محمد عباس محمد عرابي - دعاء وحج !!

قبل انتشار الصحف والمجلات الإلكترونية منذ ربع قرن تقريبا دارت أحداث هذه (القصة الحقيقية) ، حيث في صباح أحد الأيام شعر حامد الذي هو في العقد الثالث من عمره، شعر بالضيق فخرج من سكنه بالمدينة التي انتقل إليها من قريته؛ نظرا لطبيعة عمله الجديد ؛حتى يكون قريبًا من مقر العمل ؛خرج لشراء بعض الصحف والمجلات من ميدان المحطة في المدينة الشهير بتواجد بائعي الصحف والمجلات قرابة الساعة التاسعة (صباحًا )، وهو في الطريق أمام أحد مكاتب شركة سياحية للحج والعمرة شاهد حول أحد الاتوبيسات أهالي المعتمرين وهم يودعونهم تمهيدًا لسفرهم بريا من مدينته لمدينة سفاجا ثم لضبا بالمملكة العربية السعودية ،ثم من ضبا لمكة المكرمة ثم المدينة المنورة فدمعت عيناه ،وتمنى لو كان أحد هؤلاء المسافرين لأداء مناسك العمرة ،ولكن أنَّ له ذلك وهو شاب فقير الحال ،فخاطب نفسه قائلًا :إن الله إذا أراد شيئا قال له كن فيكون فاستبشر خيرًا قائلًا عسي الله أن يكرمنا قريبًا بعمرة فهو(سبحانه ) على كل شيء قدير ،المهم وبينما هو واقف أمام بائع الصحف إذ بفتاة في العقد الثاني من عمرها تقف أمام باب محطة القطار ، وتتجه نحوه دون غيره (سبحان الله )!! قائلة له لو سمحت يا أستاذ أريد أن أذهب إلى مبنى التأمين الصحي فقال لها :لماذا ؟ قالت لأعتمد أوراق عملية جراحية لأمي حيث إنها لا تبصر جيدا وستجري عملية جراحية ،قال لها :أما تعرفين كيفية الذهاب إلى هذا المكان ؟قالت لا أنا من محافظة أخرى تبعد من هنا قرابة ثلاث مئة كيلو متر ،على الفور تذكر حامد الحديث النبوي الذي رواه عبدالله بن عمر( رضي الله عنهما )، أن النبي (صلى الله عليه وسلم )قال: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلى من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة ،ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام ،وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل)(1)

على الفور تظاهر حامد للفتاة ،بأنه ذاهب إلى هذا المكان ،وقال لها : حاجتك مقضية إن شاء الله ،وأوقف سيارة أجرة (تاكسي )وركب هو بجوار السائق ،وجلست الفتاة في المقعد الخلفي ؛لتطمئن الفتاة ،ولما وصلا إلى مبنى التأمين الصحي طلب من الفتاة الانتظار أمام المبنى ،ودخل بنفسه واعتمد الأوراق للفتاة وخرج إليها ،وقال لها :إلى أي مكان تودين الذهاب إليه الآن؟ قالت :شكرا يا أستاذ ،أود الذهاب إلى مستشفى كذا حيث أمي محجوزة هناك ،قال حامد حتى يطمئن الفتاة :إن المكان قريب من مكان أود الذهاب إليه ،وبالفعل أو قف حامد سيارة تاكسي بعد أن اشترى طعاما للفتاة وأمها وأوصل الفتاة إلى غرفة أمها بالمستشفى ،وقالت الفتاة لأمها :أمي الشاب الطيب هذا ختم لك الأوراق ،فقالت الأم لحامد : كأني أعرفك من أنت؟ قال حامد وهو يريد طمأنتها، وهو يكتم دموعه :أنتِ تعرفيني جيدًا (أنا الخير الذي كنت تقدمينه للناس ) اسمي فاعل خير !!،قالت الأم :اللهم ارض عن فاعل الخير ،واجعل طريقه لبلاد الحجاز وارزقه بحجة (ويكأنها كانت مع حامد في حواره لنفسه صباح اليوم !!!) ،وبعد أيام بالفعل تعاقد حامد مع إحدى الشركات للعمل ببلاد الحجاز، وحج بيت الله الحرام في نفس العام وأدى مناسك العديد من العمرات !!



(1) أخرجه ابن أبى الدنيا في كتاب قضاء الحوائج (ص 47، رقم 36) وحسنه الألباني (صحيح الجامع، 176)

*رابطة اﻷدب الاسلامى العالمية | مقالات | دعاء وحج..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى