عبدالكريم العامري - وما أدراك ما الثقافة!

قبل أن نخوض بما ابتلينا به في مجتمعاتنا التي ابتعدت كليا عن ثوابتها الثقافية والاخلاقية علينا أولا أن نحدد ماهية الثقافة، حيث يصفها مؤسس علم الأنثروبولوجيا الثقافية الانجليزي السير إدوارد بيرنت تايلور في كتابه “الثقافة البدائية” (ذلك الكل الديناميكي المعقد الذي يشتمل على المعارف والفنون والمعتقدات والقوانين والاخلاق والتقاليد والفلسفة والأديان والعادات التي اكتسبها الانسان من مجتمعه بوصفه عضوا فيه)، ومن خلال الوصف يتبادر في أذهاننا السؤال: أين نحن من الثقافة؟
ما نراه اليوم هو التدهورالواضح في كل الاخلاقيات التي كانت ذات يوم تسيّر مجتمعاتنا، يوم كان المرء يعيش آمناً في محيطه، وكان الناس أخوة وإن لم يتعارفوا، وما بين ليلة وضحاها أصبحت تلك الأمكنة تعجّ بكل ما من شأنه أن يقوّض الحياة،، وأضحى القوي يأكل الضعيف، والسلطة للمال، والنفوذ لمن يبشط بالناس وينكل بهم، وغدت المجتمعات مثل غابة! وأن بعض سلوكيات الأفراد لا تنم على ثقافة ولم نورث من ثقافة الآباء، اذا اعتبرناها ميراثا اجتماعيا، شيئا بعدما غاب الصفح والعفو والمحبة والتوادد وكل ما من شأنه أن يشعرنا بأننا نعيش مطمئنين فاعلين في مجتمعاتنا..

علينا العودة الى الجذور اذا كنا نقر بخساراتنا، وأن نعمل بجد من أجل أن لا تنحدر مجتمعاتنا أكثر وأكثر وهذه مسؤولية كل أفراد المجتمع، بدءاً بالأسرة التي هي اللبنة الأولى في رسم خط سير الابناء ومن ثم توجيههم بما يضمن استمرارهم بالحياة كأفراد فاعلين صالحين، وحين نقول علينا العودة الى الجذور والمحافظة على القديم لا نعني ان ننزوي في نمط التفكير التقليدي والرضوخ للجهل وعدم معرفة حقيقة التجديد والتعامل معه بما يضمن استمرارية الحياة بما هو مطلوب. فاحترام القانون هي ثقافة، واحترام الآخرين ومعرفة حدود حريتك وعدم التجاوز على الاملاك العامة وحق الآخرين كل هذه هي ثقافة، عكس ما يظن بعضهم في ان الامساك بكتاب ووضع قلم في الجيب تشير الى ثقافة صاحبها، وما نفع القراءة والكتابة ان لم تغيّر في نمط تصرف الأفراد.
تلك هي الثقافة وما عداها فهي رتوش لا تنفع!!


عبدالكريم العامري
.. 31/05/2023



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى