِلَاسِ الدَّهْشَةِ النّازِلَةْ
كُلّمَا قَطَعْتِ وَادِيَاً تَثَاءَبَ العُشْبُ
وَنَمَتْ لِينَةٌ ..
تُشَيِّعُ كَعْبَيْكِ المُضَمَخَيْنِ بالكُرْكُمْ
مِنْ وَجْدٍ تَفَتَّقَتْ شَجَرَةُ الحِنَاءُ ..
واخْتَرعَتْ لَوْنَها ..
لَا لِشَيءٍ ..
غَيْرَ أنْ تَسْتَرْعِي انْتِبَاهَ مَرْمَرٍ يَتَسَكَّعُ حَافِيَا !
حِينَ هَبَطْنَا مِنْ عَلٍ مُرْغَمَينْ
وَرَاحَتْ البُقُولُ تَقْتَفِي أثَرَكِ
لَمَّا تَعَقَّبَتْ المَسَارِبُ الجَوْفِيَّةُ أَخْمُصَيْكِ
وَقَتَمَا هَرْوَلَتْ الأنْهَارُ مِنْ صَيَاصِيهَا...
عِطَاشَاً لِمَاءِ وَرْدِكْ
يَا أنْثَى البَنْزَهِيرِ المُغْرِيَة ..
والّتِي تَجْبُرُ خَاطِرَ النَّسِيمِ
أبَدَاً تُوَفّيهِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ زَيْوتِهَا الطَّيَارَةْ
حِينَ هَاجَرَتْ الأشْجَارُ صَوْبَ الشّمَالِ ..
حَيثُ جُغْرَافْيا خَصْرِكِ
وَعَضّتْ أصابعها الحَوْلِيّاتُ...
الّتِي تَمَهَلَتْ فِي مُضِيّهَا
هُنَا ..
أُفْلِسُ نِهَائِيَّاً أنَا
أنَا مَنْ عُلِّمْتُ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا
أَحَارُ فِي شَأْنِ مُرَادِفٍ للنَّكْبَةْ
للصَّقِيعِ النَّابِتِ كُلّمَا أوْغَلَتْ خَلْفَكِ رَبْوَةْ
كُلّمَا ألْقَتْ مَا فِي يَدَيْهَا الجَمَامِيزُ ..
وكشْفتَ سَعياً إلَيْكِ عَنْ سِيقَانِهَا
تَتُوهُ مِنْ مَدَارِكِي مسْتَعْمَرَاتُ الحِنْطَةْ
وَ وَسْوَسَةُ النِّضَارِ بِدِفْءٍ ..
يَرْدَحُ فِي مَسَامَاتِي .. *
عَلَّهُ يَخْنَسُ زَمْهَرِيرٌ أخَذَ فُرْصَتَهْ
الحِنْطَةُ لَا تَسُدُّ هُورَاً بَعْدَكِ
يَا امْرَأةً خَدَشَتْ لُحَائِي بَغْتَةً ..
وأَنَا أُنَاقِشُ أهْدَابَهَا التَّرَيُّثَ
بَيْنَمَا تُلَاحِظُ الأيَائِلُ ضَبْحَكِ
وتَسْتَعِيرُ الْعَادِيَاتُ رِجْلَيْكِ النَّافِرَتَينْ
فِي رَهَقٍ ..
أتَذَكّرُ حُقُولَ القُطْنِ ..
أُسَائِلُهَا لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ؟!
أ لِجَلَابِيبٍ تُوَارِي سَوْأَتِي والسَّلَامْ ؟!
العَوْرَاتُ لَا تَخْدِشُ المَوْتَىٰ.. أعْتَقِدْ
ولَا خُدُودَ للْجَلِيدِ تَقْرُصُهَا سَوْأَةْ
فَهَا أنْتِ تَفْرِضِينَ الحُمْرَةَ
وتَمْضِي نَحْوَكِ الفَوَاكِهُ غَآضَّةً أَبْصَارِهَا
وَمَحْضُ جَمِيدٍ تَتْرُكِينَ لِي ! *
الْآنَ ...
أعْرِفُ لِأيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ مِسَاحَاتُ النَّسِيجْ
لِضُمَادَةٍ بِحَجْمِ رَتْقٍ وانْفَتَقْ
لِيَوْمٍ تُنْزَعِينَ فِيهْ
وَتَرْحَلِينَ بِالمَرْمَرِيَّةِ كُلِّهَا
وَبِشَامَةٍ وَضَعَهَا اللَّهُ فَوْقَ صَدْغِي
لِتُحِدَّ مِنْ نَشَاطِ الجَنَادِلِ فِي مَلَامِحِي
لَكِنْ يَا امْرَأةً نَدَهَتْ كُلَّ الْكَونْ
مُتَبَّرٌ هَجْنُ الحَدَائِقِ ..
وَبَاطِلٌ مَا اقتَرَفَتْ الغَابَاتْ
فِي طِينَةِ النُّشُوءْ ..
مُضْغَةٌ أنْتِ مِنِّي
حَتَّىٰ قَبْلَ أنْ يَعْطَسَ الصِّلْصَالْ
لِذَا ..
سَتَقْفُلِينَ بِالنَازِحَاتِ آسِفَةْ
لَا مَنْأَىٰ للجَوَافَةِ إلّا غِيطَانِي
مَنْ يُشَمّتُ طِينَتِي غَيْرَ الإقَاحِ حِينَ تَضْحَكِينْ؟
حِينَ هَبَطْنَا مِنْ عَلٍ ..
وَأنْتِ تُأَصِّلِينَ للنِّسَاءْ فَنَّ التَّدَلْلِّ
أحِبُّ أنْ أقُولَ لِمِنْكَبَيكِ المُعْرِضَيْن :
أنَا آسِفٌ يَا سِتِّي
كَانْتْ شَجَرَةُ الخُلْدِ مُغْرِيَةٌ جِدَّاً
وَأنْتِ تُتْقِنِينَ التَّبَعُّلَ
أَنَا آسِفٌ يَا امْرَأَةً آمَنَتْ بِابْتِسَامَتِي
واكْتَفَتْ مِنْ النِّعْمَةِ بِحَشِيشِ لِحْيَتِي
تَلْعَبُ فِي مَسَارِحِهَا وَتَغْفُو قَانِعَةْ
أنْتِ تَفْهَمِينَ طَبْعَاً حِكْمَةَ الخَرِيفْ
الخَرِيفُ يَرْكُلُ غَابَةً ..
يَأخُذُ بنَّوَاصِيهَا والأَقْدَامْ
يُعَارِكُ البَحْرَ أيْضَا
لَا نَفَعَ مِنْ جُفَاءٍ يَا امْرَأةْ
لَابُدَ كَانْ.. أنْ تُزَلْزِلَ طِينَتِي زِلْزَالَهَا
أَنْ تُنَقِي أَدْرَانَهَا
هَبَطْنَا مِنْ عَلٍ مُرْغَمَيْن..
وَ بَيْنَ الصُّلْبِ والتَّرَائِبِ أَحَاجٍ لَيْسَتْ بِالهَيِّنَةْ ..
شَوَائِبٌ جَمَّةْ ..
ذِئِابٌ وَثَعَالِبْ ..
عَظَايَا لَاحِمَةٌ وَأفَاعٍ تَسْعَىٰ
و عَملٌ غَيرُ صَالحٍ
ماكَانَ لَه أنْ يَركبَ مَعنَا
أتُدْرِكِينَ مَغْزَىً للهِجْرَةِ الجَمَاعِيّةِ للْأيَائِلِ
وانْتِ تُمْعِنِينَ رَحِيلَاً عَنْ غُبَارِ الزَّلْزَلَةْ ؟
مَاضِيَةٌ ...
بالرَّعِيلِ الأَوّلِ مِنْ جِدَاءِ المُوسِيقَى
وَ بِعَنْزَاتٍ أبْكَارٍ مِنْ نَّحْنَحَةِ الرِّيحِ *
وَتُهْمِلِينَنِي بِلَا غَبُوقِ *
كُنْتُ أجْلِسُ للْخَرِيفْ
كيّ يَهُشَ عَنْ فَرْوَتِي ..
كَائِنَاتٍ لَا تُنَاسِبُ الفِرْدَوسْ !
كَانَ لَا بُدَّ يَا امْرَأةْ ..
أَنْ تَرَأَّسِي الحَجِيجَ
رَيْثَمَا الخُرِيفُ يَكُونُ قَدْ انْتَهَىٰ مِنْ جَزِّ رَأْسِي
رَيّثَمَا أصَلّي رَكْعَتَينْ
رَيثَمَا أنْحَرُ عَنْ جِيدِكِ إبِلِي الشّاردَةْ .


....................................................
السيد فرج الشقوير
هامش
_____
* الرّدحُ / الإقامة
* الغبوق / شراب المساء
* النحنحة / تردد الصوت في الصدر ولها معانٍ أخرىٰ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى