د. محمد سعيد شحاتة - غريب في احتفال ليلة الميلاد

نافورةٌ راقصةْ
طفلٌ يعيد طلفةً من أمها نافرةْ
أنثى تغني في خفوتٍ لحبيبٍ غائبٍ
وبقايا دموعٍ في عيونٍ عاشقةْ
فتىً يغازل الفتاةَ حين تبدو شاردةْ
رقصٌ لأطفالٍ
وأضواءٌ
وساحةٌ تغصُّ بالآتين والماضين
ألوانٌ على الأرضِ تحكي عن تواريخ
تحكي عن ثقافاتٍ
وأيامٍ لها روحُ الحكايات الأثيرةْ
تروي الأساطير التي كانت هنا
تداعب الخيالَ
تحتفي بما تبقى في زوايا الذاكرة
من شظايا أحجياتٍ غائماتٍ
أمنياتٍ فائتاتٍ
عن بداياتٍ عسيرةْ
وضِحْكةٌ مباغتةْ
وخطىً مثَّاقلةْ
ونظرةٌ للأفق تبدو باهتةْ
وأنت يا مدينة النيون والمزاهرِ
عروسُ هذا اليوم
نجمٌ في عيون الحاضرين
تباغتين بالورود والنيون أعينًا مغامرةْ
وأعينٌ مع الحنين ساهرةْ
وحين تمنحين يا مدينة النيون والمزاهرِ
عباءةَ الغريب للغريب
لكي يواصل المسيرة المريرة
تبوح عيناك اللتان صِيغتا من الجواهرِ
لكنه بوحُ العنيدِ قابضًا على قلب الغريب
كالفريسة الصغيرة
وهو راقصٌ على الأسلاكِ في سيركِ الحياة
يخافُ أن يعودَ خاليَ الوفاضِ للحبيبة
تقول حين صافحتْ عيناه خدَّيها
وحين لامستْ خدَّاه لآلي الكحلِ في عينيْ أميرةْ:
تعود في عينيكَ أحلامٌ نسجناها
جديلةً.. جديلةْ
تعود في يديكَ أحلامي
وأحلامُ الصغار
ونحن في انتظار
تعود مثلما يعودُ فارسٌ متوَّجًا
تعودُ مثلما يعود الفاتحون.
يخافُ أن يتوه في سراديب الممراتِ المريبةْ
يراودُ الأوهام والأطياف والأشباح
في مدينة تغصُّ بالتاريخِ في حقائب السفرْ
وفي رسالةٍ أخيرةٍ تضجُّ بالحنين
تئنُّ أحرفُ الحبيبة:
عُدْ لم نعُدْ نراودُ الأحلامَ
جفَّ الدمعُ في عينيَّ
والأشواقُ تقتلُ البواقي من الملامحِ
وفي شقوق الروح أشواكٌ
وفي الضلوع شرخٌ لم أعدْ أطيقه
والصغارُ صاروا يحلمون بالرحيلِ
إلى مدائن الصقيع
مثلما يراود الرحيلُ جيلا بعد جيل.
لكنه مضى يصارعُ الأيامَ
كيما يستعيدَ الطفلَ في عينيه
أو يعيد للحبيبة الحلمَ الصغيرَ في عينيْ أميرةْ
تلك الشعيراتُ التي تزيِّن الفوْدَيْنِ بالنُّوَّارِ
تحكي عن سنابك الخيل التي مرَّتْ
على جدرانِ قلبٍ مُثْخَنٍ بالشوقِ
تحكي عن ممرَّاتِ الأفاعي فوق جدران الضلوعِ
في الليالي المظلمةْ
الليل يا مدينة النيون والمزاهرِ
بعيدةٌ نجومُهُ
عميقةٌ جراحُهُ
وغائرٌ بين الضلوعِ نصلُهُ
وأنتِ تمنحين يا مدينتي
عباءةَ الغريب للغريب
لكي يواصل المسيرةَ المريرةْ
ولم تقولي يا مدينتي له
عن الألى قضوْا على الطريق سائرين

_______________________________
ديوان: رحلة الأخاديد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى