"رسالة مملحة".. محمد مهدي الجواهري - إعداد: نقوس المهدي

للشاعر محمد مهدي الجواهري الكثير من المواقف النبيلة والجريئة من شؤون عصره الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ساخرا ومنتقدا ومدافعا وموجها وناصحا، ومن بين قصائده الظريفة الشهيرة هذه التي بين أيدينا والتي نظمها بمناسبة استثنائية من التاريخ السياسي العراقي، حينما أصدر الوزير العراقي الفريق صالح مهدي عمّاش النداوي، (1924 - 1985)، في شهر ماي 1969، وإبان عنفوان الثورات الثقافية والاجتماعية التي اجتاحت العالم، وكان خلالها يشغل وزيرا للداخلية ونائبا لرئيس مجلس الوزراء في العراق، قراراً يقضي بمنع ارتداء الفتيات للتنانير القصيرة "الميني جوب" والملابس القصيرة، وعقاب المخالفات بدهن سيقانهن بالطلاء الأسود، وأمر بإطالة ملابسهن واطلاقها وتوسيعها، الشيء الذي أثار حفيظة واستياء المواطنين لكونه تطاولا وتضييقا على الحريات الشخصية، مما دفع بالشاعر محمد مهدي الجواهري إلى نظم هذه القصيدة المفعمة بالسخرية والطرافة، يشجب من خلالها هذا الاجراء والقرار الجائر والمضحك، وقد أثارت القصيدة ضجة كبيرة، واستحسانا من طرف الفتيات وجرجن للهتاف بحياة الشاعر

ن. م.

أأبا هدى شوقٌ يلح ... ولاعجٌ يزكي الشغافا
نبئتُ أنك توسِع ... الأزياء عتا واعتسافا
وتقيس بالأمتار أردية، بحجة أن تَنافى
ماذا تُنافي, بل وماذا تم من خلق , ينافى
حوشيت أنت أرق حاشية ولطفا .. وانعطافا
وأشد لصقا بالحِجا, وألد بالحق اتصافا
اترى العفاف مقاس أقمشة ظلمت إذن عفافا
هو في الضمائر لا تخاط ولا تقص ولا تَكافى
من لم يخف حكم الضمير فمن سواه لن يخاف
الساحرات فمن يردك إن يطرن بك اختطافا
والناعسات فما تحس الطرف أغفى أم تغافى
والناهدات يكاد ما في الصدر يقتطف اقتطافا
هدى المسيح إلى السلام على العيون طفاوطافَ
ودم الصليب على الخدود يكاد يرتشف ارتشافا
علقن في أوساطهن مآزرا , بيضا , خفافا
ورددنهن إلى الظهور , , فكنَّ أردفة ردافا
ساءلت نفسي لا أريد لها على النحو انصرافا
أترى المضاف إليه أحلى أم عُلاقته المضافَ
أأبا هدى , قول يُخاف سأدعيه , ولن أخاف
إني وربٍ صاغهن ,, كما اشتهى هيفا لطافا
وأدقهن , وما ونى .., وأجلهن ,, وما أحاف
لأرى الجنان إذا خلت منهن أولى أن تعافى

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى